أزمة غذاء خانقة وسوء تغذية حاد

الأمم المتحدة تحذر: استمرار الأعمال العدائية في غزة يفاقم معاناة المدنيين وسوء التغذية

profile
  • clock 13 أغسطس 2025, 1:44:35 م
  • eye 435
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
تعبيرية

محمد خميس

في بيان عاجل، حذر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) من أن استمرار الأعمال العدائية في قطاع غزة يعرّض المدنيين لخطر متزايد، في ظل تفاقم أزمة سوء التغذية ونقص الغذاء والمياه، ما يهدد حياة مئات الآلاف من السكان، خاصة الأطفال والنساء وكبار السن.

تصاعد العنف واستهداف المدنيين

أكد مكتب الأمم المتحدة أن العمليات العسكرية الإسرائيلية المستمرة في غزة، بما في ذلك القصف الجوي والمدفعي والاشتباكات المسلحة، أسفرت عن مقتل وإصابة الآلاف من المدنيين، وتدمير واسع للبنية التحتية الأساسية. كما أشار التقرير إلى أن الأحياء السكنية، والمستشفيات، والمدارس، ومراكز الإيواء تتعرض لاستهداف مباشر أو غير مباشر، مما يفاقم الأزمة الإنسانية.

ويضيف المكتب أن استمرار هذه الهجمات، في ظل الحصار المفروض على القطاع، يمنع وصول المساعدات الإنسانية الضرورية، ويجعل من الصعب على فرق الإغاثة أداء مهامها، الأمر الذي يضاعف المخاطر على حياة المدنيين.

أزمة غذاء خانقة وسوء تغذية حاد

بحسب التقرير، فإن الوضع الغذائي في غزة وصل إلى مرحلة حرجة، حيث يواجه أكثر من مليون شخص نقصاً حاداً في الغذاء. وأكد المكتب أن سوء التغذية بات يهدد حياة الآلاف، خاصة الأطفال دون سن الخامسة، الذين يعانون من نقص حاد في البروتينات والفيتامينات الضرورية للنمو.

وأشار التقرير إلى أن العديد من العائلات في غزة باتت تضطر إلى تقليل وجباتها اليومية أو الاكتفاء بوجبة واحدة في اليوم، وغالباً ما تكون غير كافية من حيث القيمة الغذائية. كما لفت إلى أن المستشفيات تعاني من نقص حاد في حليب الأطفال والمكملات الغذائية، الأمر الذي يعرض حياة الرضع للخطر.

تأثير الأزمة على الأطفال

أوضح مكتب الأمم المتحدة أن الأطفال هم الفئة الأكثر تضرراً من الأزمة الحالية، حيث يعانون ليس فقط من الجوع وسوء التغذية، بل أيضاً من الصدمات النفسية الناتجة عن مشاهد العنف وفقدان الأهل والأصدقاء.

ووفقاً للتقرير، فإن مئات الآلاف من الأطفال في غزة باتوا غير قادرين على مواصلة التعليم بسبب تدمير المدارس أو استخدامها كمراكز إيواء، بالإضافة إلى فقدان القدرة على التركيز أو التحصيل العلمي نتيجة الإجهاد النفسي ونقص الغذاء.

البنية التحتية الصحية على وشك الانهيار

أشار المكتب إلى أن القطاع الصحي في غزة يواجه انهياراً وشيكاً نتيجة الاستهداف المتكرر للمستشفيات ونقص الإمدادات الطبية. وقد أدى انقطاع الكهرباء ونقص الوقود إلى توقف العديد من الأجهزة الطبية الحيوية، بما في ذلك أجهزة الحضانة للأطفال الخدج وأجهزة التنفس الصناعي.

كما حذر من أن استمرار القتال سيؤدي إلى زيادة انتشار الأمراض المعدية، مثل الإسهال والتهابات الجهاز التنفسي، والتي تزداد خطورتها في ظل سوء التغذية وضعف المناعة.

عرقلة وصول المساعدات الإنسانية

أكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن القيود المفروضة على دخول المساعدات إلى غزة، بما في ذلك الغذاء والدواء والمياه، أدت إلى تفاقم الأزمة بشكل غير مسبوق.

وأوضح أن عمليات التفتيش المطولة على المعابر، ومنع دخول بعض الشحنات، واستهداف طرق الإمداد، كلها عوامل أسهمت في تأخير وصول الإمدادات، مما تسبب في نفاد المخزون في العديد من المستودعات والمراكز الصحية.

الدعوة إلى وقف فوري للأعمال العدائية

في ختام بيانه، دعا المكتب جميع الأطراف إلى وقف فوري للأعمال العدائية، وفتح ممرات إنسانية آمنة ودائمة تسمح بإدخال المساعدات إلى جميع مناطق القطاع بلا قيود. كما شدد على ضرورة حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية، وفقاً للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف.

كما ناشد المجتمع الدولي التحرك العاجل لتوفير التمويل اللازم لبرامج الإغاثة، مشيراً إلى أن نقص التمويل يعيق قدرة وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية على تلبية الاحتياجات العاجلة للسكان.

المجتمع الدولي أمام اختبار إنساني

يرى مراقبون أن الوضع في غزة يمثل اختباراً حقيقياً للمجتمع الدولي وقدرته على حماية المدنيين في مناطق النزاع. ويؤكدون أن استمرار الصمت أو الاكتفاء ببيانات القلق لن يغير من واقع المأساة الإنسانية، بل سيشجع على استمرار الانتهاكات.

كما يحذر خبراء الإغاثة من أن استمرار هذه الظروف قد يؤدي إلى مجاعة شاملة في القطاع، خصوصاً إذا لم يتم إدخال كميات كافية من المواد الغذائية الأساسية والمياه الصالحة للشرب بشكل عاجل.

شهادات من الميدان

تحدث بعض سكان غزة للمنظمات الإنسانية عن معاناتهم اليومية، حيث قال أحدهم: "نقف ساعات طويلة في طوابير للحصول على القليل من الخبز أو الماء، وفي النهاية قد لا نحصل على شيء"، بينما أكدت أم لخمسة أطفال أنها تضطر لتوزيع قطعة خبز واحدة على جميع أبنائها في اليوم.

هذه الشهادات تجسد حجم الكارثة التي يعيشها المدنيون، وتوضح أن الوضع تجاوز حدود الأزمة الإنسانية ليصل إلى كارثة تهدد بقاء السكان على قيد الحياة.

إن تحذيرات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية تعكس خطورة الوضع في غزة، حيث يواجه المدنيون خطر الموت جوعاً أو تحت القصف في ظل غياب أي أفق لحل سياسي أو إنساني عاجل.

المطلوب اليوم هو تحرك دولي فوري وفاعل لوقف نزيف الدم، وضمان وصول المساعدات إلى كل محتاج، والعمل على وضع حد للحصار المستمر، لأن استمرار هذه المعاناة لن يترك سوى جراح عميقة في جسد الشعب الفلسطيني، وجيل كامل مهدد بالضياع.

التعليقات (0)