-
℃ 11 تركيا
-
14 يونيو 2025
"عربات جدعون" بين مطرقة الخطة الإسرائيلية وسندان المبادرة المصرية: خيار الحرب المفتوحة أم مسار التهدئة؟
"عربات جدعون" بين مطرقة الخطة الإسرائيلية وسندان المبادرة المصرية: خيار الحرب المفتوحة أم مسار التهدئة؟
-
24 مايو 2025, 10:36:25 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
التهجير
180 تحقيقات
تحرير: رامي أبو زبيدة – رئيس التحرير
في خطوة مفصلية تنذر بتصعيد غير مسبوق، صادقت الحكومة الإسرائيلية في 5 مايو الجاري على تنفيذ خطة "عربات جدعون"، وهي الخطة التي أعدها الجيش الإسرائيلي وتتمحور حول احتلال قطاع غزة بشكل كامل، القضاء على حماس عسكريًا، وترحيل سكان القطاع نحو الجنوب كمرحلة انتقالية تمهيدًا لتشجيع هجرتهم خارج غزة، وفق ما كشفه تقرير تحليلي نشره "معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي" (INSS).
المخطط الإسرائيلي: اجتياح شامل وتكاليف باهظة
تقوم خطة "عربات جدعون" على فرضية عسكرية-ديمغرافية جذرية: إجلاء نحو مليوني فلسطيني إلى منطقة صغيرة جنوب قطاع غزة، تقع بين محوري "فيلادلفيا" و"موراج"، لإنشاء منطقة عمليات عسكرية خالية من السكان، تتيح للجيش الإسرائيلي تنفيذ عمليات تطهير واسعة ضد البنية التحتية لحماس، بالتوازي مع توزيع مساعدات إنسانية تحت إشراف أمني إسرائيلي مباشر عبر شركات أجنبية، بما يعزل حماس عن المدنيين ويحد من مواردها.
ورغم أن أهداف الخطة المعلنة هي القضاء على حماس وإعادة المختطفين، إلا أن التحليل الإسرائيلي يُقرّ بتكاليف هائلة ومخاطر متعددة: احتمال مقتل بعض المختطفين أو فقدان أماكنهم، ارتفاع الخسائر البشرية في صفوف الجيش، اهتزاز الاقتصاد الإسرائيلي بكلفة تقدر بعشرات المليارات من الشواكل، إضافة إلى تداعيات قانونية دولية قد ترقى إلى تهم "التطهير العرقي" و"الإبادة الجماعية"، نتيجة نقل السكان قسريًا وتجويعهم.
تناقض داخلي وخارجي: إسرائيل في مواجهة أزماتها
يشير التقرير إلى أن إسرائيل تُقدم على خطة "عربات جدعون" في وقت تزداد فيه هشاشتها الداخلية، حيث التوترات السياسية والانقسام الاجتماعي يعمّقان أزمة الشرعية في الداخل، بالتوازي مع فقدان إسرائيل لمساحات المناورة الدبلوماسية في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي بات يُولي الأولوية للصفقات الخليجية والاستقرار الإقليمي على حساب الأجندة الإسرائيلية المتشددة.
كما أن احتمالية "الهجرة الطوعية" التي تراهن عليها الخطة تفتقر لأي أساس واقعي، في ظل غياب دول مستعدة لاستقبال أعداد كبيرة من الفلسطينيين، وضغوط متوقعة من دول الخليج لإجهاض هذه الخطوة.
البديل المصري: تهدئة شاملة بشروط سياسية
في مقابل خطة الاحتلال الإسرائيلي، يبرز المقترح المصري المدعوم عربيًا ودوليًا كبديل دبلوماسي يستند إلى وقف إطلاق النار، والإفراج عن جميع المختطفين، وتشكيل حكومة تكنوقراط فلسطينية تحل محل حكومة حماس، بإشراف السلطة الفلسطينية، وبدعم من قوات أمن فلسطينية وعربية، وتمويل عربي ودولي لإعادة إعمار القطاع.
رغم أن المقترح لا يقدم حلاً قاطعًا لمسألة سلاح حماس، إلا أن التقرير يكشف عن استعداد أطراف عربية (مثل مصر والإمارات) لتوفير ضمانات أمنية لإسرائيل، تشمل نشر قوات عربية، إنشاء آليات مراقبة صارمة، وإعطاء إسرائيل حرية التحرك في مناطق محددة.
خياران أمام إسرائيل: نصر دموي أم مكسب سياسي؟
يرى التقرير أن إسرائيل تواجه مفترق طرق استراتيجيًا: إما المضي قدمًا بخطة "عربات جدعون" التي قد تنتهي بإنهاك عسكري وسياسي واقتصادي دون حسم حقيقي، أو قبول المقترح المصري الذي يمنحها مخرجًا مشرفًا يُعيد المختطفين ويثبت استقرار غزة، ويفتح باب التطبيع مع السعودية.
لكن غياب نقاش داخلي منظم حول الخطة والبدائل، سواء على مستوى القيادة أو الإعلام الإسرائيلي، يكشف هشاشة القرار السياسي في تل أبيب، ويعكس انسداد الأفق الاستراتيجي في مواجهة تداعيات حرب استنزفت إسرائيل منذ أكتوبر 2023.









