-
℃ 11 تركيا
-
29 سبتمبر 2025
خبراء: التعاون العسكري الروسي الصيني تحوّل استراتيجي قد يعيد تشكيل موازين القوى في آسيا
أصل الوثائق ومَن نشرها والتحقق منها
خبراء: التعاون العسكري الروسي الصيني تحوّل استراتيجي قد يعيد تشكيل موازين القوى في آسيا
-
27 سبتمبر 2025, 4:17:03 م
-
432
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تعبيرية
محمد خميس
كشفت وثائق سرّية مسرّبة عن تطور غير مسبوق في العلاقات العسكرية بين روسيا والصين، يتضمن نقل معدات متقدمة وتدريبًا ميدانيًا لفرق القوات المحمولة جوًا التابعة لجيش التحرير الشعبي الصيني، ما دفع خبراء إلى وصف التعاون بأنه «تحالف شبه رسمي» يثير تساؤلات حول احتمالات التحضيرات لعمليات عسكرية مستقبلية خاصة في سياق التوترات المتزايدة حول تايوان.
أصل الوثائق ومَن نشرها والتحقق منها
الملفات — التي نُسب نشرها إلى مجموعة القراصنة المعروفة باسم "Black Moon" — شملت مراسلات وعقودًا ووثائق تقنية تعود إلى الفترة بين 2023 ونهاية 2024، وقد خضعت أجزاء منها لعمليات تدقيق مبدئية من مراكز بحثية غربية بينها مركز إصلاحات الدفاع في كييف ومعهد الخدمات المتحدة (RUSI) في لندن. وتمكّن عدد من وسائل الإعلام والمؤسسات البحثية من التحقق من صحة أجزاء من المحتوى—ما أعطى الوثائق وزناً استخبارياً وسياسياً كبيرًا.
ما الذي تكشفه الصفقة؟ — معدات وتدريب وكتيبة كاملة
وفق الوثائق، تشمل الترتيبات قائمة مفصّلة بالمعدات الروسية المخصصة لتجهيز وحدة محمولة جوًا صينية بمواصفات متقدمة، من بينها: 37 مركبة هجومية برمائية من طراز BMD-4M، و11 مدفعًا مضادًا للدبابات ذاتي الدفع من طراز Sprut-SDM1، و11 ناقلة جنود BTR-MDM، إضافة إلى برامج تدريب متعمقة لخبراء صينيين في مصانع ومرافـق روسية متخصصة. وتشير التقديرات المالية واللوجستية في الوثائق إلى أن الصفقة تتضمن أيضًا نقل وثائق فنية وأنظمة قيادة مشتركة.
كما توضح السجلات أن برامج التدريب تُنفّذ في مرافق محددة منها مصانع Kurganmashzavod المنتجة لمركبات BMD ومجمعات تدريب قيادية مثل (روبين) في بينزا، ويشارك فيها فرق تدريبية روسية متخصّصة لتعليم تكتيكات الإنزال المتسلسل والإنزال السري بالمظلات وتكتيكات الحرب الهجينة.
تكتيكات وتدريبات مستوحاة من تجارب سابقة
يؤكد خبراء عسكريون أن برامج التدريب تحاكي تكتيكات استخدمتها روسيا في عمليات الإنزال السريعة، لا سيما تلك المرتبطة بضم شبه جزيرة القرم عام 2014، من حيث استخدام نقل جوي كثيف وأنظمة إنزال متتالية تسمح بنشر آليات مدرعة على المدرج قبل انسحاب الطائرات، إضافة إلى عمليات إنزال سري للقوات الخاصة عبر نظم مظلية بعيدة المدى. ويخشَى محلّلون أن نقل هذه الخبرات إلى جيش التحرير الشعبي قد يسرّع قدرات بكين في تنفيذ عمليات إنزال معقّدة.
دوافع روسيا والصين: تبادل خبرة أم تحالف استراتيجي؟
رغم أن بعض المعدات الروسية قد لا تكون دائمًا في صدارة التكنولوجيا مقارنة بالنظم الصينية الحديثة، يرى محلّون أن القيمة الحقيقية تكمن في نقل الخبرة الميدانية والتكتيكات المجرّبة—خاصة خبرات القيادة المشتركة ونظم التحكم والاتصالات المصمّمة لإدارة عمليات مركّبة (جوية-بحرية-إلكترونية). كما تُظهِر الوثائق سعيًا روسيًا للاستفادة المالية والسياسية من التعاون، واستعدادًا صينيًا للاستثمار لردم فجوات في خبرات الإنزال السريع المعقّد.
تداعيات على سيناريوهات تايوان والرد الدولي
المحلّلون يشدّدون أن الجغرافيا الخاصة بتايوان — مع قلة الشواطئ المناسبة للإنزال التقليدي وطبيعة التضاريس — تجعل العمليات المحمولة جوًا والإنزالات السريعة خيارًا استراتيجياً محتملاً في أي خطة هجومية، وأن التحول في تشكيلات فيلق القوات المحمولة جوًا الصيني لإدخال وحدات آلية أثقل قد يعزّز هذه القدرة. وهو ما يضع واشنطن وحلفاءها في مواجهة سيناريوهات عسكرية أكثر تعقيدًا.
على الصعيد الدولي، أثارت الوثائق موجة استنفار بين دوائر الأمن والاستخبارات في الغرب وآسيا، مع مطالبات بمراقبة صادرات الأسلحة والاتصالات العسكرية، وبتقوية وسائل الردع والدفاع الجوي والبحري في منطقة المحيط الهادئ لتقليص فرص نجاح أي إنزال معقد.
أسئلة عن مصداقية الوثائق وحدود تأثيرها
كما هو الحال مع أي تسريب رقمي واسع النطاق، طرح المتخصصون عددًا من الأسئلة حول مدى اكتمال الوثائق وما إذا كانت العمليات جارية أو في مراحل تفاوضية، بالإضافة إلى احتمالات تحوير أو إفشاء الملفات من قِبل أطراف لها دوافع سبرية أو دعائية. لكن التحقق المستقل لقطاعات منه أعطى مصداقية لجزء كبير من المحتوى، ما يستدعي أخذ نتائجه بجدّية سياسياً وعسكرياً.
تحول مهم في تركيبة القدرات وخيارات الصراع
تكشف الوثائق المسرّبة عن تعميق تعاون روسي-صيني يربط نقل معدات وتدريبات وتبادل نظم قيادة، ما قد يوسّع خيارات بكين العملياتية، خصوصًا في سيناريوهات تطلّب هبوطات جوية سريعة وإنزالات برمائية مدعومة بقدرات إلكترونية وسيبرانية. ومع أن ثمة أسئلة حول نطاق التنفيذ والموعد، فإن الاعتبار الاستراتيجي واضح: هذه الشراكة إذا تأكدت وتحققت على الأرض فستُعيد رسم بعض قواعد التوازن العسكري في آسيا والمحيط الهادئ، وتزيد تعقيداً أمام جهود الردع والدفاع الإقليمي والدولي.









