-
℃ 11 تركيا
-
3 سبتمبر 2025
عاجل | الاتحاد الأوروبي يدعو واشنطن لإعادة النظر في قرار رفض تأشيرات مسؤولين فلسطينيين
موقف المجتمع الدولي الأوسع
عاجل | الاتحاد الأوروبي يدعو واشنطن لإعادة النظر في قرار رفض تأشيرات مسؤولين فلسطينيين
-
30 أغسطس 2025, 7:06:50 م
-
428
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
كالاس
محمد خميس
في خطوة أثارت جدلًا سياسيًا واسعًا، دعا الاتحاد الأوروبي اليوم السبت، الولايات المتحدة الأميركية إلى إعادة النظر في قرارها القاضي برفض منح تأشيرات لمسؤولين فلسطينيين كانوا يعتزمون المشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة المقررة في نيويورك خلال أيلول/سبتمبر المقبل.
وجاء الموقف الأوروبي ليؤكد اتساع الهوة بين واشنطن وحلفائها الأوروبيين في مقاربة الملف الفلسطيني، خاصة في ظل التصعيد المستمر بالمنطقة.
خلفية القرار الأميركي
كانت وزارة الخارجية الأميركية قد أعلنت، مساء الجمعة، قرارها إلغاء ورفض منح التأشيرات لعدد من أعضاء منظمة التحرير الفلسطينية ومسؤولين في السلطة الفلسطينية، ما يحرمهم من المشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. وبررت واشنطن هذا الموقف بأسباب تتعلق بموقفها السياسي الثابت ضد الاعتراف بدولة فلسطين، وبانسجامها مع السياسات الإسرائيلية الرافضة لهذا الاعتراف.
ويأتي هذا القرار في وقتٍ تتحضر فيه دول أوروبية كفرنسا، إلى جانب عدة دول أخرى، لإعلان اعترافها الرسمي بدولة فلسطين خلال اجتماعات الأمم المتحدة المقبلة، ما يفسر حساسية الموقف الأميركي وتماهيه مع الرؤية الإسرائيلية.
الموقف الأوروبي: القانون الدولي أولًا
خلال اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في العاصمة الدنماركية كوبنهاغن، شددت مسؤولة السياسة الخارجية الأوروبية كايا كالاس على ضرورة التراجع عن القرار الأميركي، مؤكدة أن “القانون الدولي يجب أن يكون المرجعية الأساسية”، وأن مقر الأمم المتحدة في نيويورك يمثل مساحة حياد دبلوماسي لا يجوز منع أي طرف من الوصول إليها.
وأضافت كالاس أن الاتحاد الأوروبي ينظر إلى هذا القرار باعتباره سابقة خطيرة قد تفتح الباب أمام تقييد مشاركة وفود دولية أخرى مستقبلًا، وهو ما يتعارض مع مبادئ الأمم المتحدة التي تضمن حرية تمثيل الدول والشعوب على أراضيها.
فرنسا ولوكسمبورغ: رفض قاطع للقرار الأميركي
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو أدان بشدة القرار الأميركي، معتبرًا أن “مقر الأمم المتحدة هو حرم دولي في خدمة السلام”، ولا يجوز لأي دولة مضيفة أن تفرض قيودًا سياسية على حضور الاجتماعات الأممية. وأكد أن الجمعية العامة للأمم المتحدة يجب أن تظل منبرًا جامعًا، بعيدًا عن الحسابات الضيقة.
من جهته، عبّر وزير خارجية لوكسمبورغ كزافييه بيتيل عن استيائه من القرار الأميركي، معتبرًا أنه “لا يمكن أن يكون المجتمع الدولي رهينة لموقف سياسي أحادي الجانب”، واقترح إمكانية عقد جلسة خاصة للجمعية العامة في جنيف، بما يضمن حضور الوفد الفلسطيني إذا استمر المنع الأميركي.
إجماع أوروبي نادر
اللافت أن هذا الملف شكّل واحدة من القضايا القليلة التي حصلت على إجماع أوروبي بين وزراء خارجية الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد، في وقت يعاني فيه الاتحاد من تباينات عميقة حول كيفية التعامل مع إسرائيل وملف الحرب في غزة. ويؤكد محللون أن هذا التوافق يعكس إدراك الأوروبيين لخطورة تسييس الأمم المتحدة وتحويلها إلى أداة ضغط بيد واشنطن وحلفائها.
