دعم دولي متآكل وتصريحات متطرفة تنذر بكارثة

باحث إسرائيلي: نزع سلاح حماس "غير واقعي" والحرب في غزة تمرّ بأزمة شرعية وسياسية

profile
  • clock 12 يونيو 2025, 3:45:22 م
  • eye 424
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
تعبيرية

محمد خميس

في تحذير لافت يسلّط الضوء على الارتباك الاستراتيجي داخل دوائر صنع القرار في إسرائيل، نشر الباحث والمستشار في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، عازر غات، تحليلًا مطوّلًا يؤكد فيه أن إسرائيل تقف عند مفترق طرق سياسي وعسكري خطير، في ظل تراجع الدعم الدولي وتآكل أهداف الحرب في قطاع غزة.

حرب بلا يقين سياسي أو جدوى عسكرية

يبدأ غات تحليله بالإشارة إلى أن غياب رؤية سياسية واضحة وجدوى عسكرية حقيقية لاستمرار الحرب، يجعل من استمرارها عبئًا استراتيجيًا، داعيًا إلى التخلي عن الأوهام السياسية ورفض خداع الذات بالافتراضات التي تروّجها بعض الجهات داخل حكومة الاحتلال حول إمكانية "حسم" الحرب بالكامل أو نزع سلاح حركة حماس بشكل نهائي.

ويرى أن تقييمًا واقعيًا للوضع يتطلب فصل الخطاب السياسي الشعبوي عن الأهداف الأمنية الفعلية، مؤكدًا أن التحزب السياسي داخل الائتلاف الحاكم يُعرقل تبني سياسة رشيدة.

الانقسامات الداخلية تفاقم أزمة الشرعية

يشير غات إلى أن الانقسامات الحادة داخل إسرائيل حول الحرب وشروط إنهائها ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالانتماءات السياسية، مؤكدًا أن تصاعد الخطاب المتطرف داخل الحكومة الحالية ألحق ضررًا كبيرًا بمكانة إسرائيل في المحافل الأوروبية، وفاقم من أزمة الشرعية الدولية، خاصة في ظل تدهور العلاقات مع الاتحاد الأوروبي وتغير المزاج الأميركي منذ نهاية ولاية ترامب.

ويضيف أن تسييس قضية الحرب والأسرى أدى إلى تقويض الخطاب الاستراتيجي الإسرائيلي، ودفع بالنقاش العام إلى مساحات مغلقة من التحزب والإيديولوجيا، بعيدًا عن الواقعية السياسية.

"الخطة المصرية" ونزع سلاح حماس: تفاؤل غير واقعي

وفي ما يتعلق بـ"الخطة المصرية" لإنهاء الحرب، يؤكد غات أن التفاؤل بنزع سلاح حماس غير واقعي، لافتًا إلى أن الدول العربية الداعمة لهذه الخطة تدرك حدود الممكن سياسيًا وميدانيًا، مشيرًا إلى أن دخول قوات عربية إلى غزة أو عودة السلطة الفلسطينية بشكل كامل لم يعد مطروحًا بجدية.

ورغم دعمه النظري لفكرة إعادة السلطة إلى القطاع، يؤكد الباحث أن هذا السيناريو غير قابل للتحقيق إلا إذا تم إضعاف حماس بشكل جذري، وهو أمر لم يتحقق ميدانيًا حتى الآن.

القضاء على "كل عنصر من حماس" وهمٌ غير قابل للتنفيذ

يفنّد غات الطروحات التي تتحدث عن استهداف كامل لحركة حماس حتى آخر عنصر، ويعتبرها أهدافًا غير واقعية، مشيرًا إلى أن الهدف الممكن يجب أن يقتصر على إضعاف القيادة، وتفكيك البنى التنظيمية، وكسر سيطرة حماس على المعابر والإمدادات.

كما يحذر من تكرار هجمات شبيهة بـ7 أكتوبر، حتى لو أعادت حماس بناء قوتها، مشيرًا إلى أن التهديد الصاروخي بحد ذاته يكفي لإعادة شبح فقدان الردع الإسرائيلي.

حماس تحتفظ بالسيطرة العسكرية رغم الضغوط

يشدد غات على أن أحد المطالب الأساسية لحماس في أي صفقة تبادل يتمثل في عودة الإمدادات كما كانت عليه قبل الحرب، وهو ما يعكس تمسكها بالسيطرة الفعلية على الأرض، حتى لو تخلّت عن مظاهر الإدارة المدنية.

ويؤكد أن مقولة "يمكننا استئناف الحرب لاحقًا" وهم خطير، لأن حماس في حال ترميم بنيتها ستتحصن في شبكة أنفاقها، ولن تجدي العمليات المحدودة أو الغارات الجوية في كسر قوتها مستقبلاً.

دعم دولي متآكل وتصريحات متطرفة تنذر بكارثة

في ختام تحليله، يُحذر غات من أن التصريحات المتطرفة التي تصدر من وزراء في الحكومة الإسرائيلية، مثل بتسلئيل سموتريتش الذي هدد بـ"إبادة كل غزة"، تتناقض كليًا مع تصريحات رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو التي تتحدث عن تنفيذ رؤية ترامب.

ويرى أن هذه التناقضات تُنذر بـكارثة سياسية واستراتيجية مزدوجة، داخليًا وخارجيًا، مؤكدًا أن نتنياهو يدرك استحالة تنفيذ تهجير جماعي أو إقامة مستوطنات جديدة في غزة، لكنه يواصل اللعب بورقة الخطاب لإرضاء شركائه اليمينيين، ما يمنع الحكومة من تبني سياسة واقعية وقابلة للتنفيذ.

تحذيرات غات تكشف عمق المأزق الإسرائيلي، وتعكس إدراكًا داخل المؤسسة الأمنية أن الحرب في غزة تجاوزت حدودها الاستراتيجية، وأصبحت عبئًا سياسيًا يتطلب إعادة حسابات جدية وعاجلة.

التعليقات (0)