تكبير الخط تصغير الخط

محمد خميس

أثار تصريح مقتضب للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تناقلته قناة 15، جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والإعلامية. فحين سُئل ترامب عمّا إذا كان سيكون هناك صفقة، أجاب بكلمة واحدة: "نعم".
هذا التصريح القصير فتح الباب أمام سلسلة من التأويلات حول طبيعة الصفقة التي يقصدها، سواء كانت متعلقة بالانتخابات الأمريكية المقبلة، أو بالسياسة الخارجية، أو حتى بالقضية الفلسطينية وملف الشرق الأوسط.

هل يقصد صفقة سياسية داخلية؟

منذ مغادرته البيت الأبيض، يواصل ترامب تعزيز حضوره في المشهد السياسي الأمريكي، ويستعد لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة. ومن هنا يرى محللون أن إجابته قد تكون إشارة إلى "صفقة سياسية داخلية"، تتعلق بإعادة ترتيب البيت الجمهوري، أو حتى التوصل إلى تفاهمات مع خصومه داخل الحزب الديمقراطي.
فترامب يعرف كيف يوظف الكلمات البسيطة لإثارة اهتمام الإعلام، وهي استراتيجية استخدمها مرارًا في حملاته الانتخابية السابقة.

صفقة في الشرق الأوسط؟

لكن على الجانب الآخر، لا يستبعد مراقبون أن يكون تصريح ترامب مرتبطًا بما يُعرف بـ"صفقة القرن"، الخطة التي أطلقها خلال ولايته الأولى بشأن السلام بين إسرائيل والفلسطينيين.
تصريحات متكررة خلال الفترة الأخيرة أشارت إلى أن بعض الدول الغربية والعربية تبحث عن مخرج لوقف الحرب في غزة وإعادة إطلاق مسار التسوية. وبالتالي، فإن جواب ترامب قد يُفهم على أنه تلميح إلى إمكانية إحياء خطته أو تقديم نسخة معدلة منها.

اللغة الغامضة التي تميز ترامب

تصريحات ترامب عادة ما تأتي بأسلوب غامض ومقتضب، يترك المجال مفتوحًا أمام التكهنات. فبدلًا من إعطاء تفاصيل، يكتفي بكلمات قصيرة لكنها مثيرة للجدل، ما يجعلها مادة دسمة للإعلام والتحليل السياسي.
إجابته بكلمة "نعم" فقط، هي استمرار لنهجه الذي يعتمد على الغموض لجذب الانتباه، وفي الوقت نفسه إرسال رسائل غير مباشرة لأنصاره وخصومه على حد سواء.

التوقيت الحساس

تأتي هذه التصريحات في توقيت بالغ الحساسية:

في الداخل الأمريكي: مع اقتراب السباق الانتخابي واحتدام المنافسة داخل الحزب الجمهوري.

في الخارج: مع استمرار الحرب في غزة، وتصاعد التوترات في الضفة الغربية، وعودة الملف النووي الإيراني إلى الواجهة.
كل هذه الملفات قد تجعل "الصفقة" التي تحدث عنها ترامب متشعبة ومتعددة الأبعاد.

ردود الفعل الأولية

الإعلام الأمريكي والأوروبي تلقف هذا التصريح بسرعة، حيث تناقلت وكالات الأنباء السؤال والإجابة القصيرة، وسط محاولات لتفسيرها.
البعض اعتبر أن ترامب يحاول فقط جذب الأنظار واحتلال العناوين مجددًا، بينما رأى آخرون أن لديه بالفعل خططًا عملية يسعى إلى طرحها في حال فوزه بالانتخابات القادمة.

بين السياسة والاقتصاد

لا يمكن إغفال احتمال أن تكون "الصفقة" مرتبطة بالاقتصاد العالمي أو التجارة، خصوصًا أن ترامب عُرف بسياساته التجارية الحادة، سواء في فرض الرسوم الجمركية على الصين، أو إعادة التفاوض بشأن اتفاقيات دولية.
وعليه، قد تكون إجابته الغامضة تمهيدًا للكشف عن مبادرة اقتصادية كبرى يخطط لها.

دلالات كلمة "نعم"

رغم بساطة الجواب، إلا أن كلمة "نعم" تعكس ثقة ترامب في قدرته على إحداث تغيير أو التوصل إلى اتفاق ما، سواء في الداخل الأمريكي أو على الساحة الدولية.
كما تحمل رسالة لأنصاره بأنه لا يزال لاعبًا مؤثرًا، قادرًا على العودة إلى المشهد بقوة، وربما تقديم ما يعجز عنه خصومه.