-
℃ 11 تركيا
-
3 أغسطس 2025
تحركات أمنية واقتصادية لمواجهة المضاربين بالدولار في ليبيا: المصرف المركزي يتوعد والسوق يترقّب
تحركات أمنية واقتصادية لمواجهة المضاربين بالدولار في ليبيا: المصرف المركزي يتوعد والسوق يترقّب
-
3 أغسطس 2025, 4:17:14 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
متابعة: عمرو المصري
في تحرك استثنائي يعكس حجم الأزمة المالية المتصاعدة في ليبيا، أعلن محافظ مصرف ليبيا المركزي، ناجي عيسى، اليوم الأحد 3 أغسطس 2025، عن إجراءات أمنية صارمة ضد من وصفهم بـ"تجار العملة غير القانونيين"، متوعداً بإغلاق محالّهم ومصادرة أموالهم. ولفت إلى أن وزارة الداخلية والحرس البلدي سيتحرّكان فوراً لملاحقة من يزاولون نشاطات الصرافة من دون ترخيص قانوني.
ويأتي هذا التصعيد الرسمي بالتزامن مع اضطرابات حادة في سوق الصرف، وصلت خلالها قيمة الدولار في السوق الموازية إلى حدود 8 دنانير، قبل أن تنخفض مجددًا إلى نحو 7.57 دنانير، فيما ظل السعر الرسمي المعتمد من المصرف المركزي عند 5.5 دنانير، ويرتفع إلى 6.4 دنانير عند احتساب الضريبة.
وفي تصريحات واضحة خلال اجتماع عُقد في طرابلس مع شركات ومكاتب الصرافة المعتمدة، أكد عيسى أن "سعر الصرف لن يُترك ليرتفع إلى 8 أو 9 دنانير كما يروج البعض"، واصفًا هذه التوقعات بأنها "رهانات خاسرة"، ومشدداً على أن ما يحدث "لا علاقة له بعناد شخصي، بل هو مسؤولية وطنية".
ضخّ 1.5 مليار دولار في السوق
وفي خطوة تهدف إلى تقليص الفجوة بين السعرين الرسمي والموازي وتوفير السيولة بالعملة الصعبة، أعلن المصرف المركزي عن بيع 1.5 مليار دولار للمصارف التجارية، موزعة على شريحتين: 500 مليون دولار مخصصة للأغراض الشخصية للعملاء، ومليار دولار مخصصة للاعتمادات المستندية وتمويل أنشطة التجارة الخارجية.
وأوضح المصرف أن هذه الخطوة تأتي في إطار مساعيه لتهدئة السوق وتوفير النقد الأجنبي بصورة قانونية ومنظّمة، بما يخفف من الضغط على السوق السوداء التي تفاقم الفجوة السعرية وتُرهق المواطنين والتجار على حد سواء.
كما أعلن المركزي عن قرب منح الموافقة النهائية لأكثر من 130 مكتب وشركة صرافة جديدة خلال الأسبوع الجاري، ما سيرفع عدد الكيانات المرخصة إلى 230 كياناً في مختلف المدن الليبية، في محاولة لتعزيز التغطية الجغرافية وتقليص الاعتماد على السوق غير الرسمية.
عجز في المدفوعات رغم استقرار الإيرادات
في السياق المالي، كشف مصرف ليبيا المركزي عن تحقيق إيرادات إجمالية بلغت 11.6 مليار دولار خلال النصف الأول من العام الجاري، منها 9.7 مليارات دولار من مبيعات النفط، و1.36 مليار دولار من الإتاوات.
وتبيّن بيانات المصرف أن الإيرادات النفطية شهدت استقرارًا نسبيًا خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام، حيث تراوحت بين 1.2 و1.6 مليار دولار شهريًا، قبل أن ترتفع في شهري مايو ويونيو إلى نحو 1.8 مليار دولار شهريًا، ما يشير إلى تحسن تدريجي في التدفقات المالية من القطاع النفطي.
إلا أن المصرف أشار إلى أن استخدامات النقد الأجنبي بلغت حتى منتصف 2025 نحو 16.6 مليار دولار، ما يعني تسجيل عجز في ميزان المدفوعات قدره 5 مليارات دولار، وهو ما يسلّط الضوء على التحديات العميقة التي يواجهها الاقتصاد الليبي في ظل استمرار التقلبات المالية والتجاذبات السياسية.
غموض حول التفاصيل الأمنية
ورغم التهديدات الصريحة التي أطلقها محافظ مصرف ليبيا المركزي، لم تُصدر وزارة الداخلية أو أي جهة قضائية حتى الآن توضيحًا رسميًا بشأن طبيعة الإجراءات الأمنية التي أُعلن عنها، أو الآليات التي ستُتبع لملاحقة تجار العملة غير النظاميين.
هذا الغموض يثير تساؤلات داخل الأوساط التجارية والمصرفية حول مدى الجدية والقدرة على تطبيق هذه السياسات على الأرض، خصوصًا في ظل الانقسام الإداري والأمني الذي تعانيه البلاد منذ سنوات، وهو ما يحوّل كثيرًا من الإجراءات إلى مجرّد قرارات بلا تنفيذ فعلي.
ضغوط على التجار والمواطنين
تشير تقارير اقتصادية إلى أن السوق الليبية تشهد منذ شهور أزمة حادة في توفر العملة الصعبة، ما يدفع التجار إلى اللجوء للسوق الموازية بأسعار مرتفعة جدًا، تنعكس بدورها على أسعار السلع والخدمات، وتثقل كاهل المواطنين، في بلد يستورد معظم حاجاته الأساسية من الخارج.
ومع استمرار الأزمة، يُتوقع أن تكون الفترة المقبلة حاسمة في اختبار قدرة المصرف المركزي على بسط سيطرته على سوق الصرف، سواء عبر أدواته المالية، أو من خلال التعاون الأمني مع الجهات المختصة لضبط النشاط غير المشروع في هذا القطاع الحساس.









