منظمة جديدة تتولى التوزيع

خطة المساعدات الإسرائيلية المثيرة للجدل: تفاصيل جديدة في وثيقة داخلية

profile
  • clock 9 مايو 2025, 7:09:52 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

كشفت وثيقة داخلية اطلعت عليها ميدل إيست آي عن تفاصيل خطة مثيرة للجدل تتبناها إسرائيل لتولي السيطرة على توزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، عبر منظمة غير معروفة سابقًا تُدعى مؤسسة غزة الإنسانية (GHF). وستعتمد هذه المؤسسة على متعاقدين من القطاع الخاص لتأمين مراكز توزيع ستقدّم وجبات غذائية للفلسطينيين بواقع 1750 سعرة حرارية للوجبة، وبتكلفة لا تزيد على دولار واحد تقريبًا للجهات المانحة.

الوثيقة المكونة من 14 صفحة، والتي يتم تداولها حاليًا بين منظمات الإغاثة العاملة في غزة، تُفصل الاستراتيجية التشغيلية للمنظمة التي تم تسجيلها في سويسرا في فبراير الماضي. وتروّج المنظمة لنفسها على أنها هيئة مظلّة تتولى العمليات الإنسانية في غزة، داعية المنظمات غير الحكومية للاستفادة من ما تصفه بـ"أطرها اللوجستية والأمنية والشفافية".

خطة مدعومة أمريكيًا وسط رفض دولي

الوثيقة التي تتخذ طابعًا ترويجيًا توضح كيف ستعمل المؤسسة، ومن هم الأشخاص الذين يديرونها، ومعظمهم أمريكيون من ذوي الخبرة في مجالات الإغاثة والكوارث والأمن والتمويل. ويأتي الكشف عن هذه الخطة في وقت تتعرض فيه وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الدولية لضغوط من الحكومة الأمريكية للمشاركة في الخطة، رغم الرفض الواسع لها.

وقد أعربت منظمة العفو الدولية – فرع سويسرا – في وقت سابق من هذا الأسبوع عن قلقها من احتمال أن تساهم GHF، وفقًا للمعلومات المتاحة، في ارتكاب جرائم دولية من خلال خدماتها.

وتشير التقارير إلى أن تنفيذ الخطة الإسرائيلية قد بدأ بالفعل، بعد أن وافق عليها المجلس الأمني الإسرائيلي يوم الأحد، فيما أظهرت صور أقمار صناعية نُشرت يوم الأربعاء أن أعمال بناء مراكز المساعدات قد انطلقت فعليًا.

"نموذج تشغيلي جديد" لتوزيع المساعدات

تصف الوثيقة خطة GHF بأنها "نموذج تشغيلي جديد"، وتحمّل تحويل مسار المساعدات، والعمليات العسكرية، و"تقييد الوصول" مسؤولية حرمان ملايين المدنيين من الغذاء والماء والإمدادات الأساسية.

غير أن الوثيقة تتجاهل تمامًا الإشارة إلى القيود الإسرائيلية المفروضة على دخول المساعدات، والتي أدت خلال الشهرين الماضيين إلى دفع سكان القطاع إلى حافة المجاعة.

وبدلاً من ذلك، تتهم المؤسسة حركة حماس والمنظمات الإجرامية بعرقلة المساعدات وفرض ضرائب عليها وبيعها من جديد. كما تبرر القيود الإسرائيلية على الوصول إلى غزة بأنها ناتجة عن "مخاوف أمنية داخلية وضغوط سياسية"، وهو ما دفع إلى اتباع سياسات شديدة الحذر تجاه المنظمات الإنسانية.

وتزعم الوثيقة أن أحد الأهداف الأساسية للمؤسسة هو استعادة "ثقة المانحين التي تآكلت"، من خلال "نموذج مستقل وشفاف ومدقق بدقة، يضمن وصول المساعدات فقط إلى المحتاجين الفعليين".

مراكز توزيع مؤمّنة وشحنات مُراقبة

تخطط GHF لإنشاء أربعة "مراكز توزيع مؤمّنة"، سيخدم كل واحد منها حوالي 300,000 شخص، مع إمكانية التوسع لتشمل أكثر من مليوني شخص.

وسيتم توصيل الحصص الغذائية الجاهزة، ومواد النظافة، والإمدادات الطبية إلى هذه المواقع باستخدام مركبات مصفحة، تمر عبر "ممرات خاضعة للسيطرة المحكمة، وتُراقب في الوقت الفعلي لتجنب تحويل المساعدات عن وجهتها".

وتضيف الوثيقة: "بتكلفة لا تتجاوز 1.3 دولار أمريكي للوجبة الواحدة... يمكن للمانحين رؤية أثر مباشر وقابل للقياس"، مشيرة إلى أن كل وجبة ستحتوي على 1750 سعرة حرارية، وهو أقل من الحد الأدنى البالغ 2100 سعرة حرارية الذي تسعى إليه عادةً برامج الأغذية.

ولا توضح الوثيقة عدد الوجبات التي ستوزع يوميًا، لكنها تقترح على المانحين خيار تمويل "صندوق عائلي" يحتوي على 50 وجبة.

