تداعيات دولية محتملة

عاجل | نقيب احتياط إسرائيلي: رفض الخدمة في غزة هو السبيل الوحيد لإنقاذ إسرائيل

profile
  • clock 30 أغسطس 2025, 2:35:35 م
  • eye 426
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
تعبيرية

محمد خميس

في تطور لافت وغير مسبوق، نشر نقيب احتياط في الجيش الإسرائيلي مقالًا في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، اعتبر فيه أن رفض الخدمة العسكرية في غزة بات السبيل الوحيد لإنقاذ إسرائيل من الانهيار الداخلي والخارجي، في ظل ما وصفه بـ "حكومة متهورة لا تعترف بحدود قوتها".

انتقادات غير مسبوقة من داخل المؤسسة العسكرية

أكد الضابط الإسرائيلي أن الحرب المستمرة على غزة أثبتت فشل القيادة السياسية والعسكرية في وضع خطط واضحة لإنهاء العمليات القتالية، مشيرًا إلى أن الجنود يقاتلون دون أفق، وأن أوامر القيادة العليا لا تحمل أي تصور لوقف الحرب أو لفتح مسار سياسي يضمن أمن الإسرائيليين على المدى البعيد.

وقال: "نحن نقاتل لأن قادتنا لم يخططوا للتوقف أبدًا، وهو ما يجعل المعركة عبثية ويطيل أمد نزيف الدم من الجانبين."

غزة.. منطقة بلا قانون

كشف النقيب في مقاله أن غزة تحولت خلال الأشهر الأخيرة إلى ما وصفه بـ"منطقة بلا قانون"، حيث تغيب المساءلة بشكل شبه كامل، مضيفًا أن العديد من الانتهاكات التي يرتكبها الجنود تمر دون عقاب، ما يؤدي إلى فقدان السيطرة وانعدام الانضباط العسكري.

وأشار إلى أن هذا الانفلات يضر بصورة الجيش الإسرائيلي أمام المجتمع الدولي، ويعرض إسرائيل لمزيد من العزلة السياسية والانتقادات الحقوقية، خصوصًا مع تزايد تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية حول الجرائم المرتكبة بحق المدنيين.

لا مستقبل مع حكومة متهورة

هاجم الضابط الإسرائيلي الحكومة الحالية برئاسة بنيامين نتنياهو، واصفًا إياها بـ"الحكومة المتهورة" التي تعيش حالة إنكار لحدود قوتها، مضيفًا أن استمرار الحرب على غزة دون استراتيجية للخروج منها يعني أن إسرائيل تُقاد نحو مستقبل مظلم.

وأكد أن "القيادة السياسية باتت مدمنة على الاحتلال، ولا تعرف سوى التدمير وسحق المدنيين دون التفكير في حلول بديلة"، محذرًا من أن خطة إعادة احتلال غزة ليست سوى استمرار لدوامة العنف، ولن تحقق الأمن المزعوم.

خطة إعادة احتلال غزة.. إدمان لا ينتهي

تناول المقال ما وصفه الضابط بـ"إدمان الاحتلال"، موضحًا أن الخطط الإسرائيلية التي يجري الحديث عنها لإعادة احتلال غزة بالكامل ليست إلا استنساخًا لفشل استراتيجي متكرر منذ عقود.

وقال: "إن الاستمرار في سياسة السيطرة العسكرية المطلقة على غزة يضع الجيش في مواجهة لا تنتهي، ويستنزف طاقات الدولة، بينما يعزز مقاومة الشعب الفلسطيني الذي يزداد إصرارًا مع كل يوم من القصف والحصار."

ضابط احتياط يدعو للعصيان

اللافت في المقال أن النقيب الإسرائيلي لم يكتفِ بالانتقاد، بل دعا بشكل مباشر إلى رفض الخدمة العسكرية في غزة، معتبراً أن "العصيان العسكري" هو السبيل الوحيد لإجبار القيادة على تغيير سياساتها.

وأضاف: "نحن كجنود نملك القدرة على وقف آلة الحرب إذا رفضنا الاستمرار في تنفيذ أوامرها، وهذا القرار قد ينقذ إسرائيل من الانتحار السياسي والأخلاقي."

انعكاسات المقال في الداخل الإسرائيلي

أثار المقال جدلًا واسعًا داخل إسرائيل، حيث اعتبره محللون بمثابة تعبير علني عن الشرخ المتزايد بين الحكومة والجيش، خصوصًا مع تزايد الانتقادات من ضباط الاحتياط الذين يتحملون العبء الأكبر في العمليات البرية داخل غزة.

ويرى مراقبون أن نشر مثل هذا المقال في صحيفة عالمية مرموقة كـ"نيويورك تايمز" يحمل دلالات قوية، أبرزها أن المعارضة الداخلية للحرب لم تعد محصورة في أوساط النشطاء المدنيين أو الأكاديميين، بل بدأت تتغلغل داخل المؤسسة العسكرية نفسها.

أزمة ثقة بين الجيش والحكومة

بحسب تقارير إسرائيلية، فإن نسبة كبيرة من جنود الاحتياط باتوا يشعرون بأنهم يُستخدمون كأداة سياسية بيد الحكومة الحالية، دون أن يكون هناك هدف استراتيجي واضح للحرب.
وقد أظهرت استطلاعات للرأي في الداخل الإسرائيلي أن الثقة بالقيادة السياسية تراجعت بشكل كبير، خصوصًا فيما يتعلق بإدارة الحرب على غزة وتداعياتها الاقتصادية والأمنية.

تداعيات دولية محتملة

من شأن تصريحات النقيب الإسرائيلي أن تعزز من مواقف الدول والمنظمات الدولية التي تطالب بوقف الحرب على غزة ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة بحق المدنيين.
ويرى خبراء أن هذه الاعترافات قد تُستخدم في المحافل الدولية كدليل على غياب المساءلة داخل الجيش الإسرائيلي، ما يزيد الضغوط على تل أبيب ويفتح الباب أمام تحركات قضائية على مستوى المحكمة الجنائية الدولية.

إسرائيل بين مأزقين

تواجه إسرائيل الآن مأزقًا مزدوجًا: الأول يتعلق بالانتقادات الداخلية المتزايدة من جنود وضباط الاحتياط الرافضين لسياسات الحكومة، والثاني يتمثل في التصاعد غير المسبوق للغضب الدولي إزاء الجرائم المرتكبة في غزة.
ويرى مراقبون أن استمرار هذه السياسة سيدفع إسرائيل نحو عزلة أعمق، وقد يعرضها لمزيد من العقوبات والمقاطعة على المستويين السياسي والاقتصادي.

جاء مقال النقيب الإسرائيلي في "نيويورك تايمز" بمثابة جرس إنذار قوي للحكومة والجيش على حد سواء، إذ كشف عن حجم الأزمة التي تعصف بالمجتمع الإسرائيلي من الداخل، وأكد أن الحرب على غزة لم تعد مجرد معركة عسكرية، بل تحولت إلى صراع يهدد كيان الدولة ومستقبلها السياسي.

وبينما يستمر القتال في غزة بلا أفق، يبدو أن دعوة الضابط لرفض الخدمة قد تكون بداية مرحلة جديدة من الانقسام الداخلي الإسرائيلي، في وقت تتزايد فيه المطالب الدولية بإنهاء الحرب والدخول في مسار سياسي يحقق العدالة والأمن لجميع الأطراف.

التعليقات (0)