-
℃ 11 تركيا
-
14 أغسطس 2025
تحقيق نيويورك تايمز: اعتداءات المستوطنين بالضفة الغربية تصل إلى مستوى قياسي في النصف الأول من العام
تصاعد مقلق في الهجمات
تحقيق نيويورك تايمز: اعتداءات المستوطنين بالضفة الغربية تصل إلى مستوى قياسي في النصف الأول من العام
-
14 أغسطس 2025, 1:08:10 م
-
411
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تعبيرية
محمد خميس
كشف تحقيق أجرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، استنادًا إلى سجلات رسمية للجيش الإسرائيلي وبيانات صادرة عن الأمم المتحدة، أن اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة بلغت مستوى قياسيًا غير مسبوق في النصف الأول من هذا العام. ووفق التقرير، نفذ المستوطنون أكثر من 750 اعتداءً موثقًا على الفلسطينيين خلال هذه الفترة، في مؤشر على تصاعد العنف وتدهور الأوضاع الأمنية في الأراضي المحتلة.
تصاعد مقلق في الهجمات
تشير البيانات الأممية التي نقلتها الصحيفة إلى أن معدل الاعتداءات هذا العام يُعد الأعلى منذ بدء تسجيل هذه الحوادث بشكل منهجي. وتتنوع هذه الاعتداءات بين هجمات جسدية مباشرة على الفلسطينيين، وتدمير للممتلكات، وحرق للمزارع، واقتحام للقرى، وإغلاق طرق رئيسية تربط بين المدن والبلدات الفلسطينية.
ويحذر خبراء من أن هذه الأرقام تعكس سياسة ممنهجة تهدف إلى توسيع السيطرة الاستيطانية على الأراضي الفلسطينية، عبر ممارسة الضغط والعنف على السكان الأصليين لدفعهم إلى ترك أراضيهم.
دور الجيش الإسرائيلي
رغم أن الجيش الإسرائيلي يملك سجلًا كاملاً بتفاصيل هذه الاعتداءات، إلا أن تقارير حقوقية محلية ودولية تتهمه بالتقاعس عن وقفها أو محاسبة منفذيها. بل وتشير شهادات ميدانية إلى أن قوات الاحتلال غالبًا ما توفر الحماية للمستوطنين أثناء تنفيذ الهجمات، أو تتدخل لقمع الفلسطينيين الذين يحاولون الدفاع عن أنفسهم.
ويرى مراقبون أن هذا التواطؤ العملي يخلق بيئة آمنة للمستوطنين لمواصلة أعمالهم العدوانية دون خشية من العقاب.
التأثير على المجتمعات الفلسطينية
الهجمات المتزايدة تركت أثرًا نفسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا عميقًا على الفلسطينيين في الضفة الغربية. فالاعتداءات على المزارع وحرق المحاصيل تضر مباشرة بمصدر رزق آلاف العائلات، بينما تؤدي الاعتداءات الجسدية والتهديدات المستمرة إلى نزوح قسري داخل القرى والمخيمات.
كما أن إغلاق الطرق ونصب الحواجز المؤقتة يعيق حركة المواطنين ويؤثر على قدرتهم في الوصول إلى المدارس والمستشفيات وأماكن العمل.
المجتمع الدولي وردود الفعل
أثارت الأرقام التي أوردتها نيويورك تايمز قلقًا واسعًا في أوساط المنظمات الدولية، حيث دعت الأمم المتحدة مرارًا إلى ضرورة محاسبة المستوطنين ووضع حد لسياسة الإفلات من العقاب.
من جهتها، طالبت منظمات حقوقية مثل "هيومن رايتس ووتش" و"بتسيلم" بفرض عقوبات دولية على قادة المستوطنين ومموليهم، معتبرة أن هذه الهجمات قد ترقى إلى مستوى "جرائم حرب" وفق القانون الدولي الإنساني.
الاستيطان كخلفية للأحداث
يأتي هذا التصعيد في إطار سياسة استيطانية إسرائيلية متسارعة، حيث أعلنت الحكومة الإسرائيلية في الشهور الأخيرة عن خطط لبناء آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة في الضفة الغربية، متجاهلة قرارات مجلس الأمن التي تدين الاستيطان وتعتبره غير شرعي.
ويرى محللون أن تصاعد العنف الاستيطاني ليس مجرد أعمال فردية، بل هو جزء من إستراتيجية أوسع تهدف إلى فرض واقع جغرافي وديموغرافي جديد على الأرض، يعرقل أي إمكانية لإقامة دولة فلسطينية متصلة وقابلة للحياة.
شهادات من الميدان
يروي أحد سكان قرية بورين جنوب نابلس أن قريته تعرضت لهجوم عنيف من قبل عشرات المستوطنين الذين أحرقوا حقول الزيتون واعتدوا على المنازل بالحجارة والزجاجات الحارقة، بينما كان جنود الاحتلال يقفون على مقربة من المكان دون أن يتدخلوا لوقف الاعتداء.
وفي الخليل، تحدثت عائلة فلسطينية عن اقتحام مستوطنين مسلحين منزلهم، وترويع الأطفال، وتحطيم النوافذ والأثاث، في حادثة وثقتها كاميرات مراقبة محلية.
التأثير السياسي والأمني
التصعيد الاستيطاني في الضفة الغربية يزيد من حالة الاحتقان، ويرفع احتمالية اندلاع مواجهات واسعة بين الفلسطينيين والمستوطنين، قد تمتد إلى اشتباكات مع قوات الاحتلال.
كما أن هذه الهجمات تضعف فرص العودة إلى أي مسار تفاوضي جاد، وتدفع فصائل المقاومة الفلسطينية إلى الدعوة للتصعيد الميداني ردًا على الجرائم المتكررة.
دعوات للتصدي الشعبي
في ظل غياب ردع دولي حقيقي، تعالت أصوات فلسطينية تدعو إلى تفعيل لجان الحراسة الشعبية في القرى المهددة بالاستيطان، وتكثيف العمل الميداني لحماية الأراضي والممتلكات.
كما طالبت الفصائل الفلسطينية بضرورة وحدة الصف وتنسيق الجهود لصدّ الهجمات، معتبرة أن مقاومة الاستيطان هي واجب وطني لا يمكن التهاون فيه.
يكشف تحقيق نيويورك تايمز أن اعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية لم تعد أحداثًا متفرقة، بل تحولت إلى ظاهرة منظمة ومدعومة ضمنيًا من مؤسسات الاحتلال. ومع تجاوز عدد الهجمات 750 حادثًا في نصف عام فقط، فإن المؤشرات تنذر بمزيد من التصعيد، ما لم يتم اتخاذ خطوات جادة على الصعيدين المحلي والدولي لوقف هذه الانتهاكات.
وفي ظل استمرار الاحتلال في دعم التوسع الاستيطاني، يبدو أن معاناة الفلسطينيين في الضفة مرشحة للتفاقم، بينما تبقى القضية الفلسطينية في قلب المشهد الدولي كأحد أكثر النزاعات تعقيدًا وإثارة للجدل.









