-
℃ 11 تركيا
-
12 يونيو 2025
خاص/ في عيد الأضحى.. كيف يقضي الأطفال يومهم تحت القصف؟
اعياد تحت القصف ويوميات طفولة منسية
خاص/ في عيد الأضحى.. كيف يقضي الأطفال يومهم تحت القصف؟
-
8 يونيو 2025, 5:22:11 م
-
418
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تعبيرية
خاص موقع 180 تحقيقات
في حديث خاص لموقع "180 تحقيقات"، كشف الدكتور عبدالرزاق محمد الدليمي، عميد كلية الإعلام الأسبق بجامعة بغداد، كيف يقضي الأطفال يومهم تحت القصف؟.
استمرار المشاهد الحزينة في العيد
وقال الدليمي في الوقت الذي يستعد فيه المسلمون حول العالم للاحتفال بعيد الأضحى، ترتدي غزة السواد، وتكتسي الضفة الغربية برائحة البارود. لا بهجة في الطرقات، ولا تكبيرات في الساحات، ولا أطفال يمرحون بملابس العيد الجديدة. كل ما هنالك هو أصوات الطائرات، صرخات الأمهات، وأنين الأطفال تحت الركام. في هذا العيد، لا أضحية تُذبح إلا الإنسان الفلسطيني، ولا “تهنئة” تصل إلا بنعي شهيد أو قصف بيت أو دفن طفل.
اعياد تحت القصف ويوميات طفولة منسية
وتابع: بينما ينشغل أطفال العالم بالهدايا والمراجيح، يستيقظ أطفال غزة والضفة على أصوات الانفجارات، يركضون حفاةً من بيتٍ إلى خيمة، يخبئون ألعابهم البسيطة في أكياس الإغاثة، ويتبادلون الحكايات عن فقدان إخوتهم أو آبائهم. الطفل الفلسطيني لا يعرف طقوس العيد كما يعرفها أقرانه، بل يعرف كيف يحسب عدد الصواريخ في الدقيقة، ويميز طراز الطائرات من صوتها، ويعرف معنى “التصفية” و”الاجتياح” قبل أن يتعلم جدول الضرب.
ذاكرة مشوّهة… وقلب يتعلّم الصبر مبكرًا
العيد بالنسبة لأطفال غزة والضفة ليس إلا ذكرى ألم جديد تُضاف إلى أرشيف الذاكرة. في كل عام، يفقد البعض منهم أحد الوالدين، أو يُبتَر عضو من جسده، أو يُهدم بيت كان يأويه. وفي كل عام، يُجبَر الطفل على أن يكبر قبل أوانه، أن يواسي أمه، ويهدهد أخاه الرضيع، بينما يجلس بجانب قبر أخته الصغيرة، ويتعلّم الصبر في عمرٍ لا يُفترض فيه إلا أن يحيا دون قلق.
الضفة تشتعل… وغزة تنزف
وأكد أن الهجمة الإسرائيلية ليست حكرًا على غزة وحدها؛ فالضفة الغربية تعيش هي الأخرى حالة حرب يومية: اقتحامات، اغتيالات، وهدم منازل. لكن ما يُميز هذا العيد تحديدًا هو وحدة الجرح. الدم الفلسطيني يسيل من كل الاتجاهات، لكن الرد هذه المرة مختلف. فالمقاومة الفلسطينية، بلسان واحد، تقول:
لا تهدئة دون وقف الإبادة، لا عيد تحت النار، ولا كرامة دون رد.المقاومة الحقيقية لا تدافع فقط عن الأرض، بل عن الطفولة المسروقة، عن عيدٍ بات ترفًا، وعن حياة يحرم منها جيل كامل.
العالم لايسمع بكاء الأطفال
وأوضح انه في زمن التشبع الإعلامي، تمرّ صور المجازر كأنها مشاهد سينمائية، دون أن تحرّك ساكنًا. طفل يُنتشل من تحت الركام، وآخر يهمس لوالده الشهيد: “صحّي يا بابا.. العيد إجا”، ثم يُدفن معه دون أن يدرك أن العالم مشغول بخصوماته السياسية ومصالحه الاقتصادية.
لكن وسط هذا الصمت، لا يزال الطفل الفلسطيني يبتسم حين تصله قطعة شوكولاتة، أو يُعطى دفترًا جديدًا، أو ينجو من غارة. إنها ابتسامة من نوع خاص، فيها كل معاني البقاء رغم الانكسار، والفرح رغم الجراح.
عيد لا يشبه الأعياد
ليس في هذا العيد “لباس جديد” بل جراح تُجدَّد، ولا “أضحيات” إلا أجساد الأبرياء، ولا “تكبيرات” إلا من حناجر الأمهات المفجوعات. ومع ذلك، لا تنكسر غزة، ولا تُهزَم الضفة، لأن الطفل الذي يحتمي بصدر أمه تحت الأنقاض اليوم، هو مشروع مقاوم الغد.
فالعيد في فلسطين، ليس يوم فرح فقط، بل إعلانٌ للبقاء، ومقاومةٌ للحذف، وتمسّكٌ بالأمل في وجه آلة القتل.