دور محدود للجيش الإسرائيلي

تشير الوثيقة إلى أن الجيش الإسرائيلي "لن يتمركز في أو قرب" مواقع التوزيع، حيث ستتولى "فرق أمنية محترفة" تأمينها، من بينهم أفراد سبق أن تولوا تأمين ممر نتساريم خلال الهدنة الأخيرة.

وتؤكد الوثيقة أن المساعدات ستوزع "دون تمييز في الهوية أو الأصل أو الانتماء"، وأنها ستُقدم "فقط بناءً على الحاجة، مع إعطاء الأولوية لكرامة المجتمع المحلي وسلامته".

كما تتحدث الوثيقة عن "التواصل النشط" مع المجتمعات المحلية في غزة من أجل كسب تأييدها، وتدريب "قادة محليين جدد" لتوسيع نطاق البرنامج.

وتقول المؤسسة إن هذه الجهود "لا تهدف فقط إلى ضمان الوصول الإنساني، بل إلى تمكين القادة التقليديين محليًا من استعادة نفوذهم الإيجابي في دعم إعادة بناء المجتمع المحلي بشكل عضوي وأخلاقي".

قيادة أمريكية للمؤسسة الجديدة

يضم مجلس إدارة GHF شخصيات أمريكية بارزة، من بينها نيت موك، المدير التنفيذي السابق لمنظمة World Central Kitchen، ومستشار خاص في أوكرانيا لمؤسسة هوارد جي بوفِت.

ويضم المجلس أيضًا لوك هندرسون، خبير قانوني وتجاري لديه خبرة 20 عامًا في كبرى الشركات العالمية؛ ورايسا شاينبرغ، نائبة رئيس السياسات العامة في Mastercard، والتي سبق أن ترأست مشروع العملة الرقمية Libra التابع لفيسبوك، كما شغلت مناصب في الحكومة الأمريكية بمجالي الأمن القومي والسياسات الاقتصادية؛ إضافة إلى جوناثان فوستر، المؤسس والمدير التنفيذي لشركة Current Capital Partners.

ويقود المؤسسة ثلاثة مسؤولين أمريكيين لديهم خلفية في الإغاثة وإدارة الكوارث، على رأسهم المدير التنفيذي جيك وود، وهو من قدامى المحاربين في مشاة البحرية الأمريكية، ومؤسس منظمة Team Rubicon ومنصة Groundswell للعمل الخيري.

ويشغل ديفيد بورك منصب المدير التنفيذي للعمليات، وهو خبير في إدارة العمليات الاستراتيجية، سبق له العمل في Team Rubicon، كما أنه من المحاربين القدامى في سلاح مشاة البحرية.

أما جون أكري، وهو مسؤول سابق في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، فسيعمل كرئيس للبعثة، وله خبرة في الاستجابة للكوارث والتنسيق المدني-العسكري، كما تولى إدارة مشاريع حكومية أمريكية في أمريكا اللاتينية والكاريبي بقيمة تجاوزت 45 مليون دولار.

وتشمل الهيئة الاستشارية بيل ميلر، مسؤولًا سابقًا في الأمم المتحدة ووزارة الخارجية الأمريكية، والجنرال المتقاعد مارك شوارتز، منسق الأمن الأمريكي السابق لدى إسرائيل والسلطة الفلسطينية.

كما يُدرج ديفيد بيزلي، الحاكم السابق لولاية ساوث كارولينا والمدير التنفيذي السابق لبرنامج الأغذية العالمي، كعضو محتمل قيد التثبيت.

وتدعو الوثيقة الجهات المانحة الكبرى إلى "ترشيح أعضاء إضافيين لمجلس الإدارة"، وتقول إن مشاورات جارية مع "شخصيات فلسطينية بارزة" للانضمام إلى المجلس.

"كل دولار يمكن تتبعه"

تركز الوثيقة على الترويج للشفافية التي تزعم المؤسسة أنها ستوفرها، قائلة إنها حصلت على خدمات مصرفية من بنك Truist الأمريكي وJPMorgan Chase.

وتضيف أن "المراقبة في الوقت الفعلي وآلية التغذية الراجعة من المستفيدين ستُدمج في لوحات معلومات عامة، بحيث يمكن تتبع كل دولار والتحقق من كل نتيجة".

وتشير إلى أن بنك Truist "أظهر التزامه بالإغاثة الإنسانية وإدارة الكوارث"، بما في ذلك التزامه بمبلغ 725 مليون دولار لمبادرات التعافي في نورث كارولينا بعد إعصار هيلين العام الماضي.

كما يتم إنشاء فرع سويسري تابع لـ GHF "لتلبية رغبات الجهات المانحة التي تفضل العمل خارج البنية الأمريكية".

وتذكر الوثيقة أن بنك Goldman Sachs تعهّد شفهيًا بفتح حساب مصرفي لهذا الكيان، وهو ما سيتم إنجازه قريبًا.

وتؤكد الوثيقة أيضًا أن المؤسسة في طور التعاقد مع واحدة من "أكثر شركات التدقيق والضمان احترامًا في العالم" للإشراف على ممارساتها المالية والتشغيلية، إلى جانب محادثات مع شركة Deloitte المحاسبية.

التعليقات (0)