-
℃ 11 تركيا
-
4 أغسطس 2025
د. إبراهيم جلال فضلون يكتب: غزة في بطن الحوت
العجز الصارخ وصمت العالم
د. إبراهيم جلال فضلون يكتب: غزة في بطن الحوت
-
24 يوليو 2025, 2:24:05 م
-
424
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تعبيرية
الصدمة ابتلعتنا فعلاً، أمام حرب استنهضت شرور العالم وأشراره، والصمت المفروض بالقوة يبدو أنه تحوّل إلى حالة طوعيّة، وكغيري، يمكنني أن أبكي؛ أن أنوح بلا ضوابط وبلا محاسبة وبلا حدود، وأن أشعر بالقهر وبالغثيان من عالم متعالٍ ومتعجرف وعنصريّ ومجرم وقبيح، أن الساطور يقتطع وسيقتطع من لحمنا كذلك، حينها سنقول "أُكلنا يوم أُكل الثور الأبيض". يا له من عار!، فأين اختفى صوتنا؟! وصورة امرأة فلسطينية مذيّلة بعبارة "يا غزّة لا تهتزّي". خبّأت بعناية علَم فلسطين، غير المحظور بعد!.
نعم، باغتتنا الحرب ونحن مثخَنون من الجريمة الممنهجة والمدبَّرة، والتي تفتك بمجتمعنا. بالطبع باغتتنا ونحن مُتخلّفون عن وضع إجابات سياسية، بل ونحن غير جاهزين للمواجهة، وقد ورثنا كذبات كثيرة، وقبل كل طوفان يسود الهدوء، هذه هي الحال السائدة في بلد يشتهر بصناعة النكبات، ولا تجف فيه دموع الأمهات، وكأن كل غزة بل فلسطين، بل العرب أجمع والعالم الغامض، في بطن حوتًا ثقيلًا كان أشد ظُلمة على نبي الله يونس، لولا رحمته بعبده، بل تثقيلاً في حجم سفينة التيتانك التي غرقت بزينتها ومفاخرها وسط البحر، مهرولين، متسابقين للنجاة لكن كان الهلاك كقوم فرعون، ولولا إيمان "يونس" للبث في بطنه ليوم يُبعثون، لكن أهل الحق لا يهابون من الظلمات لأن الله عليم بهم، والغزاويين بل والمؤمنين في كل بقعة يدخلون الي بطن الحوت غير آبهين، فالله الله لشهدائنا منهم.
لم تفارق قلوبنا غزة أو بحرها ولا شاطئها، وهي ما زالت تغوص في عمق البحر، لكن الآليات العسكرية الإسرائيلية الثقيلة، عادت كي تطأ بأقدامها في سواحل غزة، ولا ينفك رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو التلميح إلى أنه لن يغادرها هذه المرة، والتلويح بدفنها عميقاً في رمالها.. ورمال فشل المجتمع الدّولي، ومؤسساته التي تقف وراء الجريمة كاملة وأمام العار الإنساني القتل والإرهاب الدموي، عبر سبعة عقود من الاحتلال والتهجير والتشريد، والسّعي الدؤوب لفرض وقائع ومرجعيّات واهية صدقناها جميعاً كعرب ولا زلنا، بينما استفاقت عليها شعوب الغرب، حتى أدخلَتْنا في غياهب الجُبّ، وبطون الحوت فمِن قرار التقسيم كمرجعيّة لحل الصراع، ثم استبداله بالقرارين 242, 338 بعد حرب حزيران 1967، ثم مبادئ اتفاقية أوسلو وما تَلاها من خارطة الطريق وانتهاءً بالحديث المتواتر من سَدَنة البيت الأبيض بوضع استراتيجية جديدة تعتمد على مبادئ صفقة القرن وعمليات التطبيع، والقضاء على حركة الاستقلال الفلسطيني بتكريس كيان انفصالي في غزة يمتد إلى إمارات انفصاليّة في الضفة الغربيّة، التي كانت الأمهات فيهم تشتم أولادها كل اليوم وتدعوا لهم بالزوال من ضيق حالها، لتدخل بهم بطن الحوت وهي تحمل علي رأسها لجن غسيل بداخله وابور الكاز وسخان مياه ومسحوق غسيل، فهذا كل ما تملكه.
"من هنا أرى غزّة": لقد جعلوا من شريعة الغاب ناظمًا ومرجعًا لتحقيق مصالحهم، كما كانت أوكرانيا قربانًا للنزاع بين الناتو وروسيا الاتحادية، وما وقعت افريقيا من ثورات الربيع والفوضى غير المنظّمة في بلدانها ودُولها، وإقصاء الدّول القومية وأنظمتها الحاكمة في الشرق الأوسط بحجة الإرهاب، حتى الفشل الذي لازَم المحاولات الصهيوأميركية في أدْيَنة الصراع كوسيلة لبناء شرق أوسط جديد يعترف بالصهيونية واسرائيل، لتظل بين كل ذلك غزة في بطن الحوت والحرب الدائرة فيها تُمثّل حلقة ضمن حلقات هذا المشروع، فكما أخذوا من بيننا صباح عيدنا الأضحى صدام حسين -رحمه الله-، قُدِر لغزة أن تُذبح قربانًا على طرقات ومحاور المشاريع الأيدولوجية، لكن ثبت للعالم أن الشعب الفلسطيني ليس بيدقًا في سوق النخاسة السياسيّة، وليس بحاجة إلى العقل التبريري التسويغي المُستَعبد المرهون بالعاطفة، النكبة هي صدمتنا المتناقلة عبر الأجيال، ونحن "البقيّة الباقية" في الوطن بهويّتنا الوطنية المعلنة رغماً أنف "إسرائيل وأميركا" لكن، هل يشفع الماضي لأحد؟، وكيف ستكون حصّتنا اليوم، من التاريخ؟ فلا اله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، اللهم أحفظنا في بطن الحوت من الهشم أو الهضم كما يحصدوننا جهاراً ولا نملك لا بطن الحوت فهو أرحم بنا مما هو قادم. @drIbrahimgalal









