-
℃ 11 تركيا
-
20 يونيو 2025
حين تُقاتل إيران بالعقل لا بالعدد: هندسة النار في معركة الاستنزاف ضد إسرائيل
الانتقال من الكم إلى الكيف – الدقة بدل التشويش
حين تُقاتل إيران بالعقل لا بالعدد: هندسة النار في معركة الاستنزاف ضد إسرائيل
-
20 يونيو 2025, 11:12:39 ص
-
424
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
أيران واسرائيل
🔎 رصد عسكري تحليلي
✍️ إعداد: رامي أبو زبيدة – رئيس تحرير موقع 180 تحقيقات
في ضوء تطورات الحرب الإيرانية-الإسرائيلية المتسارعة، تبرز ملامح بناء حالة عملياتية إيرانية جديدة، تستند إلى سلسلة من التعديلات التكتيكية والعملياتية الهادفة لإعادة تشكيل ميزان الضغط العسكري، ومحاولة فرض معادلات جديدة على ساحة الاشتباك، سواء على مستوى الرشقات الصاروخية أو في سياق التفاوض الاستراتيجي. وفيما يلي قراءة تحليلية لأهم المؤشرات:
🔻 أولاً: الانتقال من الكم إلى الكيف – الدقة بدل التشويش
بدأت إيران بشكل تدريجي تقليل عدد الصواريخ الموجهة في كل رشقة، مقابل تحسين نوعية الرؤوس الحربية وطرق التوجيه. هذا التحول يعكس تطورًا ملحوظًا في المنظومة الإيرانية، ويهدف إلى:
ضرب أهداف حساسة ونوعية (قيادة، استخبارات، سيبراني، دفاع جوي، بنى تحتية).
تقليل فرص اعتراض الصواريخ من قبل الدفاعات الجوية الإسرائيلية.
إحداث تأثير نفسي ومعنوي أكبر رغم العدد المحدود.
ويُحتمل أن إيران تستخدم صواريخ ذات رؤوس ذكية متعددة (MIRVs) أو ذخائر عنقودية، وهو ما ظهر في الضربات التي طالت منشآت سيبرانية في بئر السبع.
🔻 ثانيًا: موجات نارية متعددة عبر اليوم – إرباك دائم لمنظومات القيادة والسيطرة
تشير نمطية الهجمات الأخيرة إلى اعتماد إيران على توزيع الضربات زمنياً، بحيث لا تقع ضمن نطاق توقّع إسرائيلي معين (صباحًا أو ليلًا). الهدف هنا هو:
استنزاف منظومات الرادار والاعتراض (حيتس، مقلاع داوود، القبة الحديدية).
خلق ضغط نفسي دائم على الجبهة الداخلية.
دفع إسرائيل لإبقاء منظوماتها في حالة تأهب دائم، وهو أمر مكلف ومجهد ومحدود الموارد.
🔻 ثالثًا: خفض زمن الإعداد – تفادي الرصد والاستباق
من خلال تقارير استخباراتية متعددة، يبدو أن إيران بدأت تستخدم تكتيكًا يعتمد على:
تقليل زمن تجهيز منصات الإطلاق إلى ساعات بدل أيام.
إطلاق الصواريخ من أماكن مؤقتة أو متنقلة (تحت الأرض، أو بمركبات).
استخدام "الضربة المركّبة" (صاروخ + مسيّرة + تشويش إلكتروني).
هذا يمنح إيران ميزة تكتيكية تقلل من احتمالات كشف نواياها الهجومية، وتربك قدرة إسرائيل على الضربات الوقائية أو الاعتراض المبكر.
🔻 رابعًا: أثر استراتيجي – لا ضربات عبثية
إيران لا تسعى فقط إلى تسجيل إصابات، بل تبني موقفًا تفاوضيًا استراتيجيًا على وقع ضربات مدروسة. الغاية:
فرض "تكافؤ الردع" من باب الإيلام العسكري.
إجبار إسرائيل على التفكير في وقف إطلاق نار مشروط.
استثمار هذا التكافؤ للعودة إلى مسار المفاوضات النووية بشروط أفضل.
لكن هذا مرهون بمدى حجم الخسائر الحقيقية التي تلحقها إيران بعمق الجبهة الإسرائيلية، وكذلك قدرة طهران على تحمل التصعيد المضاد طويل الأمد.
🔻 خامسًا: الواقع العملياتي – حرب مفتوحة محكومة بالمسافة والريبة
رغم التصعيد، فإن واقع العلاقة بين الطرفين يشير إلى:
استبعاد حصول مواجهة برية مباشرة نتيجة البعد الجغرافي.
استمرار "حرب الضربات" والجولات النارية في نمط الاستنزاف غير المتكافئ.
انعدام الثقة الإيراني تجاه واشنطن يجعل من أي وساطة أمريكية غير مضمونة، ويقلل من فرص ضبط التصعيد.
✅ الخلاصة:
إيران تُعيد ضبط سلوكها العسكري ضمن معادلة ثلاثية:
> "الدقة بدل الكثافة – التوزيع بدل التكرار – الردع بدل المواجهة المفتوحة"
وإن نجحت في استثمار هذه الثلاثية ميدانيًا، فقد تُجبر إسرائيل على مراجعة حساباتها، خصوصًا إذا تراكمت نقاط الضغط على المستويين العسكري والسياسي.







