مخيمات تحولت إلى "مدن أشباح"

الهيئة 302: اشتراطات إسرائيل ضد اللاجئين انتهاك صارخ للقانون الدولي

profile
  • clock 17 أغسطس 2025, 5:42:04 م
  • eye 415
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
الهيئة 302

محمد خميس

يشهد ملف اللاجئين الفلسطينيين في الآونة الأخيرة تطورات خطيرة، بعد إعلان الاحتلال الإسرائيلي عن شروط جديدة لعودة النازحين إلى مخيمات شمال الضفة الغربية، وخاصة مخيم جنين، ومخيمي نور شمس وطولكرم. وقد أثارت هذه الشروط غضبًا واسعًا بين الفلسطينيين والمؤسسات الحقوقية، وفي مقدمتها الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين، التي اعتبرت الخطوة محاولة خطيرة لشطب حق العودة وتصفية قضية اللاجئين.

الشروط الإسرائيلية المثيرة للجدل

بحسب ما أعلنته الهيئة 302، فقد اشترط الاحتلال ثلاثة بنود أساسية للسماح بعودة اللاجئين:

وقف عمل وكالة "أونروا" داخل المخيمات الثلاثة، رغم أن تأسيسها جاء بقرار أممي عام 1949 لتقديم خدمات أساسية للاجئين الفلسطينيين.

منع أي نشاط سياسي داخل المخيمات، مع إخضاع العائدين لفحوصات أمنية مشددة.

رفض دخول الناشطين السياسيين والأسرى المحررين، وإنشاء مراكز أمنية تابعة للسلطة الفلسطينية داخل المخيمات.

هذه الاشتراطات، وفق الهيئة، تمثل محاولة واضحة لفرض السيطرة الأمنية والعسكرية على حياة اللاجئين، وإلغاء البعد السياسي لقضيتهم، وتحويلهم فقط إلى متلقين للمساعدات الإنسانية بعيدًا عن جوهر القضية المتمثل في حق العودة.

أبعاد سياسية وراء القرار

يرى مراقبون أن هذه الشروط تأتي في إطار مساعٍ إسرائيلية أوسع تستهدف إنهاء دور وكالة الأونروا، باعتبارها الشاهد الأممي على قضية اللاجئين الفلسطينيين. كما أنها تهدف إلى تفريغ المخيمات من رمزيتها التاريخية المرتبطة بـ نكبة 1948، وتحويلها إلى تجمعات سكانية خاضعة للسيطرة الأمنية فقط.

ويشير محللون إلى أن هذه الخطوة ليست معزولة عن العملية العسكرية الواسعة التي شنها الاحتلال تحت اسم "الأسوار الحديدية"، والتي تسببت في تدمير شامل للبنية التحتية داخل المخيمات، وتهجير آلاف السكان. إذ لا يزال نحو 22 ألف نازح ممنوعين من العودة إلى منازلهم المهدمة حتى اليوم.

موقف الهيئة 302: رفض قاطع

في بيانها الصحفي، أكدت الهيئة 302 أن هذه الشروط تمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي ولقرارات الأمم المتحدة، وعلى رأسها القرار 302 لعام 1949، الذي يمنح وكالة الأونروا التفويض الكامل لتقديم الخدمات الصحية والتعليمية والإغاثية للاجئين الفلسطينيين إلى حين عودتهم.

وشددت الهيئة على أن اللاجئين ليسوا مجرد مستفيدين من مساعدات إنسانية، بل هم أصحاب حقوق سياسية وقانونية راسخة، لا يمكن التنازل عنها تحت أي ظرف. وأوضحت أن قبول هذه الشروط سيشكل سابقة خطيرة يمكن أن تمتد إلى بقية المخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة.

مخيمات تحولت إلى "مدن أشباح"

العملية العسكرية الأخيرة التي نفذها الاحتلال في شمال الضفة الغربية كان لها أثر مدمر على المخيمات الفلسطينية. فقد تم تدمير أكثر من 620 منزلاً بشكل كامل، وتضررت مئات المنازل الأخرى جزئيًا، ما جعل المخيمات أشبه بـ"مدن أشباح". كما أُجبر آلاف العائلات على النزوح، في مشهد يعيد إلى الأذهان مأساة النكبة.

دعوات للتحرك الدولي

دعت الهيئة 302 مختلف الجهات الفلسطينية والعربية والدولية إلى رفض هذه الشروط والعمل على إفشالها. كما طالبت المجتمع الدولي بالضغط على الاحتلال لاحترام القانون الدولي، وضمان عودة النازحين إلى منازلهم ومخيماتهم دون قيد أو شرط.

وأكدت الهيئة أن قضية اللاجئين ليست قضية إنسانية فقط، بل هي قضية سياسية جوهرية تمثل لبّ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وأن محاولات الالتفاف عليها عبر اشتراطات أمنية أو إلغاء وكالة الأونروا لن تنجح في طمس حق العودة.

إن ما يطرحه الاحتلال من اشتراطات يمثل محاولة جديدة لفرض سياسة الأمر الواقع على اللاجئين الفلسطينيين، عبر إلغاء رمزية المخيمات وشطب وكالة الأونروا. لكن الرفض الشعبي والمؤسساتي لهذه الخطوة يعكس تمسك اللاجئين بحقوقهم التاريخية، وفي مقدمتها حق العودة الذي لا يسقط بالتقادم.

ويبقى السؤال الأهم: هل يتحرك المجتمع الدولي فعليًا لوقف هذه الإجراءات، أم يظل الصمت سيد الموقف أمام واحدة من أخطر محاولات تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين؟

التعليقات (0)