في تصريح خاص لـ«180 تحقيقات»

د. رعد هادي جبارة: العراق يرفع لواء فلسطين من قلب بغداد.. والقمم ليست عبثًا

profile
عبدالرحمن كمال كاتب صحفي
  • clock 17 مايو 2025, 2:12:26 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

قال الدكتور رعد هادي جبارة، الدبلوماسي العراقي السابق والباحث في العلاقات الدولية، إن القمة العربية رقم 34 التي افتُتحت اليوم في العاصمة العراقية بغداد، تشهد حضورًا واسعًا من قبل معظم أو كل الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية، بمشاركة العديد من الرؤساء والأمراء والملوك ورؤساء الوزراء ومندوبي الرؤساء ووزراء الخارجية، الذين ألقوا كلماتهم مباشرة أو فوّضوا من ينوب عنهم لإلقائها، بعد أن تم إعدادها في عواصمهم وإرسالها مع رؤساء الوفود.

العراق يلعب دورًا محوريًا في الوطن العربي

أوضح جبارة أن العراق يتمتع بمكانة بارزة في الوطن العربي، وقد وُصف سابقًا بأنه "جمجمة العرب" لما يمثله من مركز للتفكير وصنع القرار، وهو ما يعود إلى عمق حضارة وادي الرافدين التي تمتد لسبعة آلاف سنة قبل الميلاد. وأشار إلى أن الدبلوماسية العراقية بذلت جهودًا حثيثة لضمان انعقاد القمة بالمستوى اللائق وتحقيق النجاح لها، مؤكدًا أن مجرد انعقاد القمة في هذا التوقيت يشكل تحديًا تجاوزته الدولة العراقية بجدارة، بفضل علاقاتها الجيدة مع مختلف الدول العربية في شبه الجزيرة العربية وبلاد الشام والمغرب العربي ووادي النيل.

13 ورقة عمل ومشاريع عراقية لمعالجة الأزمات

وأكد جبارة أن العراق قدّم خلال القمة 13 ورقة عمل ومشروع قرار لمعالجة الأوضاع العربية الراهنة، أبرزها القضية الفلسطينية والوضع في لبنان وسوريا، ولا سيما في قطاع غزة. وأشار إلى أن هذه القضايا تحظى بأهمية خاصة لدى القيادة العراقية، التي بادرت بإرسال كميات كبيرة من المساعدات إلى الشعوب اللبنانية والفلسطينية والسورية، واصفًا هذه الخطوات بأنها تعكس كرم العراق وأبنائه وتحظى باهتمام الشعوب العربية كافة. وأعلن رئيس الوزراء العراقي خلال القمة عن تخصيص 40 مليون دولار لدعم الشعبين اللبناني والفلسطيني وسكان غزة في جهود إعادة الإعمار ومعالجة آثار العدوان الصهيوني الأخير.

القمة تعيد العراق إلى واجهة الاهتمام العربي والدولي

وأشار جبارة إلى أن انعقاد القمة العربية في بغداد أعاد تسليط الأضواء على العراق، وسيفتح آفاقًا جديدة للسياحة والاستثمارات الأجنبية في مختلف مناطق البلاد، بما في ذلك شمال العراق وجنوبه، ما سينتج عنه مخرجات مفيدة على الصعيد الاقتصادي. وأضاف أن مؤتمرات القمة من شأنها أن تسهم في تشكيل تكتلات اقتصادية وتعاون بين الشركات العربية، وتدفع الخطط التنموية، وتقلل من معدلات البطالة في إطار السعي للتكامل الاقتصادي العربي. ولفت إلى أن العراق استقبل نحو 400 ألف زائر عربي في عام 2024، متوقعًا أن يتضاعف هذا الرقم خلال هذا العام والعام المقبل بعد انعقاد القمة.