انعكاسات القرار على صورة الولايات المتحدة
يرى مراقبون أن قرار رفض منح تأشيرات للمسؤولين الفلسطينيين يضر بصورة الولايات المتحدة كدولة مضيفة للأمم المتحدة، إذ يُفترض أن تلتزم واشنطن بضمان وصول جميع الوفود إلى الأراضي الأميركية للمشاركة في الاجتماعات الأممية. ويخشى دبلوماسيون أن يؤدي هذا الموقف إلى إضعاف الثقة بالنظام الأممي، وإلى بروز مطالب بنقل بعض مؤسسات الأمم المتحدة إلى مقرات أخرى مثل جنيف أو فيينا.
الفلسطينيون: استهداف ممنهج لقضيتنا
على الجانب الفلسطيني، اعتبرت أوساط رسمية أن هذا القرار يأتي في إطار الانحياز الأميركي المطلق لإسرائيل، ومحاولة إقصاء الفلسطينيين من أي منبر دولي يمكن أن يتيح لهم عرض قضيتهم. وأكدت أن واشنطن بهذا السلوك تضرب عرض الحائط بالقوانين الدولية، وتستهدف منع الأصوات الفلسطينية من الوصول إلى المجتمع الدولي.
كما أشار محللون فلسطينيون إلى أن هذه الخطوة تعكس خشية الإدارة الأميركية من اتساع الاعتراف الدولي بدولة فلسطين، خاصة أن الجمعية العامة المقبلة قد تشهد مواقف تاريخية لصالح القضية الفلسطينية.
تقارب أميركي – إسرائيلي أكبر
يرى خبراء أن هذا الموقف الأميركي يقرّب إدارة الرئيس الأميركي السابق والحالي (حسب السياق السياسي المرتبط بترامب) من الموقف الإسرائيلي الرافض تمامًا لحل الدولتين، في ظل حكومة إسرائيلية متطرفة تعارض أي اعتراف بدولة فلسطين. ويؤكد هذا أن واشنطن لا تزال تعتبر ملف القضية الفلسطينية جزءًا من أجندتها الداخلية المرتبطة باللوبي الإسرائيلي، أكثر منه ملفًا دوليًا يُدار بمعايير العدالة والقانون الدولي.
التداعيات الدبلوماسية المحتملة
من المتوقع أن يفتح القرار الأميركي بابًا جديدًا للأزمة مع الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، خاصة إذا مضت واشنطن في منع الوفد الفلسطيني من دخول أراضيها. وقد يتطور الأمر إلى مواجهة قانونية ودبلوماسية داخل أروقة الأمم المتحدة، حيث يمكن للأمين العام أن يتدخل لضمان مشاركة الوفود كافة دون استثناء.
كما أن طرح لوكسمبورغ نقل الجلسة إلى جنيف يعكس استعداد بعض الدول الأوروبية لتحدي القرار الأميركي، وهو ما قد يفتح نقاشًا جديًا حول مستقبل استضافة الولايات المتحدة لمقر الأمم المتحدة.
موقف المجتمع الدولي الأوسع
إلى جانب الاتحاد الأوروبي، يتوقع أن تنضم دول أخرى إلى موجة الرفض، خصوصًا تلك التي تؤيد الاعتراف بدولة فلسطين، مثل الصين وروسيا ودول من أميركا اللاتينية وأفريقيا. وقد يؤدي هذا إلى عزلة سياسية متزايدة للولايات المتحدة في المحافل الدولية، ويعمّق الانطباع بأنها لم تعد وسيطًا محايدًا في الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.
قرار الولايات المتحدة برفض منح تأشيرات للمسؤولين الفلسطينيين لحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة يشكّل سابقة خطيرة تتجاوز مجرد الخلافات السياسية، إذ تمس بجوهر مبادئ القانون الدولي وحياد المنظمة الأممية. وفي المقابل، جاء الموقف الأوروبي قويًا وواضحًا برفض القرار والمطالبة بإعادة النظر فيه فورًا.
وبينما يترقب العالم اجتماعات الأمم المتحدة المقبلة، يبقى السؤال مطروحًا: هل ستتراجع واشنطن تحت ضغط المجتمع الدولي وتفسح المجال أمام مشاركة الوفد الفلسطيني؟ أم أنها ستصرّ على موقفها المنحاز لإسرائيل، ما يفتح الباب أمام مواجهة دبلوماسية أوسع قد تغيّر ملامح العلاقة بين الولايات المتحدة والأمم المتحدة، وربما مستقبل استضافة نيويورك لأعمالها؟










