طابع الردود الإيرانية حتى الآن

التصعيد الإيراني-الأميركي بعد ضربات فوردو ونطنز: ملامح ردود مدروسة واحتمالات حرب إقليمية

profile
  • clock 22 يونيو 2025, 11:11:21 ص
  • eye 416
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
التصعيد الإيراني-الأميركي

محمد خميس

في أعقاب الضربات الجوية التي استهدفت منشآت نووية إيرانية حساسة، أبرزها فوردو ونطنز وأصفهان، دخلت منطقة الشرق الأوسط في مرحلة جديدة من التوتر بين إيران والولايات المتحدة. وتشير المؤشرات العسكرية والاستخباراتية إلى تطور لافت في طبيعة الردود الإيرانية وفي الحسابات السياسية المعقدة التي تحكم سلوك طهران.

أولاً: طابع الردود الإيرانية حتى الآن

حتى الآن، أظهرت إيران سلوكًا محسوبًا في ردودها، تمثل في إطلاق موجات صاروخية من قبل الحرس الثوري على مواقع إسرائيلية حساسة باستخدام صواريخ مثل "سجيل" و"خيبر" ذات الرؤوس المتشظية، دون تجاوز الخطوط الحمراء التي قد تشعل حربًا شاملة.

كما برزت تحركات محدودة من أذرع إيران في المنطقة، كالحوثيين والمقاومة في العراق ولبنان، والتي اقتصرت على التهديدات واستئناف التصعيد البحري، دون تنفيذ ضربات مباشرة ضد المصالح الأميركية.

الأمر اللافت هو غياب أي رد مباشر على واشنطن، رغم أن الضربة جاءت من طرفها، ما يشير إلى أن القيادة الإيرانية لا تزال تدرس خياراتها، وقد تختار توقيتًا وشكلًا غير متوقعين للرد.

ثانيًا: إشارات سياسية وأمنية تكشف عمق الاستعدادات

نقل المرشد الإيراني علي خامنئي إلى مخبأ محصن، وبدء التداول بثلاثة أسماء لخلافته، يعكس إدراكًا لخطورة الموقف. وفي الوقت نفسه، تواصل التصريحات الإيرانية التأكيد أن "الرد قادم"، مع تجنب الكشف عن التفاصيل، في إشارة واضحة إلى نية استخدام عنصر المفاجأة.

كما أعلن الحرس الثوري بدء "الموجة العشرين" من عملية "الوعد الصادق 3"، مشيرًا إلى استخدام تكتيكات جديدة في الرد، ما يعزز فرضية أن طهران تتبع سياسة الاستنزاف المرحلي بدلًا من الهجوم الكاسح.

ثالثًا: سيناريوهات الرد الإيراني المتوقعة

بناءً على التحركات الإيرانية والتقديرات العسكرية، يمكن حصر الردود الإيرانية المحتملة في عدة سيناريوهات:

ضربات موضعية ضد قواعد أميركية في الخليج أو العراق بصواريخ دقيقة أو طائرات مسيّرة، بهدف إيصال رسالة دون تصعيد كبير.

عمليات استنزاف غير مباشرة تنفذها أذرع إيران، مثل استهداف الحوثيين لسفن أو قواعد أميركية، أو تنفيذ "حزب الله" والحشد الشعبي عمليات محدودة.

هجمات سيبرانية تستهدف البنى التحتية الحيوية في إسرائيل أو القواعد الأميركية، تشمل شبكات الطاقة والمياه والاتصالات.

توسيع الضربات ضد إسرائيل عبر قصف مراكز اقتصادية وأمنية حساسة، مع الحرص على عدم تجاوز الحد الذي يدفع واشنطن للتدخل المباشر.

رابعًا: حسابات إيرانية دقيقة

تسعى إيران إلى الحفاظ على توازن صعب بين الردع وعدم الانزلاق إلى حرب شاملة. فرغم أن الضربات الأميركية كانت موجعة، إلا أن طهران تدرك أن ردًا متهورًا قد يفتح الباب أمام تدخل أميركي واسع، ما قد يُعرّض النظام الإيراني نفسه للخطر.

وقد تلجأ إيران إلى استثمار الحدث سياسيًا من خلال:

تنفيذ رد مدروس يُرضي جمهورها دون تفجير الأوضاع.

إرسال إشارات تفاوضية عبر وسطاء مثل روسيا أو الصين.

استخدام ورقة البرنامج النووي كورقة ضغط في المحافل الدبلوماسية.

خلاصة المشهد العسكري والسياسي

حتى اللحظة، تتحرك إيران ضمن استراتيجية "الرد التدريجي المرن"، حيث تسعى لإيصال رسائل ردعية دون أن تُورّط نفسها أو المنطقة في حرب مفتوحة. غير أن المخاطر لا تزال قائمة، خاصة في ظل الأجواء المشحونة والاقتراب من الانتخابات الأميركية، ما قد يدفع إدارة واشنطن الحالية إلى تبني خيارات أكثر هجومية لتحقيق مكاسب سياسية.

التعليقات (0)