المشاركة الرفيعة ليست شرطًا لكل القمم

ونوّه جبارة إلى أن عدم مشاركة جميع الرؤساء والملوك والأمراء العرب بشكل شخصي في القمم أمر معتاد، مستشهدًا بقمة البحرين الأخيرة التي عُقدت في 16 مايو 2024، والتي شارك فيها 11 زعيمًا فقط، فيما أرسلت الدول الأخرى رؤساء وزراء أو وزراء خارجية أو رؤساء وفود من السودان والجزائر وتونس وعُمان وغيرها. وأوضح أن قمة بغداد الحالية هي الرابعة التي تستضيفها العاصمة العراقية، بعد قمم أعوام 1978، 1990، و2012، مؤكدًا أن العراق قدم خلالها مشاريع قرارات وأوراق عمل تستحق المصادقة.

مشاريع أمنية واقتصادية عراقية أمام القمة

أفاد جبارة بأن من بين أبرز مشاريع العمل العراقية المقدمة، تلك التي تتعلق بالتعاون في مجالات مكافحة الإرهاب والمخدرات، والتعاون الأمني، وصندوق إعادة الإعمار، إلى جانب المطالبة بوقف الحرب الصهيونية والإبادة الجماعية في غزة. وأوضح أن القمة الحالية تدعو كذلك إلى تهدئة الأوضاع في السودان واليمن وليبيا والصومال، ودعم الاستقرار في سوريا، والتأكيد على وحدة أراضيها، ومنع العدوان الصهيوني عليها. كما تدعم القمة المفاوضات الإيرانية-الأمريكية، والمشروعات الاقتصادية العربية المشتركة، والأمن القومي العربي. وبيّن أن العراق قدم 18 ورقة عمل ومبادرة، صُدق على خمسة منها، وهي: تأسيس المركز العربي لمكافحة الإرهاب، والمركز المشترك لمكافحة المخدرات، والمركز العربي لمكافحة الجريمة المنظمة، والغرفة الأمنية العربية المشتركة، والصندوق العربي لإعادة الإعمار.

الانتقادات للقمم العربية ليست في محلها

رفض جبارة الانتقادات التي تُوجه عادةً إلى مؤتمرات القمة العربية بأنها لا تُنتج شيئًا ملموسًا، مشيرًا إلى أن هذه نظرة سطحية وغير دقيقة. وقال إن مؤتمرات القمة منذ أول اجتماع لها عام 1949 في الإسكندرية أصدرت قرارات هامة تخص التعاون والدفاع العربي المشترك، والأمن القومي، والسياحة، والتعليم، والثقافة، والجامعات. واعتبر أن هذه القرارات تُنفذ أحيانًا بعيدًا عن الأضواء، لكن الإعلام يتجاهل الجوانب الإيجابية ويركز على الإخفاقات أو المواقف الرمزية للرؤساء، ما يعكس حالة من الإحباط والنقمة غير العادلة تجاه العمل العربي المشترك.

لا حلول سريعة للقضية الفلسطينية

وتطرق جبارة إلى الوضع في غزة، مؤكدًا أن الأمة العربية تمر بمرحلة حرجة بسبب المذابح والإبادة الجماعية التي يتعرض لها الفلسطينيون، خاصة منذ انطلاق عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر قبل نحو عامين. ولفت إلى أن المجازر والدمار والمجاعة ما تزال مستمرة، وأن الزعماء العرب حاولوا مرارًا الضغط على الإدارة الأمريكية لإيقاف هذه الحرب، في ظل تقارير عن وجود تباينات بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس حكومة الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وأعرب عن أمله في أن تتمكن الزعامات العربية من الضغط على واشنطن للضغط بدورها على "الكيان الصهيوني"، لكنّه في الوقت ذاته شدد على أن حل القضية الفلسطينية لا يمكن أن يتحقق من خلال قمة واحدة أو اجتماع واحد، بالنظر إلى تعقيداتها الممتدة منذ عام 1948.

اللقاء خير من القطيعة

وفي ختام تصريحه، قال جبارة إن مجرد انعقاد القمة العربية في العراق وفي هذه الظروف، واجتماع الزعماء العرب تحت سقف واحد، وتفاهمهم على بعض النقاط المشتركة، يُعد أمرًا إيجابيًا بحد ذاته. وأكد أن اللقاء والحوار بين الزعماء أفضل بكثير من القطيعة، وأن انعقاد القمة في حد ذاته يمثل خطوة إيجابية على طريق التفاهم والعمل العربي المشترك.

التعليقات (0)