تكبير الخط تصغير الخط

 محمد خميس

تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانها الواسع والممنهج على مدينة طولكرم ومخيميها شمال الضفة الغربية المحتلة، لليوم الـ126 على التوالي، في ظل حصار عسكري خانق، واقتحامات متكررة، وعمليات هدم وتدمير تطال كل مظاهر الحياة، في مشهد يوصف بأنه محاولة لعزل المدينة وإخضاعها بالكامل.

نور شمس... المخيم المحاصر منذ 113 يوماً

بحسب اللجنة الإعلامية في طولكرم، فإن مخيم نور شمس يُعد من أكثر المناطق تضررًا من العدوان، حيث دخل اليوم يومه الـ113 تحت الحصار، وشهد فجر الأحد اقتحامًا عنيفًا تخلله إطلاق نار كثيف وانفجارات ضخمة سُمعت في مختلف أحياء المدينة، وسط انتشار عسكري واسع ومنع السكان من الدخول أو الخروج.

وقد دفعت سلطات الاحتلال بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى المخيمات ومحيطها، خصوصًا عند دوار "ثابت ثابت" وسط المدينة، حيث أُغلقت كافة المحال التجارية، وتحولت المنطقة إلى ثكنة عسكرية.

مداهمات واعتقالات في القرى والبلدات المجاورة

وفي سياق التصعيد ذاته، اقتحمت قوات الاحتلال منزل المواطن تحدي حبيب في بلدة فرعون جنوب المدينة، وعبثت بمحتوياته، ضمن حملة مداهمات واعتقالات واسعة. كما اعتقلت الشاب مؤمن سليم عبد الدايم من بلدة عنبتا شرق المدينة، بعد توقيفه على حاجز طيار، بالإضافة إلى اعتقال الشابة ديانا غالب مزيد عقب مداهمة منزلها.

ضاحية شويكة ودير الغصون تحت الاجتياح والتخريب

وشهدت ضاحية شويكة شمال طولكرم اقتحامًا ليليًا لمنطقة "ظهرة إكبارية"، حيث داهم جنود الاحتلال منازل لعائلات أبو حيش، الزغل، والعنبص، وقاموا بتكسير محتوياتها وسرقة مبالغ مالية وشيكات من منزل المواطن عاصم أبو حيش، قبل أن يعتقلوا الشاب أمير عوفي.

وفي بلدة دير الغصون شمال المحافظة، صعدت قوات الاحتلال من انتهاكاتها باقتحام عدد من البنايات المرتفعة وتخريب شبكة الاتصالات عبر قطع أسلاك برج الإنترنت، إضافة إلى اعتقال شاب لم تُعرف هويته بعد.

انتشار واسع وحصار مشدد

رصدت اللجنة الإعلامية انتشارًا عسكريًا مكثفًا في طولكرم، حيث تمركزت قوات الاحتلال قرب "فواز مول" وسط المدينة، وسارت قوات راجلة نحو دوار المسلخ، فيما نُصب حاجز تفتيش على مفرق "أبو صفية"، كما اندلع حريق كبير في الأحراش شرق المدينة نتيجة القصف العشوائي.

نتائج كارثية: شهداء وجرحى ودمار واسع

وأسفر هذا العدوان المستمر عن استشهاد 13 مواطنًا، بينهم طفل وسيدتان، إحداهما حامل في شهرها الثامن، بالإضافة إلى عشرات الجرحى والمعتقلين. كما أدت العمليات العسكرية إلى تدمير واسع للبنية التحتية، والمحال التجارية، والمركبات، إلى جانب تهجير أكثر من 4200 عائلة، أي ما يزيد على 25 ألف مواطن من مخيمي طولكرم ونور شمس.

ووفق الإحصاءات، تم تدمير أكثر من 400 منزل بشكل كلي، و2573 منزلاً بشكل جزئي، مع استمرار إغلاق مداخل المخيمات وأزقتها بالسواتر الترابية، في محاولة لخنق الحياة وفرض أمر واقع جديد بالقوة.

سياسة الأرض المحروقة تطال شمال الضفة

ما يجري في طولكرم اليوم يُجسد سياسة "الأرض المحروقة" التي يعتمدها الاحتلال في الضفة الغربية، تحت غطاء الحرب على غزة، بهدف تفكيك النسيج المجتمعي، وفرض تهجير قسري على السكان. ومع استمرار الصمت الدولي، تزداد المخاوف من تكرار نماذج التدمير والتهجير في مناطق أخرى من الضفة، ما لم يتم تحرك سياسي وقانوني عاجل لوقف الانتهاكات ومحاسبة الاحتلال.