مبتورو الأطراف في غزة.. أرقام صادمة

سامي شحادة.. قصة صحفي فلسطيني فقد ساقه وفضح جريمة مبتوري الأطراف في غزة

profile
  • clock 18 أغسطس 2025, 7:10:39 م
  • eye 420
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
مبتورو الأطراف في غزة.. أرقام صادمة

محمد خميس
 

في واحدة من أكثر القصص الإنسانية المؤلمة التي تعكس حجم المعاناة في قطاع غزة، فقد المصور الصحفي الفلسطيني سامي شحادة ساقه بعد أن استهدفت القوات الإسرائيلية مجموعة من الصحفيين خلال توثيقهم القصف في مخيم النصيرات وسط القطاع. القذيفة التي أصابت شحادة لم تدمر جسده فقط، بل كشفت أيضًا عن مأساة آلاف الجرحى ومبتوري الأطراف في غزة، ممن يعيشون بين الألم والأمل، في ظل غياب الرعاية الطبية ونقص الأطراف الصناعية.

إصابة سامي شحادة.. جريمة استهداف الصحفيين

كان شحادة، الذي يعمل في قناة TRT التركية الرسمية، يرافق زميله سامي برهوم وعددًا من الصحفيين لتغطية آثار القصف على النصيرات. فجأة، دوى انفجار هائل، وجد بعدها ساقه مبتورة والدماء تنزف بغزارة. ورغم محاولته وقف النزيف بحزامه الخاص، إلا أن إصابته كانت بالغة.
لاحقًا، وبترتيب من الحكومة التركية، تمكّن من مغادرة غزة لتلقي العلاج في أنقرة. ويؤكد شحادة أن لحظة إصابته ستبقى محفورة في ذاكرته: "شعرت أن حياتي انتهت، لكنني قررت أن أعيش لأروي الحقيقة"، كما قال.

مبتورو الأطراف في غزة.. أرقام صادمة

ليست قصة سامي شحادة استثناءً، بل هي جزء من واقع مأساوي يعانيه آلاف الفلسطينيين. فبحسب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، ارتفع عدد ذوي الإعاقة في غزة إلى أكثر من 58 ألف شخص، بينهم نحو 4800 حالة بتر أطراف.
هذه الأرقام تضاف إلى ما يزيد عن 156 ألف جريح منذ بداية الحرب، يحتاج جزء كبير منهم إلى أطراف صناعية لم تتوفر بسبب الحصار ونقص المعدات الطبية. وتشير التقارير إلى أن 3.4% من سكان القطاع أصبحوا من ذوي الإعاقة نتيجة مباشرة للعدوان الإسرائيلي.

قصة إبراهيم العرجات.. لاعب كرة توقفت حياته

من بين هؤلاء، يبرز اسم إبراهيم العرجات، لاعب كرة القدم في نادي خدمات رفح، الذي أصيب برصاص قناص إسرائيلي أثناء محاولته الحصول على مساعدات غذائية لعائلته في خان يونس. أصابته ثلاث رصاصات في قدميه وبطنه، أنهت مسيرته الرياضية وحولته من لاعب نشيط إلى شاب مقعد ينتظر كرسياً متحركاً.
إبراهيم، خريج الهندسة المعمارية، يعيش اليوم تحت خيمة صغيرة في منطقة المواصي، وهو مثال صارخ على أن الإعاقة في غزة لم تعد مرتبطة بالمرض أو الوراثة، بل أصبحت نتيجة مباشرة للحصار والحرب.

الأطفال.. الضحية الأكبر

الحرب لم تترك الأطفال بعيدًا عن دائرة الألم. فوفق اليونيسف، فقد نحو 1000 طفل في غزة أطرافهم خلال عام واحد فقط، بمعدل 10 أطفال يوميًا. كما أكدت منظمة الصحة العالمية أن أكثر من 22 ألف طفل تعرضوا لإصابات غيّرت حياتهم للأبد، وباتوا بحاجة إلى إعادة تأهيل طويل الأمد.
هذه الإحصائيات تكشف أن جيلًا كاملاً من الأطفال يواجه مستقبلًا قاتمًا، وسط غياب البنية التحتية الطبية والتعليمية التي تراعي احتياجات ذوي الإعاقة.

نظام صحي منهك وحصار خانق

يُضاف إلى هذا الواقع المرير أن النظام الصحي في غزة شبه منهار. فالمستشفيات تعاني نقصًا حادًا في الأدوية والأجهزة، فيما تُصنع بعض الأطراف الاصطناعية محليًا بطرق بدائية كمحاولة لسد الفجوة. لكن هذه الحلول لا تكفي أمام الكم الهائل من الإصابات.
ويشير الأطباء إلى أن مبتوري الأطراف لا يواجهون تحديات جسدية فحسب، بل نفسية واجتماعية أيضًا، حيث يعانون من الاكتئاب، فقدان الأمل، وصعوبة الاندماج في المجتمع أو الحصول على وظائف.

الصمود والإصرار على الحياة

رغم كل ذلك، يظهر الغزيون قدرة استثنائية على الصمود. قصص التضامن المجتمعي ودعم المنظمات الإنسانية تشكل بارقة أمل وسط العتمة. فالكثير من مبتوري الأطراف يرفضون الاستسلام للإعاقة، ويسعون لإعادة بناء حياتهم، سواء عبر التعليم أو ممارسة أنشطة جديدة تتناسب مع وضعهم الصحي.
وتؤكد منظمات حقوق الإنسان أن قصص سامي شحادة وإبراهيم العرجات وآلاف الجرحى ليست سوى أدلة على سياسة الاستهداف المتعمد للمدنيين في غزة، في إطار ما يُوصف بأنه جريمة إبادة جماعية ترتكب بحق الشعب الفلسطيني.

قصة سامي شحادة، الذي فقد ساقه لكنه لم يفقد صوته، تختصر معاناة آلاف الفلسطينيين الذين باتوا بلا أطراف أو بلا مستقبل واضح. في المقابل، تكشف هذه القصص عن وجه آخر للشجاعة، حيث يصرّ الضحايا على الحياة وعلى نقل الحقيقة.
إن معاناة مبتوري الأطراف في غزة تضع العالم أمام اختبار إنساني وأخلاقي، يفرض ضرورة التدخل لوقف العدوان، ورفع الحصار، وتقديم الدعم الطبي العاجل، كي يتمكن هؤلاء الجرحى من مواصلة حياتهم بكرامة.

التعليقات (0)