-
℃ 11 تركيا
-
24 أغسطس 2025
الإعلان الأممي عن المجاعة في غزة: كارثة إنسانية وصراع ضد التجويع
الأدلة على التجويع الممنهج
الإعلان الأممي عن المجاعة في غزة: كارثة إنسانية وصراع ضد التجويع
-
23 أغسطس 2025, 3:22:15 م
-
416
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تعبيرية
محمد خميس
بعد 686 يومًا من الإبادة الجماعية التي تنفذها إسرائيل، أعلنت الهيئة الدولية المعنية بمراقبة الجوع في العالم (IPC) عن تفشّي المجاعة في قطاع غزة، وهو إعلان يشكل خطوة هامة لتوصيف الحقيقة المرعبة لما ترتكبه إسرائيل من استخدام التجويع كأداة حرب. ومع ذلك، يبقى السؤال الأكثر إلحاحًا: ماذا بعد هذا الإعلان، وهل هناك إجراءات فعلية لإنقاذ أكثر من مليوني إنسان من الموت جوعًا أو قصفًا؟
تفاصيل الإعلان الأممي عن المجاعة
أوضح التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، المدعوم من الأمم المتحدة، أن أكثر من نصف مليون شخص في غزة يواجهون مستويات كارثية من الجوع وسوء التغذية الحاد، متوقعًا امتداد الأزمة إلى مناطق مثل دير البلح وخان يونس قبل نهاية الشهر الحالي.
ودعا التقرير إلى وقف المجاعة بأي ثمن، محذرًا من أن سوء التغذية الحاد سيتفاقم بسرعة في القطاع حتى يونيو/حزيران 2026 إذا لم تتخذ إجراءات عاجلة.
التجويع كأداة حرب إسرائيلية
رغم اعتراف إسرائيل منذ بداية عدوانها باستخدام الغذاء والماء كأداة حرب، حاولت إنكار حدوث المجاعة عبر إدخال مساعدات محدودة لا تكفي لسد الجوع.
يُشير الخبراء إلى أن التجويع ليس جديدًا على إسرائيل؛ فقد استخدمت منذ حصار غزة عام 2006 سياسة هندسة التجويع عبر التحكم في المعابر وكميات الغذاء المسموح بدخولها، بهدف إبقاء السكان على قيد الحياة بالكاد.
ومع تصاعد العدوان في أكتوبر 2023، استخدمت هذه السياسة بشكل متوحش لتحقيق أغراض سياسية وانتقامية، حتى بات من المستحيل إنكار الكارثة التي يعيشها السكان.
معايير إعلان المجاعة
تكمن أهمية الإعلان الأممي في ندرته، حيث لا يتم الإعلان عن المجاعة إلا إذا تحققت ثلاثة شروط صارمة:
معاناة 20% على الأقل من الأسر من نقص غذائي حاد.
إصابة 30% من الأطفال بسوء تغذية شديد.
تجاوز معدل الوفيات شخصين يوميًا لكل 10 آلاف نسمة.
هذه المعايير تجعل من إعلان المجاعة في غزة حدثًا استثنائيًا على غرار حالات نادرة مثل الصومال 2011 وجنوب السودان 2017 و2020، ودارفور 2024.
المواقف الأممية والدولية
أشاد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بالإعلان، مؤكدًا أن المجاعة في غزة كارثة من صنع الإنسان واتهام أخلاقي لإسرائيل، مطالبًا بمحاسبتها.
وأشار غوتيريش إلى أن "الناس في غزة يتضورون جوعًا والأطفال يموتون، ومن يقع على عاتقه واجب التصرف يفشلون"، محملاً إسرائيل المسؤولية بصفتها القوة المحتلة، وموضحًا أن استمرار الوضع دون عقاب يمثل فشلًا للبشرية.
الأدلة على التجويع الممنهج
رأى المستشار القانوني للدولة بوزارة خارجية جنوب أفريقيا، زهير لاهر، أن التقرير الأممي يعزز الدعوى ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية، حيث يشير إلى محاولة ممنهجة لإبادة سكان غزة عبر حرمانهم من الغذاء ومنع المساعدات الإنسانية.
وأكد لاهر أن القضية ستوفر ملفًا إضافيًا يثبت أن إسرائيل ترتكب جريمة الإبادة الجماعية، داعيًا دول العالم للانضمام إلى القضية لضمان العدالة الدولية.
حملة التجويع والنتائج الميدانية
بحسب المرصد الأورومتوسطي وبيانات وزارة الصحة في غزة، يعاني أكثر من 1.5 مليون شخص من مستويات حادة من الجوع، بينما سجلت الوزارة 271 حالة وفاة، من بينهم 112 طفلًا، بسبب التجويع وسوء التغذية، في حين قد يكون الرقم الفعلي أكبر بكثير نتيجة الانهيار الصحي في القطاع.
كما أظهرت التقارير أن نقاط توزيع المساعدات الإنسانية، التي أنشأتها إسرائيل أحيانًا عبر مؤسسات مثل "غزة الإنسانية"، تحولت إلى مصائد موت أدت إلى سقوط آلاف القتلى والمصابين أثناء محاولة السكان الحصول على الغذاء.
خطوات مستقبلية لإنقاذ سكان غزة
يبقى السؤال الأهم: كيف يمكن وقف المجاعة وإنقاذ حياة السكان؟
تشير التقديرات إلى أن الحلول تتطلب:
فتح ممرات آمنة للغذاء والدواء دون قيود.
تدخل دولي عاجل يفرض حماية قانونية للمدنيين وفق قوانين الحرب الدولية.
الضغط السياسي والشعبي على إسرائيل لإنهاء سياسة التجويع المنهجية.
الإعلان الأممي عن المجاعة في غزة يكشف حجم الكارثة الإنسانية الناتجة عن العدوان الإسرائيلي ويؤكد أن التجويع أصبح سلاح حرب متعمد.
مع استمرار المعاناة، تصبح الإجراءات الدولية الفعلية أمرًا حاسمًا لإنقاذ ملايين المدنيين من الموت بسبب الجوع والقصف، فيما يظل العالم أمام اختبار حقيقي للعدالة الإنسانية والأخلاقية.










