تكبير الخط تصغير الخط

مع تصاعد التوتر بين إيران و"إسرائيل"، برزت ملامح استراتيجية عسكرية أمريكية جديدة يعاد تسويقها تحت عنوان: "عقيدة ترامب"، وهي تقوم على ثلاث ركائز:

1. مصلحة أمريكية واضحة.
2. محاولة حل الأزمة دبلوماسياً.
3. استخدام القوة الساحقة ثم الانسحاب فوراً، دون الالتزام بوجود طويل أو إعادة إعمار أو تحالفات مرهقة.

🔺 الضربة الجوية الأخيرة على منشآت إيرانية نووية بطائرات B-2 الشبحية، تمثل التطبيق العملي الأوضح لهذه العقيدة، إذ نفذت واشنطن ضربتها، وأعلنت بعدها عن وقف لإطلاق النار، وعودة للمسار الدبلوماسي.

لكن هذا التحرك يطرح عدة تساؤلات عسكرية:

 1. ماذا تعني "القوة الساحقة"؟

تُشير العقيدة إلى ضربات دقيقة عالية التأثير، تستهدف البنية التحتية الحرجة، دون التورط في إسقاط أنظمة أو احتلال أرض. وهي فلسفة تستلهم عمليات مثل:

تصفية سليماني 2020،
قتل البغدادي،
ضربات محدودة ضد الحوثيين.

2. المدى العملياتي والسياسي للعقيدة

تقوم على قاعدة "اضرب ثم انسحب"، مما:

يعزز الردع اللحظي دون التورط السياسي.
يقلل من نفقات الحروب الطويلة.
يناسب البيئة الانتخابية الأمريكية التي ترفض المغامرات الخارجية.

3. تحديات على الأرض

رغم وضوح الشكل العملياتي، فإن هذه العقيدة تصطدم بتعقيدات أبرزها:

عدم القدرة على تغيير سلوك العدو الاستراتيجي.
مخاطر الرد الانتقامي غير المتكافئ (كرد إيران على الغارات).
هشاشة الهدنة بعد الضربة ما لم تُتبع بتحرك دبلوماسي حاسم.

4. هل هي "عقيدة حقيقية" أم ارتجال لحظي؟

محللون مثل آرون ديفيد ميلر ومؤسسات مثل "كارنيغي" يرون أن ترامب لا يملك عقيدة استراتيجية متماسكة، بل يتصرف بالحدس ورد الفعل.

لكن بالمقابل، يرى أنصاره أن هذه "عقيدة هجومية فعالة" تُبرز "السلام من خلال القوة"، وتستعرض القدرات العسكرية دون نزيف دماء أمريكي.

5. ما موقع هذه العقيدة في خارطة المواجهة مع إيران؟

إن استئناف المحادثات مع طهران بعد الضربات يثير احتمال أن تكون الضربة مجرد أداة ضغط تفاوضي، وليست بداية مواجهة شاملة. لكنها تفتح الباب أمام:

ردود غير متوقعة من طهران أو أذرعها.

تصعيد إقليمي قد يجرف "إسرائيل" والولايات المتحدة إلى حرب غير مرغوبة.

نحن أمام مذهب أمريكي عسكري قيد التبلور، عنوانه:
"استخدم المطرقة، ثم انسحب قبل أن تسقط السقف عليك".