مستقبل الاتفاق النووي.. إلى أين؟

تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية: قلق متزايد من مخزون إيران من اليورانيوم المخصب

profile
  • clock 3 سبتمبر 2025, 3:29:16 م
  • eye 419
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
تعبيرية

محمد خميس

كشفت وكالة رويترز، نقلاً عن تقرير سري للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أن إيران تواصل زيادة مخزونها من اليورانيوم المخصب، وسط تعثر في عمليات التفتيش وعدم قدرة الوكالة على التحقق بشكل كامل منذ منتصف يونيو الماضي. 

ويأتي هذا التقرير في وقت بالغ الحساسية إقليميًا ودوليًا، مع تصاعد التوترات بين طهران والغرب، وتزايد المخاوف من اقتراب إيران من مستويات تسمح بإنتاج سلاح نووي محتمل.

أرقام مقلقة حول مخزون إيران النووي

وفق التقرير، فإن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب ارتفع بنحو 627 كيلوغرامًا منذ آخر تحديث رسمي، ما يرفع إجمالي الكمية إلى مستويات تشكل قلقًا بالغًا لدى المجتمع الدولي.

اليورانيوم المخصب بنسبة 60%: زاد بمقدار 32 كغم، وهو مستوى قريب جدًا من درجة نقاء 90% المطلوبة لإنتاج سلاح نووي.

اليورانيوم المخصب بنسبة 20%: انخفض بمقدار 90 كغم، إلا أن هذه الكميات تظل مقلقة لسهولة رفع نسب التخصيب عبر أجهزة الطرد المركزي المتقدمة.

ويؤكد خبراء أن الكمية المعلنة كافية لتطوير عدة قنابل نووية إذا ما تم تخصيبها إلى مستويات أعلى، ما يزيد المخاوف من دخول المنطقة في سباق تسلح نووي.

انقطاع التحقق منذ يونيو

أحد أخطر ما ورد في التقرير أن الوكالة لم تتمكن من التحقق من مخزون إيران منذ 13 يونيو 2025، وهو ما يفتح الباب أمام تكهنات بوجود نشاط غير معلن أو زيادات غير مرصودة في الكميات المخزنة.

 ويشير مراقبون إلى أن غياب الشفافية يفاقم الشكوك ويصعّب على المجتمع الدولي مراقبة برنامج إيران النووي بشكل موثوق.

حادثة فوردو وإلغاء التفويض

أورد التقرير تفاصيل حادثة تتعلق بمنشأة فوردو النووية، حيث قام مفتشان بجلب صفحات إلى مقر الوكالة في فيينا بدلًا من تركها في الموقع، وهو ما اعتبرته إيران خرقًا للإجراءات، فقامت بإلغاء تفويضهما.

لكن الوكالة أوضحت أن الصفحات لم تتضمن أي محتوى يمس سرية أو أمن المنشأة، وأن رد الفعل الإيراني غير مبرر، معتبرة أن هذه الخطوة تقوض قدرة الوكالة على أداء مهامها.

قلق بالغ من اليورانيوم عالي التخصيب

أكدت الوكالة أن مخزون إيران من اليورانيوم عالي التخصيب يشكل مصدر قلق بالغ، مشددة على ضرورة التعامل مع الملف دون تأخير.

 وأوصت بضرورة استكمال وضع آليات تقنية لاستئناف عمليات التفتيش، بما يعيد الثقة في التزامات إيران بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي.

انعكاسات التقرير على المشهد الدولي

يثير التقرير أسئلة حساسة حول مستقبل المفاوضات النووية بين إيران والغرب. فبينما تدعو أطراف أوروبية إلى استئناف الحوار لإحياء الاتفاق النووي (JCPOA)، تتخذ الولايات المتحدة موقفًا أكثر تشددًا، مع تهديدات بفرض مزيد من العقوبات إذا لم تتعاون طهران مع الوكالة.

على الجانب الآخر، تواصل روسيا والصين دعم إيران سياسيًا، معتبرين أن الضغوط الغربية المفرطة هي السبب في تعثر التعاون. هذا الانقسام يعقد أي محاولة للتوصل إلى حل دبلوماسي شامل.

الموقف الإقليمي.. إسرائيل ودول الخليج

لا يخفى أن إسرائيل تراقب عن كثب تطورات الملف النووي الإيراني، وقد صرّح مسؤولون مرارًا بأنهم لن يسمحوا لإيران بامتلاك سلاح نووي، ملوحين بخيارات عسكرية.

في المقابل، تعيش دول الخليج حالة من الترقب، إذ ترى أن امتلاك إيران لقدرات نووية عسكرية محتملة سيخل بالتوازن الأمني الإقليمي، ويفتح الباب أمام سباق تسلح نووي عربي، وهو ما قد يفاقم الأوضاع الأمنية المتوترة أصلًا في المنطقة.

تصريحات ترامب تضيف التوتر

وفي سياق متصل، صرّح الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بتصريحات مثيرة، حيث طالب حركة حماس بـ"إعادة جميع الرهائن العشرين فورًا"، معتبرًا أن أي تأخير سيؤدي إلى "تغير سريع في الأوضاع".

 رغم أن هذه التصريحات تخص الوضع في غزة، إلا أنها عكست عودة ترامب لاستخدام خطاب متشدد، ما قد ينعكس أيضًا على ملف إيران النووي إذا فاز في الانتخابات المقبلة.

مستقبل الاتفاق النووي.. إلى أين؟

بعد صدور التقرير، بات مستقبل الاتفاق النووي أكثر غموضًا. فالوكالة الدولية للطاقة الذرية تطالب باستئناف التفتيش، بينما ترفض إيران أي ضغوط تعتبرها "غير مبررة". وفي ظل الانقسام الدولي، يخشى أن تستمر طهران في رفع مستويات التخصيب، ما يقربها أكثر من "العتبة النووية".

ويرى محللون أن الخيارات أمام المجتمع الدولي تضيق:

إما العودة إلى طاولة المفاوضات بمرونة أكبر.

أو مواجهة سيناريو تصعيدي قد يشمل ضربات عسكرية أو عقوبات مشددة.

إن تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول مخزون إيران من اليورانيوم المخصب يمثل جرس إنذار جديد للمجتمع الدولي. 

فالأرقام المعلنة، إلى جانب القيود المفروضة على عمليات التفتيش، تكشف عن وضع معقد يهدد الأمن الإقليمي والعالمي. وبينما تحاول بعض الأطراف دفع عجلة المفاوضات، يزداد الخطر مع كل يوم تتأخر فيه الرقابة، ما يجعل الملف الإيراني أحد أكثر القضايا حساسية على الأجندة الدولية خلال المرحلة المقبلة.

التعليقات (0)