-
℃ 11 تركيا
-
7 أغسطس 2025
طائرات تجسس بريطانية تحلّق فوق غزة وتزوّد الاحتلال بالمعلومات
دعم استخباري يُغذّي المجازر ويؤكد الشراكة في الإبادة
طائرات تجسس بريطانية تحلّق فوق غزة وتزوّد الاحتلال بالمعلومات
-
6 أغسطس 2025, 11:44:37 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
طائرة شادو آر 1 - طائرات تجسس متطورة مزودة بأجهزة استشعار كهروضوئية دقيقة
متابعة: عمرو المصري
كشفت صحيفة ذا تايمز البريطانية أن القوات الجوية البريطانية لا تزال تُسيّر طائرات تجسس فوق قطاع غزة، بزعم "تحديد مواقع الأسرى الإسرائيليين الذين لم يتم الإفراج عنهم بعد". ويأتي هذا في وقتٍ تتصاعد فيه الانتقادات لمشاركة بريطانيا في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، عبر تزويد جيش الاحتلال بمعلومات استخباراتية مباشرة، تُستخدم فعليًا في تنفيذ المجازر ضد المدنيين.
طلعات يومية ومعلومات مباشرة للاحتلال
بحسب تقرير الصحيفة، فإن مسؤولين بريطانيين أكدوا أن الطائرات التابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني (RAF) تجمع معلومات استخباراتية حية حول "تحركات الأسرى"، وتقوم بنقلها مباشرة إلى الاحتلال الإسرائيلي، في إطار ما وصفوه بـ"الجهود لإنقاذ الأسرى". إلا أن هذا التبرير، الذي تحاول لندن من خلاله تبرئة نفسها، لا يصمد أمام الواقع العملي للمجريات على الأرض.
فمن المعروف أن مثل هذه المعلومات الاستخباراتية الدقيقة تُستخدم من قبل جيش الاحتلال، ليس فقط لتحديد أماكن الأسرى، بل أيضًا لتوجيه ضربات جوية وقصف استهدافي لأهداف تدّعي إسرائيل أنها تابعة لحماس، وغالبًا ما تكون هذه الأهداف عبارة عن منازل مدنيين أو مدارس أو ملاجئ، كما حدث مرارًا منذ 7 أكتوبر 2023، وأسفر عن مجازر واسعة، راح ضحيتها عشرات الآلاف من المدنيين، أغلبهم من الأطفال والنساء.
طائرات بريطانية شاركت فعليًا في تعقّب الأهداف
وأوضحت الصحيفة أن طائرات Shadow R1 البريطانية، وهي طائرات تجسس متطورة مزودة بمستشعرات كهروضوئية دقيقة، نفّذت مئات الطلعات فوق غزة منذ بداية الحرب، حيث كانت تقلع من قاعدة "أكروتيري" البريطانية في قبرص. وبينما توقفت هذه الطائرات عن الظهور مؤخرًا، أكدت وزارة الدفاع البريطانية أن "الطلعات الاستخباراتية فوق غزة لا تزال مستمرة".
وأفادت مصادر في سلاح الجو الملكي بأن الطائرات التي استُبدلت بها ما تزال غير معروفة، لكنها تواصل تنفيذ المهام نفسها، فيما تتبع طائرات Shadow R1 للسرب 14 ومقره لينكولنشاير، ويحمل شعارًا باللغة العربية مأخوذًا من القرآن الكريم: "وأفوض أمري إلى الله"، في مفارقة صارخة بين الشعار والممارسة على الأرض.
مشارَكة في المجازر.. رغم النفي الرسمي
رغم ادعاء وزارة الدفاع البريطانية بأن "المعلومات تُنقل فقط لتحديد مواقع الأسرى"، فإن حتى جنرالات بريطانيين سابقين يشكّكون في هذا الادعاء. فقد صرّح اللواء المتقاعد تشارلي هربرت للصحيفة: "من السهل أن نقول إن المعلومات تُستخدم لإنقاذ الأسرى، لكن في الواقع قد تُستعمل أيضًا لتنفيذ ضربات ضد حماس وأطراف أخرى". هذا التصريح يعزز الشكوك حول كون بريطانيا، بشكل مباشر، تشارك في العملية العسكرية الإسرائيلية وتُغذّيها استخباريًا.
كما أكد التقرير أن طائرات تجسس أخرى، مثل Poseidon P8 وRivet Joint، تعمل أيضًا في أجواء المنطقة، وهي طائرات قادرة على اعتراض الاتصالات الأرضية والمنظومات الإلكترونية، ما يُتيح للجيش الإسرائيلي تنفيذ عمليات عسكرية دقيقة بناء على معلومات بريطانية مباشرة.
استمرار التحليق رغم تغيير الحكومة
ورغم أن الحكومة البريطانية الجديدة بزعامة حزب العمال أعلنت عن فرض عقوبات على بعض وزراء حكومة الاحتلال مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، وهددت بالاعتراف بالدولة الفلسطينية في حال لم يتحسن الوضع الإنساني في غزة، إلا أن الدعم العسكري والاستخباري للاحتلال استمر بلا توقف.
وذكرت الصحيفة أن طلعات التجسس اليومية استمرت طوال أشهر الحرب، وهو ما يثير تساؤلات قانونية وأخلاقية، خصوصًا مع التهديد البريطاني بتسليم المعلومات التي جمعتها طائرات التجسس إلى المحكمة الجنائية الدولية، في حال طُلب منها ذلك. لكن المفارقة أن بريطانيا تواصل جمع هذه المعلومات وتسليمها للاحتلال في الوقت ذاته.
دور تاريخي استعماري يتواصل حتى اليوم
ولا يمكن فصل هذا الدور البريطاني عن السياق التاريخي، فالمملكة المتحدة كانت أول من منح الحركة الصهيونية وعدًا رسميًا بالاستيلاء على فلسطين عبر وعد بلفور عام 1917، واليوم، بعد أكثر من قرن، تعود بريطانيا لتؤدي دورًا مركزيًا في الحرب على الشعب الفلسطيني، ليس فقط عبر تصدير الأسلحة إلى الاحتلال، بل عبر تزويده بمعلومات دقيقة تساعده في ارتكاب المجازر على الهواء مباشرة، أمام أنظار العالم.
شراكة في الجريمة
رغم الإنكار الرسمي، فإن المعطيات المتاحة تؤكد أن بريطانيا ليست طرفًا محايدًا، بل فاعل مباشر في الحرب على غزة، سواء من خلال التسليح، أو من خلال التجسس وتقديم المعلومات الاستخبارية لجيش الاحتلال، الذي يستخدمها في قصف الأحياء السكنية، والملاجئ، والمستشفيات. هذه المشاركة تمثل، من الناحية الأخلاقية والقانونية، تواطؤًا فاضحًا في الإبادة الجماعية التي يتعرض لها أكثر من 2.1 مليون فلسطيني، أغلبهم من الأطفال والنساء.
وفي وقت يُتوقع فيه من لندن أن تضغط من أجل وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات، فإنها، مرة أخرى، تجد نفسها في صف الجلاد، لا الضحية.








