-
℃ 11 تركيا
-
2 أغسطس 2025
الشارع الأمريكي يرفض نتنياهو والحرب في غزة: صعود صوت الضمير في وجه السياسات الدموية
استطلاعات الرأي.. تحوّل في المزاج العام
الشارع الأمريكي يرفض نتنياهو والحرب في غزة: صعود صوت الضمير في وجه السياسات الدموية
-
30 يوليو 2025, 3:11:03 م
-
437
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
ترامب ونتنياهو
محمد خميس
في مشهد غير مألوف في التاريخ السياسي الحديث للولايات المتحدة، يتصاعد الرفض الشعبي الأمريكي للحرب في غزة، وتحديدًا لسياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي بات يُنظر إليه من قبل شرائح واسعة من المجتمع الأمريكي كرمز للدمار والتطرف. فمع استمرار العدوان الإسرائيلي على القطاع، خرجت مظاهرات حاشدة في عشرات المدن الأمريكية، رافعة شعارات تندد بجرائم الحرب، وتطالب بوقف الدعم الأمريكي غير المشروط لإسرائيل.
رفض يتجاوز الجاليات العربية والمسلمة
لم تعد التظاهرات المناهضة للحرب محصورة بالجاليات الفلسطينية أو العربية، بل انخرط فيها آلاف الأمريكيين من خلفيات متعددة، بمن فيهم يهود أمريكيون ونشطاء حقوق الإنسان، ممن يعتبرون أن ما يحدث في غزة يمثل إبادة جماعية ممنهجة بحق المدنيين.
وفي العاصمة واشنطن، شهدت الساحات المقابلة للكونغرس والبيت الأبيض مسيرات ضخمة رفعت لافتات كتب عليها: "أوقفوا الحرب على غزة" و"أمريكا شريكة في القتل" و"نتنياهو مجرم حرب". وفي نيويورك، نظم طلاب جامعات مرموقة مثل كولومبيا وهارفارد وقفات احتجاجية متكررة، طالبوا فيها إدارات جامعاتهم بقطع علاقاتها مع المؤسسات الإسرائيلية ووقف الاستثمارات التي تدعم الاحتلال.
استطلاعات الرأي.. تحوّل في المزاج العام
أشارت العديد من استطلاعات الرأي الحديثة إلى أن نسبة الأمريكيين الذين يؤيدون وقف إطلاق النار في غزة باتت في ارتفاع مستمر، بينما يتراجع التأييد الشعبي لإسرائيل، خاصة بين فئة الشباب. فبحسب استطلاع أجراه مركز Data for Progress، فإن أكثر من 66٪ من الأمريكيين يؤيدون وقف الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل في حال ثبوت ارتكابها انتهاكات جسيمة ضد المدنيين.
ويُعد هذا التحول ملفتًا في سياق تاريخ طويل من الدعم الأمريكي اللامحدود لإسرائيل، إذ بدأت شرائح متزايدة من الشعب الأمريكي ترى في الحرب الحالية عدوانًا غير مبرر، تدفع ثمنه الأرواح البريئة في غزة.
موقف إدارة بايدن بين ضغوط الداخل والتحالفات الخارجية
ورغم هذا الرفض الشعبي المتصاعد، لا تزال إدارة الرئيس جو بايدن مترددة في اتخاذ موقف حاسم تجاه حكومة نتنياهو، وتستمر في تقديم الدعم السياسي والعسكري لإسرائيل. إلا أن الضغوط الداخلية باتت تحرج البيت الأبيض بشكل متزايد، خاصة في ظل قرب موعد الانتخابات الرئاسية، حيث يهدد هذا الملف بتآكل القاعدة الشعبية الديمقراطية، خصوصًا بين الشباب والناخبين التقدميين.
وقد بدأت أصوات في الكونغرس، من أمثال السيناتور بيرني ساندرز والنائبة إلهان عمر، تطالب بوضوح بوقف التمويل العسكري لإسرائيل، ومحاسبة مسؤوليها على الجرائم المرتكبة في غزة، داعين الإدارة إلى الكف عن التستر خلف ما يسمى بـ"حق الدفاع عن النفس".
الإعلام البديل ومنصات التواصل تقلب المعادلة
من اللافت في هذه الحرب أن الإعلام التقليدي الأمريكي لم يعد يملك السيطرة الكاملة على الرواية، إذ برزت منصات التواصل الاجتماعي كأداة حاسمة في نقل مشاهد المجازر في غزة إلى الرأي العام الأمريكي. وقد ساهمت مقاطع الفيديو التي توثق استهداف الأطفال والمستشفيات والمدنيين في تغيير المزاج الشعبي بشكل غير مسبوق.
كما لعب المؤثرون والناشطون الرقميون دورًا كبيرًا في كشف تناقضات الرواية الرسمية، ما أدى إلى مزيد من الضغط على السياسيين والإعلاميين لتعديل خطابهم تجاه الحرب.
هل يؤثر هذا الرفض في صنع القرار الأمريكي؟
السؤال الأهم الآن هو: هل يترجم هذا الغضب الشعبي إلى تغيير فعلي في السياسة الأمريكية؟ الإجابة لا تزال غير واضحة، لكن المؤكد أن صورة إسرائيل في الوعي الجمعي الأمريكي بدأت تتآكل، وأن سياسة الصمت أو الدعم المطلق لم تعد تمرّ دون مساءلة.
إن ما تشهده الولايات المتحدة اليوم من احتجاجات ومواقف مناهضة لنتنياهو وحربه على غزة، يؤشر إلى تحوّل عميق في نظرة المجتمع الأمريكي للقضية الفلسطينية، ويعطي الأمل بأن صوت الضمير قد ينتصر في النهاية على حسابات المصالح.







