حين يُجوّعون الأطفال ليُسهّلوا قتلهم

الأونروا تحذّر من جريمة حرب وعضو كنيست يدعو لإبادة رُضّع غزة

profile
  • clock 21 مايو 2025, 8:58:56 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
بنوك أهداف العدو الإسرائيلي في غزة

متابعة: عمرو المصري

في مشهد لا يتكرر إلا في صفحات الجرائم ضد الإنسانية، تصر إسرائيل على ترسيخ موقعها كأكثر الأنظمة دموية وإرهابًا في العصر الحديث، من خلال سياسات ممنهجة تستهدف الأطفال الرضع، وتستغل المساعدات الإنسانية كسلاح إضافي في حرب الإبادة الجماعية التي تشنها ضد سكان قطاع غزة المحاصر.

خطة مسمومة تحت غطاء إنساني

أعلنت إسرائيل مؤخرًا عن خطة جديدة لإدخال المساعدات إلى غزة، تزعم أنها تهدف لتخفيف المعاناة. غير أن هذه الخطة، بحسب مفوض وكالة الأونروا فيليب لازاريني، لا تمت للإنسانية بصلة، بل هي امتداد لسياسة التهجير القسري التي تسعى إسرائيل من خلالها إلى تفريغ القطاع من سكانه ودفعهم جنوبًا، تمهيدًا لطردهم خارج فلسطين بالكامل. الخطة، التي تدعمها الولايات المتحدة، تنص على تسليم المساعدات للفلسطينيين في نقاط محددة تخضع لإشراف عسكري إسرائيلي مباشر، بدلًا من إيصالها عبر منظمات إنسانية محلية ودولية، وهي خطوة وصفها لازاريني بأنها قد تُسهّل ارتكاب جريمة حرب، بل وتمنح إسرائيل الحق في تحديد من يستحق الحياة ومن يجب التضحية به.

من يساعد طفلًا اليوم، يُقتل غدًا؟

لم تعد إسرائيل تخفي نواياها الحقيقية. ففي تصريح مقزز يكشف الوجه الحقيقي للعنصرية الصهيونية، دعا عضو الكنيست الإسرائيلي السابق والقيادي في حزب "الليكود"، موشيه فيغلين، إلى قتل جميع أطفال غزة دون استثناء، واصفًا الرضع بأنهم "أعداء سيذبحون أطفالكم بعد 15 عامًا". لم يكن حديثه زلة لسان، بل تعبيرًا صريحًا عن عقيدة سياسية وعسكرية ترى في الطفل الفلسطيني خطرًا يجب استئصاله. هذا الخطاب لم يلق أي إدانة رسمية داخل إسرائيل، ما يعكس إجماعًا صامتًا على سياسة الإبادة العرقية، والتي بدأت فعليًا على الأرض بصواريخ تقصف الحضانات والملاجئ، وتجويع ممنهج يفتك بآلاف الأطفال.

تجويع منظم.. و"مساعدات" للموت

في ظل الحصار الكامل الذي فرضته إسرائيل منذ مارس/آذار، ومع تدمير أكثر من 92% من منازل غزة بحسب الأونروا، يعيش أكثر من مليوني إنسان – نصفهم من الأطفال – في ظروف لا يمكن وصفها إلا بالمحرقة المعاصرة. إسرائيل، التي تحرم دخول المواد الغذائية والطبية، تريد الآن أن يتحرك السكان وسط الدمار والخطر للحصول على طرود غذائية من نقاط تفتيشها، وهي نقاط لا تخلو من الإذلال والخطر، ولا ترقى بأي شكل لمبدأ إنساني. لازاريني حذر من أن هذه الخطة مجرد وسيلة لتسليح المساعدات وتحويلها إلى أداة سياسية وعسكرية، لا لإنقاذ الأرواح بل لاستكمال مشروع "إفراغ غزة" من سكانها.

الصمت الدولي.. شراكة في الجريمة

فيما العالم يكتفي بإصدار بيانات باهتة، أكد لازاريني أن الأمم المتحدة غير قادرة على ضمان وصول المساعدات لمن يحتاجها بالفعل في ظل هيمنة إسرائيل على التوزيع، محذرًا من أن جميع سكان غزة قد يواجهون المجاعة في الأشهر المقبلة. وتساءل: "من يريد أن يكون مسؤولاً عن مجاعة من صنع الإنسان؟"، وهي مجاعة لا تحدث بسبب نقص الموارد بل بسبب قرار سياسي من كيان يحتقر حياة الفلسطينيين، ويدوس على كل القوانين الدولية تحت غطاء "حق الدفاع عن النفس".

من الحصار إلى التطهير العرقي

إسرائيل لا تخوض حربًا ضد "حماس" كما تدعي، بل ضد وجود الفلسطينيين ذاته. تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، التي تتبنى أفكارًا طرحها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب حول تهجير سكان غزة إلى الخارج، تكشف بوضوح مشروعًا استعماريًا قبيحًا لا يختلف في جوهره عن الفصل العنصري أو التطهير العرقي الذي عرفه التاريخ. لا توجد "أخطاء" في هذه الحرب، بل كل شيء محسوب: من تدمير المخابز والمستشفيات، إلى منع دخول الحليب والدواء، إلى تحريض رسمي على قتل الأطفال.

غزة تحت الحصار.. العالم يتفرج

أمام هذا الإجرام الموثق، يزداد الصمت الدولي صخبًا، وتتحول بعض الدول الكبرى إلى شهود زور في مسرحية الإبادة. وعلى الرغم من تصاعد الانتقادات من دول مثل كندا وفرنسا وبريطانيا، إلا أن المواقف لم تتجاوز بعد مرحلة "القلق العميق". ما يجري في غزة ليس مجرد مأساة إنسانية، بل جريمة متواصلة ترتكب على الهواء مباشرة، والعالم يراها ولا يتحرك.

فلسطين تنزف.. والطفل هدف

لم يعد هناك شك: الطفل الفلسطيني ليس ضحية جانبية في حرب قاسية، بل هو الهدف الأول في استراتيجية إسرائيل لإبادة أمة كاملة. كل طفل في غزة هو شاهد على الجريمة، وكل رضيع يُقتل أو يُجوع أو يُشرد هو دليل إضافي على أن إسرائيل ليست دولة بل كيان إرهابي متعطش لدماء الأبرياء، يرتكب جرائمه بدم بارد، وبحماية دولية.

إنها حرب وجود، ومشروع إبادة، لا بد أن يُسمى باسمه، ويُدان بكل وضوح، قبل أن تبتلع المجاعة آخر ما تبقى من الطفولة الفلسطينية.

التعليقات (0)