الغارات الإسرائيلية وسياسة العقاب الجماعي

شهيدان إحداهما طفلة ومصابون بقصف إسرائيلي استهدف منزلاً في مخيم المغازي وسط قطاع غزة

profile
  • clock 31 أغسطس 2025, 3:20:31 م
  • eye 431
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
تعبيرية

محمد خميس

في جريمة جديدة تضاف إلى سجل الجرائم الإسرائيلية المستمرة بحق المدنيين في قطاع غزة، أفاد مصدر طبي في مستشفى شهداء الأقصى وسط القطاع عن استشهاد فلسطينيين بينهم طفلة، إضافة إلى وقوع عدد من الإصابات، جراء قصف شنته طائرة مسيّرة إسرائيلية على منزل في مخيم المغازي وسط القطاع.

تفاصيل القصف على مخيم المغازي

بحسب شهود عيان، استهدفت طائرة مسيّرة إسرائيلية منزلاً يعود لعائلة فلسطينية في قلب مخيم المغازي، ما أدى إلى تدميره بشكل جزئي، وسقوط عدد من أفراد العائلة بين شهيد وجريح. وأكد المصدر الطبي أن جثامين شهيدين أحدهما طفلة لم تتجاوز السنوات الأولى من عمرها وصلت إلى المستشفى، فيما يتلقى المصابون العلاج اللازم بعضهم في حالة حرجة.

القصف جاء بشكل مفاجئ ودون سابق إنذار، حيث لم يتمكن سكان الحي من إخلاء المنزل أو الاحتماء، وهو ما أدى إلى وقوع خسائر بشرية مباشرة.

مستشفى شهداء الأقصى في مواجهة ضغط متزايد

أوضح المصدر الطبي أن مستشفى شهداء الأقصى في مدينة دير البلح يعاني من ضغط متزايد نتيجة توافد أعداد كبيرة من الجرحى والشهداء بشكل يومي بسبب القصف الإسرائيلي المستمر. ومع محدودية الإمكانات الطبية والأدوية والمستلزمات، فإن الطواقم الطبية تعمل في ظروف بالغة الصعوبة، خاصة مع استهداف الاحتلال المتكرر للمنشآت الصحية ومنع دخول الإمدادات الطبية الكافية.

وأكد الأطباء أن من بين المصابين حالات خطيرة قد ترتفع معها حصيلة الشهداء في أي لحظة، مشيرين إلى أن غالبية الضحايا من الأطفال والنساء وكبار السن الذين لا يملكون أي مكان آمن للجوء إليه.

مخيم المغازي: كثافة سكانية ومعاناة متواصلة

يقع مخيم المغازي وسط قطاع غزة، ويُعتبر واحداً من أكثر المخيمات اكتظاظاً بالسكان حيث يقطنه عشرات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين. وبسبب ضيق المساحة وارتفاع الكثافة السكانية، فإن أي قصف أو استهداف يؤدي إلى خسائر بشرية كبيرة.

المخيم يفتقر إلى بنية تحتية قوية، ما يزيد من حجم الكارثة الإنسانية عند وقوع أي قصف. فالمنازل متلاصقة والشوارع ضيقة، وهذا يعني أن أي قذيفة أو صاروخ يمكن أن يؤدي إلى تدمير عدة بيوت وسقوط عدد كبير من الضحايا في آن واحد.

استهداف المدنيين والأطفال

حادثة استشهاد الطفلة اليوم في مخيم المغازي ليست الأولى، إذ تشير الإحصاءات الحقوقية إلى أن الأطفال في غزة يمثلون نسبة كبيرة من ضحايا القصف الإسرائيلي المستمر منذ أشهر. ويؤكد الحقوقيون أن استهداف الأطفال والنساء بشكل متعمد أو عشوائي يمثل جريمة حرب وفق القانون الدولي الإنساني.

وتسعى المؤسسات الحقوقية المحلية والدولية إلى توثيق هذه الجرائم، لكن محدودية الوصول الميداني وصعوبة عمل الطواقم الصحفية والحقوقية داخل القطاع تجعل من المهمة شديدة التعقيد.

الغارات الإسرائيلية وسياسة العقاب الجماعي

يرى مراقبون أن القصف المتكرر للمنازل في قلب الأحياء السكنية يعكس سياسة العقاب الجماعي التي ينتهجها الاحتلال ضد سكان قطاع غزة. إذ يتم استهداف المدنيين العُزّل بشكل مباشر لإلحاق أكبر قدر من الخسائر البشرية والمادية، في محاولة للضغط على المجتمع الفلسطيني.

ويؤكد القانون الدولي أن استهداف المنازل المدنية دون وجود هدف عسكري مباشر يُعد انتهاكاً صارخاً لمعاهدات جنيف وجرائم حرب تستوجب الملاحقة الدولية.

ردود الفعل المحلية والدولية

على الصعيد المحلي، عبّرت القوى والفصائل الفلسطينية عن إدانتها الشديدة للقصف الإسرائيلي الذي استهدف مخيم المغازي، مؤكدة أن الاحتلال يتحمل كامل المسؤولية عن استشهاد المدنيين الأبرياء. ودعت الفصائل المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لوقف هذه الجرائم وتوفير الحماية للسكان.

أما على المستوى الدولي، فقد أصدرت منظمات حقوقية بيانات تنديد، مشيرة إلى أن استهداف الأطفال والمدنيين في غزة يتكرر بشكل شبه يومي دون أن يواجه الاحتلال أي مساءلة حقيقية، ما يشجعه على مواصلة اعتداءاته.

الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة

تأتي هذه الحادثة في ظل وضع إنساني كارثي يعيشه أكثر من مليوني فلسطيني داخل قطاع غزة. فمع استمرار الحصار وإغلاق المعابر ومنع دخول الإمدادات الأساسية، يواجه السكان نقصاً حاداً في الغذاء والدواء والمياه الصالحة للشرب، إلى جانب انقطاع الكهرباء معظم ساعات اليوم.

ويعيش النازحون في ظروف قاسية داخل مراكز إيواء مكتظة لا تتوفر فيها أبسط مقومات الحياة. ويؤكد خبراء إنسانيون أن استمرار القصف واستهداف المدنيين سيؤدي إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة إذا لم يتحرك المجتمع الدولي بشكل عاجل.

المجتمع الدولي تحت الاختبار

تضع هذه الجرائم المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي، إذ أن استمرار الصمت أو الاكتفاء ببيانات الإدانة لا يوقف آلة الحرب الإسرائيلية. ويطالب الفلسطينيون بمواقف عملية مثل فرض عقوبات على الاحتلال، أو إحالة ملف الجرائم إلى المحكمة الجنائية الدولية، لضمان محاسبة المسؤولين ومنع تكرار هذه الجرائم.

حادثة استشهاد فلسطينيين بينهم طفلة في مخيم المغازي وإصابة آخرين بقصف مسيرة إسرائيلية على منزل سكني، تجسد مجدداً حجم المأساة الإنسانية التي يعيشها قطاع غزة تحت القصف والحصار. إنها ليست مجرد أرقام، بل أرواح بريئة تُزهق يومياً في ظل عجز دولي وصمت مريب.
ويبقى السؤال المطروح: إلى متى سيظل سكان غزة يدفعون ثمن العدوان، دون حماية أو تدخل يوقف نزيف الدم المتواصل؟

التعليقات (0)