"الكرة في ملعب يويفا": الفيفا يتهرب من مطالب إيقاف "إسرائيل"

profile
  • clock 1 أكتوبر 2025, 5:06:31 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

متابعة: عمرو المصري

في تصريحات جديدة، أكد نائب رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) فيكتور مونتالياني أن استمرار مشاركة إسرائيل في المنافسات الدولية ليس بيد الفيفا بشكل مباشر، وإنما يدخل ضمن صلاحيات الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) بحكم عضويتها فيه. وأوضح مونتالياني، الذي يرأس أيضًا اتحاد أميركا الشمالية والوسطى والكاريبي (كونكاكاف)، أن لكل اتحاد إقليمي آلياته القانونية والتنظيمية، وبالتالي فإن أي قرار يخص إسرائيل يجب أن يخرج من اليويفا نفسه. هذا الموقف يضع الفيفا في موقع المتفرج إلى حد كبير، مكتفيًا بالتأكيد على وجوب احترام قرارات الهيئات المعنية وعدم تجاوز اختصاصاتها.

لكن هذه التصريحات لم تُرضِ الكثير من الأصوات الحقوقية والرياضية حول العالم، إذ يرون أن الفيفا يمتلك صلاحيات رمزية وأخلاقية على الأقل، يمكن أن توظف في ظل ما تشهده غزة من حرب مستمرة. ومع ذلك، يصر مونتالياني على أن "الإجراءات يجب أن تُحترم" وكأن الأمر لا يحتمل نقاشًا واسعًا حول القيم التي تزعم كرة القدم أنها تمثلها، مثل المساواة والعدالة.

تأجيل التصويت الأوروبي

كان من المتوقع أن يجري الاتحاد الأوروبي لكرة القدم تصويتًا عاجلًا هذا الأسبوع للنظر في تعليق مشاركة إسرائيل من جميع المسابقات القارية، في ظل الحرب الدائرة على غزة وما خلفته من آلاف الضحايا المدنيين. غير أن تقارير إعلامية بريطانية كشفت عن تأجيل هذا التصويت بشكل مفاجئ، وذلك بعد ساعات فقط من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن خطة جديدة لوقف الحرب. هذا التزامن أثار الكثير من علامات الاستفهام، إذ يرى منتقدون أن السياسة الأميركية ما زالت تتدخل في كل تفاصيل الملف الإسرائيلي، حتى داخل المجال الرياضي.

ويبدو أن القرار الأوروبي لم يكن فنيًا بقدر ما هو سياسي، إذ تم تبرير التأجيل بالحاجة إلى "مزيد من المشاورات". لكن خلف هذا التبرير البيروقراطي تكمن ضغوط هائلة، بعضها علني وبعضها الآخر يجري خلف الكواليس، هدفها حماية إسرائيل من أي عقوبات قد تمثل ضربة لصورتها في العالم. وهنا يظهر بوضوح دور واشنطن في كبح أي مسار يعزل إسرائيل حتى في الرياضة.

ضغوط حقوقية متصاعدة

في موازاة هذه التطورات، صعّدت منظمة العفو الدولية تحركاتها ضد استمرار إسرائيل في البطولات الرياضية، حيث وجهت رسالة رسمية إلى كل من الفيفا واليويفا تطالب بتعليق عضوية الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم، معتبرة أن الحرب على غزة وما يصاحبها من جرائم ضد المدنيين تجعل استمرار إسرائيل في المنافسات الدولية إهانة للضحايا. هذه الرسالة ليست معزولة عن السياق الأوسع، إذ تتزايد يومًا بعد يوم الدعوات الشعبية والحملات الحقوقية التي تدعو إلى مقاطعة إسرائيل في مختلف المجالات، من الرياضة إلى الثقافة والاقتصاد، في إطار حركة المقاطعة العالمية (BDS).

وبينما تستمر هذه الضغوط، لا يزال الفيفا يتجنب الحسم ويركن إلى حجج قانونية تبدو ضعيفة أمام المشهد الدموي في غزة. هذا التردد يثير الغضب الشعبي ويعزز الانطباع بأن المؤسسات الرياضية الكبرى لا تزال خاضعة لمعادلات السياسة الدولية أكثر مما تخضع لمبادئ العدالة والحياد.

إسرائيل وسط المنافسات

ورغم كل الجدل المحيط بمشاركتها، ما زالت إسرائيل تخوض المنافسات الرسمية، حيث تحتل حاليًا المركز الثالث في المجموعة الأولى من التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2026، الذي سيُقام في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك. مشاركة إسرائيل على أرض الملعب، في ظل هذه الأجواء المشحونة بالدماء في غزة، تحولت إلى رمز مثير للجدل، إذ يرى كثيرون أن استمرارها بمثابة "تبييض رياضي" للاحتلال، يُستخدم لتلميع صورة دولة متهمة بارتكاب مجازر بحق المدنيين.

إن الجدل حول عضوية إسرائيل في الفيفا واليويفا لم يعد مجرد قضية رياضية، بل صار ساحة مواجهة بين من يريدون محاسبة الاحتلال على جرائمه، وبين من يسعون لحمايته سياسيًا ودبلوماسيًا وحتى رياضيًا. ومع تنامي دعوات المقاطعة العالمية، يبدو أن الرياضة لن تستطيع طويلاً أن تبقى بعيدة عن السياسة، خاصة حين تكون السياسة مشبعة بالدماء.

التعليقات (0)