-
℃ 11 تركيا
-
29 سبتمبر 2025
التحالف السعودي – الباكستاني: بين الدفاع المشترك والغموض الاستراتيجي… وهل يحمل رسالة إلى إسرائيل؟
دلالات الاتفاقية على الأمن الإقليمي
التحالف السعودي – الباكستاني: بين الدفاع المشترك والغموض الاستراتيجي… وهل يحمل رسالة إلى إسرائيل؟
-
29 سبتمبر 2025, 3:05:19 م
-
423
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
التحالف السعودي – الباكستاني
محمد خميس
أثار توقيع اتفاقية الدفاع بين السعودية وباكستان هذا الأسبوع جدلاً واسعًا في الأوساط الإقليمية والدولية. فقد تضمّنت الاتفاقية بندًا مركزيًا ينص على أن أي هجوم على إحداهما سيُعتبر هجومًا على الأخرى، وهو ما شبّهه باحثون بنسخة "إسلامية" من المادة الخامسة في حلف الناتو.
وووفقا الباحث الإسرائيلي يوئيل غوزنسكي قال إنه على الرغم الصيغة الدراماتيكية، يرى محللون أن الاتفاقية لا تشكل ثورة استراتيجية بقدر ما تكشف عن امتداد لعلاقات أمنية واقتصادية راسخة بين البلدين تعود إلى عقود طويلة، وتقوم على الغموض المتعمد في ملفات حساسة أبرزها الملف النووي.
وجود عسكري باكستاني في السعودية منذ عقود
منذ ستينيات القرن الماضي، تحتفظ باكستان بوجود عسكري في المملكة العربية السعودية، يتراوح حاليًا بين 1500 و2000 جندي موزعين على مهام التدريب والاستشارة والحماية. كما قامت إسلام آباد بتدريب آلاف الجنود السعوديين وإرسال قوات إضافية في أوقات الأزمات للدفاع عن حدود المملكة.
بالتالي، فإن الاتفاقية الحالية تأتي لتؤكد هذا المسار المستمر من التعاون العسكري الوثيق، أكثر مما تمثل نقطة تحوّل مفصلية.
الغموض النووي… مظلة محتملة؟
يبقى البُعد النووي هو الأكثر حساسية وإثارة للجدل. فلطالما رافقت العلاقات السعودية–الباكستانية تساؤلات حول إمكانية استفادة الرياض من مظلة نووية باكستانية، خاصة في ظل دعمها المالي التاريخي لبرنامج تخصيب اليورانيوم الباكستاني.
ورغم ذلك، لم تتضمن الاتفاقية أي إشارة إلى الأسلحة النووية. وتصر باكستان على أن ترسانتها النووية مخصصة لردع الهند فقط، فيما قد ترى السعودية في هذا البرنامج ورقة ضمان مستقبلية. ومن المفارقات أن إعلان الاتفاقية زاد التكهنات بدلاً من إنهائها، إذ عاد النقاش مجددًا حول طبيعة التفاهمات غير المعلنة بين البلدين.
توقيت الاتفاقية ورسائلها الإقليمية
يبدو أن توقيع الاتفاقية لم يأتِ صدفة، بل تزامن مع هجوم استثنائي شنّته إسرائيل على قطر، ومع تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل واحتمال اندلاع جولة مواجهة جديدة. كما زادت هجمات الحوثيين في اليمن من قلق دول الخليج، خصوصًا مع مرور بعض الصواريخ فوق الأجواء السعودية باتجاه إسرائيل.
في هذا السياق، أرادت الرياض أن تبعث برسالة واضحة: أنها ليست معزولة، وأنها تملك تحالفًا مع دولة مسلمة قوية ذات قدرات نووية. هذه الرسالة ليست موجهة فقط لإيران، بل أيضًا للولايات المتحدة وإسرائيل.
حدود الالتزام بين الرياض وإسلام آباد
رغم الطابع الرمزي القوي، لا يمكن النظر إلى التحالف على أنه التزام غير مشروط. فقد سبق لباكستان أن وضعت خطوطًا حمراء أمام الرياض، أبرزها قرارها عام 2015 بعدم الانضمام إلى الحرب في اليمن. وفي المقابل، من غير المتوقع أن تتدخل السعودية في نزاع محتمل بين باكستان والهند حول كشمير.
إذن، يبقى التحالف في جوهره إعلانًا سياسيًا أكثر منه التزامًا عسكريًا، يهدف إلى الردع وطمأنة المواطنين، وإرسال إشارات إلى واشنطن بأن الخليج يبحث عن بدائل أمنية موازية.
ركائز اقتصادية واجتماعية متشابكة
لا يقتصر التحالف على الجانب العسكري فحسب، بل يقوم أيضًا على أسس اقتصادية واجتماعية عميقة:
دعم مالي سعودي متواصل لباكستان.
اعتمادات نفطية سخية تضمن استقرار الاقتصاد الباكستاني.
ملايين العمال الباكستانيين الذين يشكلون جزءًا مهمًا من سوق العمل في السعودية.
مكانة الحج والعمرة كإطار جامع يعمّق الروابط بين الشعبين.
هذا التشابك يجعل من العلاقة أكثر تعقيدًا من مجرد اتفاقية دفاعية، ويؤكد أنها علاقة استراتيجية طويلة الأمد تقوم على المصالح المشتركة.
موقع إسرائيل في الحسابات السعودية
من النقاط المثيرة أن توقيع الاتفاقية دفع مراقبين إلى التساؤل حول ما إذا كانت تحمل إشارة غير مباشرة إلى إسرائيل.
فطوال عقود، اعتبرت الرياض أن إيران هي خصمها الأول، ووجّهت صواريخها الباليستية نحوها وفق صور فضائية مسرّبة. لكن الحرب الجارية، ولا سيما تبادل الضربات بين إيران وإسرائيل، يدفع إلى إعادة التفكير في التوازنات الاستراتيجية داخل الخليج.
بحسب المقال المنشور في يديعوت أحرونوت، سيكون من الحكمة أن ترسل إسرائيل رسائل طمأنة لا تهديدات إلى دول الخليج، خاصة مع إدراك هذه الدول أنها بحاجة إلى بدائل أمنية تعزز موقفها في حال تراجع الدعم الأمريكي.
دلالات الاتفاقية على الأمن الإقليمي
تؤكد أن السعودية تبحث عن تنويع شركائها الأمنيين بعيدًا عن الاعتماد الكامل على واشنطن.
تكشف أن باكستان مستعدة لتعزيز دورها الإقليمي، لكن ضمن حدود المصلحة الوطنية.
تزيد التكهنات بشأن مستقبل التوازن العسكري في الخليج، خصوصًا مع تصاعد التهديدات الإيرانية والإسرائيلية.
المصدر : يديعوت أحرونوت









