جامعة بريطانية تعيد تنصيب رئيستها بعد فصلها بسبب انتقادها لإسرائيل

profile
  • clock 2 مايو 2025, 4:05:47 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

فازت ستيلّا ماريس، رئيسة جامعة سانت أندروز في المملكة المتحدة، باستئنافها ضد قرار الجامعة بفصلها من الهيئة الإدارية الأعلى للجامعة، وذلك بعد أن أصدرت بيانًا يدين ما وصفته بـ"الهجمات الإبادة الجماعية" التي تشنها إسرائيل على غزة. وكانت الجامعة قد أزاحتها من منصبها العام الماضي بعد إرسالها رسالة إلكترونية إلى جميع الطلاب في نوفمبر 2023 تدعو فيها إلى وقف فوري لإطلاق النار، كما طالبتهم بإدانة "ممارسات مثل الفصل العنصري، والحصار، والاحتلال غير القانوني، والعقاب الجماعي الذي يتعرض له الفلسطينيون".

تحقيق داخلي وضغوط من مجموعات مؤيدة لإسرائيل

أعقبت الرسالة التي أرسلتها ماريس فتح تحقيق داخلي مستقل بقيادة المحامية موراغ روس KC، كُلِّفت به الجامعة بهدف فحص ما إذا كانت تصرفات ماريس تتماشى مع دورها كرئيسة للجامعة، وذلك بعد شكوى تقدمت بها مجموعة "محامون بريطانيون من أجل إسرائيل" (UK Lawyers for Israel). وقدمت روس نتائج تحقيقها إلى محكمة الجامعة، وهي الهيئة الإدارية العليا في جامعة سانت أندروز، في أبريل 2024، حيث خلصت إلى أن الرسالة التي أرسلتها ماريس "تسببت في القلق والخوف" لدى بعض الطلاب اليهود.

ورغم أن روس أوصت بعدم فصل ماريس، معتبرة أن الإجراء سيكون "غير متناسب"، قررت محكمة الجامعة عزلها من منصبها في نهاية المطاف. وقد أثار هذا القرار جدلًا واسعًا داخل أوساط الجامعة وخارجها، خاصةً أن دوافع العزل لم تكن مبنية على مخالفات إدارية أو قانونية بقدر ما كانت نتيجة ضغط سياسي بسبب موقف ماريس من العدوان الإسرائيلي.

انتصار بعد استئناف دام تسعة أشهر

بعد معركة استئناف استمرت تسعة أشهر، قرر مستشار الجامعة، مينزيس كامبل، إلغاء قرار الفصل، وإعادة تنصيب ماريس في منصبها داخل محكمة الجامعة. هذا القرار اعتُبر انتصارًا واضحًا ليس فقط لماريس، بل أيضًا لحرية التعبير وحق الأفراد في اتخاذ مواقف سياسية داخل الأطر الأكاديمية.

وفي تعليقها على القرار، وصفت ماريس الحكم بأنه "مفاجئ"، لكنه في الوقت ذاته "تبرئة لموقفي ودفاع عن المبادئ الأساسية لحرية التعبير والمساءلة الديمقراطية داخل جامعاتنا". وأضافت في بيان:

"ينبغي أن تظل الجامعات أماكن يمكن فيها للأفراد التعبير عن آرائهم ضد الظلم، خصوصًا عندما يكون هذا التعبير مدفوعًا بدوافع إنسانية وضمير أخلاقي، ومتسقًا مع مبادئ حقوق الإنسان الدولية".

كما عبّرت عن امتنانها للطلاب والأكاديميين والجمهور العام الذين وقفوا إلى جانبها خلال الأشهر الماضية، وأكدت نيتها مواصلة النضال لضمان الحق في التعبير السياسي وحرية الأكاديميين.

دعم طلابي وأكاديمي واسع لماريس

يُنتخب رئيس الجامعة في سانت أندروز من قبل الطلاب لتمثيلهم والدفاع عن مصالحهم، وهي وظيفة تطوعية غير مدفوعة الأجر. وبعد قرار فصل ماريس، تلقت دعمًا قويًا من مجتمع الطلاب، كما وقع أكثر من 500 أكاديمي من 17 دولة على بيانات تضامن معها.

وشمل دعمها كذلك منظمات مثل "حملة التضامن مع فلسطين" و"المركز الأوروبي للدعم القانوني" (ELSC)، الذي وفر لها الدعم القانوني وساهم في جمع التبرعات من أجل الاستئناف ضد قرار فصلها.

وقالت تسنيم عُدين، من المركز الأوروبي للدعم القانوني، إن "الانتصار الذي حققته ماريس يشكل صفعة واضحة للنمط المتصاعد من القمع الذي يواجهه من يدافعون عن حرية الفلسطينيين". 

وأضافت في تصريح لموقع "ميدل إيست آي":

"لأكثر من 570 يومًا، واصلت إسرائيل ارتكاب الإبادة في غزة، مستهدفة الجامعات والمستشفيات والمدنيين، ومع ذلك اختارت جامعة سانت أندروز معاقبة رئيستها فقط لأنها طالبت بوقف إطلاق النار".

وأكدت أن إعادة ماريس إلى منصبها تثبت أن محاولات إسكات هذه الحركة الجماهيرية لن تنجح، وأن الوسائل القانونية ستبقى أداة فعالة للدفاع عن الحقوق.

موقف الجامعة الرسمي: "المسألة ليست عن حرية التعبير"

وفي تعليقها على قرار إعادة ماريس، قالت متحدثة باسم جامعة سانت أندروز: "بصفتها الجهة التي اتخذت قرار فصل الرئيسة، فإن محكمة الجامعة تدرس بعناية قرار المستشار وتتلقى المشورة القانونية بشأنه".

وأضافت: "هذه المسألة لم تكن يومًا تتعلق بحرية التعبير، بل كانت دومًا مسألة متعلقة بالحكم الرشيد". وأكدت أن ماريس ما زالت تشغل منصبها كرئيسة للجامعة طوال هذه الفترة، رغم الخلاف الإداري.

يعكس هذا الجدل حالة التوتر المتزايد في الجامعات الغربية بشأن حرية التعبير، وخصوصًا فيما يتعلق بمواقف التضامن مع الشعب الفلسطيني، حيث يواجه الأكاديميون والطلبة الذين يتخذون مواقف ناقدة لإسرائيل ضغوطًا متزايدة ومحاولات إسكات ممنهجة. لكن قضية ماريس تظهر أيضًا إمكانية التصدي لهذه المحاولات وتحقيق انتصارات قانونية وأخلاقية تعيد الاعتبار للمبادئ الأكاديمية الأصيلة.

التعليقات (0)