-
℃ 11 تركيا
-
2 أغسطس 2025
بعد 41 عامًا خلف القضبان…المناضل جورج عبدالله يغادر فرنسا إلى بيروت مرفوع الرأس
بعد 41 عامًا خلف القضبان…المناضل جورج عبدالله يغادر فرنسا إلى بيروت مرفوع الرأس
-
25 يوليو 2025, 9:37:13 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
المناضل جورج عبد الله في زنزانته في سجن لانميزان جنوبي فرنسا (الفرنسية)
متابعة: عبدالرحمن كمال
في لحظة تمثل مزيج من الفرح والذهول والانتصار، غادر المناضل اللبناني جورج عبد الله، أحد أبرز رموز المقاومة المناهضة للإمبريالية والصهيونية، صباح الجمعة، سجن "لانميزان" في مقاطعة أوت-بيرينه بجنوب غرب فرنسا، بعد أكثر من أربعة عقود من الاعتقال السياسي، ليتجه إلى بيروت حيث ينتظره احتفال رسمي وشعبي كبير.
قرار الإفراج، الذي أصدرته محكمة الاستئناف في باريس بتاريخ 25 يوليو، جاء بعد مسار قضائي طويل، اعتبره كثيرون صورة صارخة للظلم الغربي الممنهج بحق كل من يرفع صوته في وجه الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية.
ورغم أن النيابة العامة الفرنسية سارعت إلى الطعن في القرار أمام محكمة التمييز، فإن القانون الفرنسي لا يتيح تعليق تنفيذ الحكم، ما أتاح لعبد الله المغادرة فورًا، وهو في سن الرابعة والسبعين، متجهًا إلى وطنه بعد أن أمضى 41 عامًا في الأسر، قضى معظمها في عزلة شبه تامة داخل الزنازين الفرنسية.
من السجن إلى الوطن
في موكب ضم 6 مركبات بينها حافلتان صغيرتان، تم نقل عبد الله من سجنه إلى مطار تارب، ليستقل طائرة نحو باريس، ومنها إلى بيروت، حيث ينتظر أن يستقبله اللبنانيون في صالون الشرف بمطار بيروت الدولي، ثم يتجه بعدها إلى بلدته القبيات في شمال لبنان، حيث سيُنظم له استقبال شعبي ورسمي يتخلله كلمة يلقيها بنفسه أو أحد أفراد عائلته، وفق ما أفادت العائلة.
وقال محاميه جان-لوي شالانسيه لوكالة الصحافة الفرنسية: "هذا مصدر فرح وصدمة عاطفية وانتصار سياسي في آن. كان ينبغي أن يخرج منذ فترة طويلة جدًا"، مضيفًا أن المحكمة وصفت مدة احتجازه بأنها "غير متناسبة" مع الوقائع المنسوبة إليه ومع تقدّمه في السن.
نضال لم يلن رغم السنين
لم تكن سنوات الاعتقال الطويلة كافية لكسر عزيمة جورج عبد الله، الذي ظلّ متمسكًا بمواقفه السياسية ومناصرته للقضية الفلسطينية، ورافضًا تقديم أي اعتذار من شأنه أن يخدش كرامته أو يشكك بشرعية نضاله.
وخلال لقاء سابق معه داخل زنزانته، قالت النائبة الفرنسية اليسارية أندريه تورينيا، التي زارته برفقة مراسل وكالة الصحافة الفرنسية، إن عبد الله عبّر عن صموده بالقول: "أربعة عقود فترة طويلة، لكنها لا تشعر بها متى كانت هناك ديناميكية للنضال".
وكان القضاء الفرنسي قد حكم على عبد الله بالسجن المؤبد في عام 1987، بزعم تورّطه في عمليتي اغتيال استهدفتا دبلوماسيًا أمريكيًا وآخر إسرائيليًا في عام 1982. لكن عبد الله رفض الاعتراف بالاتهامات، واعتبر العمليات أفعال مقاومة مشروعة ضد الاحتلال الإسرائيلي والهيمنة الأمريكية، في سياق الحرب الأهلية اللبنانية والغزو الإسرائيلي لجنوب لبنان عام 1978.
مقاوم من جيل نادر
لم يكن جورج عبد الله مجرّد معتقل، بل رمز عالمي للكرامة والمقاومة، أصرّ على أن يبقى صامدًا رافضًا المساومة، رغم أنه كان مؤهلاً للإفراج المشروط منذ عام 1999، وقدم 12 طلبًا للإفراج خلال هذه السنوات، جميعها رُفضت لأسباب سياسية بحتة، وبضغط مباشر من واشنطن وتل أبيب.
ورغم أن المحكمة وصفت تنظيمه السابق، "الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية"، بأنه لم يعد قائمًا منذ 1984، وأقرت بأن عبد الله أصبح "رمزًا من الماضي للنضال الفلسطيني"، فإن ما يمثّله من ثبات على الموقف جعل قضيته حية في قلوب آلاف الناشطين والمدافعين عن الحرية حول العالم، والذين لم يتوقفوا يومًا عن المطالبة بإطلاق سراحه.
استحقاق تاريخي لشعب لم ينس رجاله
اليوم، يعود المناضل جورج عبد الله إلى لبنان، محاطًا بتقدير واسع من كل من يعرف معنى الصبر والوفاء والنضال. ليس مجرد سجين سابق، بل أسطورة نضالية حية سطّرت بسنوات السجن معنى التحدي في وجه نظام دولي لا يحاكم إلا الأحرار. وهو اليوم بين شعبه، بعدما جعل من زنزانته منبرًا لمقاومة مستمرة، لا تنكسر، ولا تستسلم.










