تكبير الخط تصغير الخط

انطلقت في العاصمة العراقية بغداد أعمال القمة العربية الرابعة والثلاثين، وسط حضور لافت لعدد من القادة والزعماء العرب والدوليين، وفي ظل تطورات متسارعة تشهدها المنطقة، لا سيما العدوان الصهيوني المستمر على قطاع غزة. القمة حملت في طياتها مواقف ورسائل واضحة من مختلف الأطراف، تتقاطع جميعها حول ضرورة إنهاء الكارثة الإنسانية في غزة، وتفعيل الدور العربي في الملفات الإقليمية والدولية العالقة.

السيسي: لا سلام دون دولة فلسطينية.. وترامب مدعو للضغط لوقف إطلاق النار

في كلمة قوية أمام القادة العرب، شدد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على أن السلام الشامل والدائم في الشرق الأوسط لن يتحقق دون قيام دولة فلسطينية وفق قرارات الشرعية الدولية. وقال:

"حتى لو نجحت إسرائيل في إبرام اتفاقيات تطبيع مع كل الدول العربية، فإن السلام سيظل بعيد المنال ما لم تُقم الدولة الفلسطينية".

وأضاف السيسي مناشدًا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بصفته قائدًا يسعى لترسيخ السلام، أن يستخدم نفوذه للضغط من أجل وقف إطلاق النار في قطاع غزة، تمهيدًا لإطلاق عملية سياسية جادة تقود إلى تسوية نهائية، مشيرًا إلى الدور الذي لعبته الولايات المتحدة في إتمام اتفاق السلام المصري الإسرائيلي في السبعينيات.

غوتيريش: أوقفوا إطلاق النار فورًا.. و"لا" للتهجير القسري

من جهته، أطلق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش نداءً صريحًا في القمة، مطالبًا بـ"وقف فوري لإطلاق النار في غزة" وإطلاق سراح الرهائن "دون شروط". وعبر عن قلقه البالغ إزاء نية إسرائيل توسيع عملياتها العسكرية.

وأكد غوتيريش رفض الأمم المتحدة لأي محاولة لفرض التهجير القسري على الفلسطينيين، معتبرًا أن حل الدولتين هو الطريق الوحيد لتحقيق السلام، ويجب أن تكون القدس عاصمة للدولتين. كما دعا إلى احترام سيادة لبنان، وتشجيع الحكومة اللبنانية على استكمال الإصلاحات وحصر السلاح بيد الجيش. وفي الملف السوري، أكد دعمه لعملية سياسية يقودها السوريون أنفسهم تحفظ حقوق جميع المواطنين دون تمييز.

سانشيز: غزة تنزف والعالم لا يمكن أن يصمت

من خارج الإطار العربي، ألقى رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز كلمة مؤثرة، دعا فيها إلى إنهاء الكارثة الإنسانية في غزة بشكل فوري، قائلاً:

"القطاع ينزف أمامنا، وهذا لا يمكن التغاضي عنه".

وأضاف أن الأرقام المرتفعة للضحايا "مروعة"، مشددًا على ضرورة العمل لتنفيذ الاعتراف بدولتين: فلسطينية وإسرائيلية، في إطار حل سياسي شامل.

السوداني: العراق ينتهج دبلوماسية معتدلة ويعزز المصالح المشتركة

من جانبه، ألقى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني كلمة ركز فيها على الدور الوسيط الذي يلعبه العراق في المنطقة، مؤكدًا أن بغداد تعتمد سياسة خارجية تقدم الشراكة والتفاهم وتُعلي من شأن الحوار.

وقال السوداني: "شعوبنا تتطلع إلى تحويل المواقف إلى حلول"، مشددًا على أهمية تفعيل الدور العربي في مواجهة التحديات.

وفي رسالة مكتوبة بخط يده، قال إن القمة تمثل منصة لتعزيز التضامن العربي، وتوحيد الصفوف، وطرح القضايا المصيرية.

رئيس العراق: قمة وسط ظروف معقدة.. وغزة في صلب الموقف العراقي

بدوره، أكد رئيس الجمهورية العراقي في كلمته الافتتاحية أن القمة تُعقد في ظروف إقليمية دقيقة وخطيرة تهدد المنطقة بأسرها. وأعرب عن إدانة واستنكار العراق لاستمرار العدوان الإسرائيلي، مشيدًا بصمود الشعب الفلسطيني في مواجهة آلة الحرب.

الحضور العربي والدولي: مشاركة لافتة وزخم دبلوماسي

شهدت القمة حضورًا شخصيًا من عدد من الزعماء العرب، أبرزهم:

الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي

أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني

رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي

أما على مستوى التمثيل الرسمي:

ترأس وفد السعودية وزير الدولة للشؤون الخارجية عادل الجبير.

قاد وفد الإمارات نائب رئيس الدولة الشيخ منصور بن زايد آل نهيان.

ترأس وفد سوريا وزير الخارجية أسعد الشيباني.

كما شارك في القمة كل من:

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش

رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز

قمة بغداد تتصدر واجهة العمل العربي المشترك

رغم التباينات السياسية بين بعض الدول، بدا واضحًا أن قمة بغداد تمثل محطة مهمة في لحظة إقليمية حرجة، حيث أجمعت الكلمات والمواقف على ضرورة إنهاء مأساة غزة، والدفع باتجاه حل سياسي شامل يعيد الاعتبار للقضية الفلسطينية، ويكرس دورًا عربيًا أكثر تأثيرًا في ملفات الإقليم.