سلاح خفي بيد المقاومة: كيف حوّلت غزة الركام إلى حاجز ضد الذكاء الاصطناعي؟

profile
  • clock 12 يوليو 2025, 8:45:17 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

مع استمرار العدوان الإسرائيلي المدمر على قطاع غزة، كشف تقرير نشره الباحث في الشأن العسكري والأمني، الدكتور رامي أبو زبيدة، عبر منصة «شؤون عسكرية» على تليجرام، عن تحول الدمار الهائل إلى «سلاح خفي» بيد المقاومة، يقلب المعادلات ويعطل منظومات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا العسكرية المتقدمة التي راهن عليها جيش الاحتلال في عملياته البرية.

ففي الأشهر الأولى من حرب الإبادة التي شنّتها إسرائيل على غزة، دمّر القصف الممنهج كل بنية تحتية تقريبًا، معتقدًا أنه سيحوّل القطاع إلى مسرح مفتوح سهل المراقبة والسيطرة، لكن النتيجة جاءت معاكسة تمامًا. الركام الكثيف غيّر شكل البيئة القتالية جذريًا، فأربك القوات الإسرائيلية وأبطأ قدرتها على التكيف والاستيعاب، معطلًا فعالية معداتها وأجهزتها الذكية في كشف الأهداف ورصد التحركات وتمشيط الأنفاق والشراك الخداعية.

تكنولوجيا مشلولة

يشرح “أبو زبيدة” أن الذكاء الاصطناعي العسكري الإسرائيلي يعتمد على صور أقمار صناعية عالية الدقة وخرائط ثلاثية الأبعاد للمباني والشوارع، جُمعت قبل الحرب. لكن بعد الدمار الشامل، فقدت هذه البيانات أي صلة بالواقع، وتحوّلت إلى مرجعيات خاطئة.

طرق الكاميرات والروبوتات دُمّرت أو سُدّت بالركام، في حين خلقت الأتربة والمعادن المنصهرة والانهيارات «تشويشًا بيئيًا» يربك المجسات وأجهزة الرصد، مولدًا ما يشبه الضجيج الرقمي الذي يعمي أنظمة الذكاء الاصطناعي.

قوات الهندسة الإسرائيلية نفسها تجد صعوبة في تمشيط المناطق أو كشف العبوات الناسفة دون مخاطرة كبيرة، ما يرغمها على الإبطاء أو المغامرة، وكلا الخيارين قاتل ميدانيًا.

مقاومة ذكية ومرنة

أما فصائل المقاومة، وعلى رأسها كتائب القسام، فقد حولت هذا الاضطراب إلى ميزة ميدانية قاتلة. وفق التقرير، زرعت المقاومة العبوات الناسفة وسط الركام حيث يستحيل تمييزها بالماسحات والكاميرات، وأعادت توجيه مسارات الدوريات إلى مناطق مُهيّأة للتفجير المفاجئ بسبب صعوبة قراءة الأرض.

كذلك نصبت المقاومة كمائن بشرية في أماكن تعجز الطائرات المسيّرة والكاميرات عن رؤيتها، واستدرجت قوات الإنقاذ إلى مناطق مدروسة مسبقًا لتسقط في كمائن ثانية أو تُقصف بشكل مباشر، كما حصل مؤخرًا في بيت حانون وعبسان.

خسائر متراكمة وشلل ميداني

التقرير يوضح أن هذه التكتيكات أنتجت خسائر بشرية متزايدة في صفوف الجيش الإسرائيلي، حتى داخل المدرعات وناقلات الجنود، مع تدمير آليات ثقيلة مثل دبابات ميركافا والحفارات الهندسية بعبوات دقيقة التصميم.

وخلقت هذه العمليات حالة شلل تكتيكي وارتباك لوجستي، حيث تتعطل الوحدات في الميدان ولا تستطيع المناورة أو الإخلاء دون دعم إضافي، وهو ما يجعلها هدفًا جديدًا للهجمات.

يضاف إلى ذلك أن قوات الإنقاذ الإسرائيلية – التي تُستدعى مرارًا لإجلاء الجرحى أو سحب الآليات – غالبًا ما تقع هي الأخرى في كمائن معدة مسبقًا، مضاعفةً الخسائر.

استنتاج عسكري

يلخّص د. رامي أبو زبيدة في منصة «شؤون عسكرية» هذا المشهد بعبارة دقيقة: «الاحتلال حوّل غزة إلى ركام، والمقاومة حولت الركام إلى شبكة فخاخ.»

ففي الوقت الذي يعمل فيه الذكاء الاصطناعي الإسرائيلي ضمن بيئة افتراضية تعتمد على خرائط قديمة وصور لم تعد موجودة، صارت الأرض المدمرة واقعًا معقدًا ومليئًا بالمفاجآت.

كل حجر في هذا الركام قد يخفي عبوة ناسفة، وكل زاوية خراب قد تخبئ قناصًا أو خلية هجومية. هكذا نجحت المقاومة في تحويل الدمار نفسه إلى جبهة قتال مرنة، تستهلك العدو وتستنزفه، وتحوّل كل محاولة للسيطرة إلى مغامرة دامية.

التعليقات (0)