إسرائيل في مأزق دفاعي: نقص الصواريخ يهدد القدرة الاعتراضية

profile
  • clock 18 يونيو 2025, 1:15:10 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

متابعة: عمرو المصري

مع تصاعد المواجهة مع إيران، بدأت تتكشّف ملامح أزمة دفاعية غير مسبوقة داخل المنظومة العسكرية الإسرائيلية، تتجاوز حدود الاستنزاف اليومي إلى تهديد جوهري يمسّ قدرة "تل أبيب" على الصمود في حرب طويلة الأمد. فبينما تتباهى إسرائيل تاريخيًا بمنظوماتها الدفاعية المتقدمة مثل "آرو" و"مقلاع داوود" و"القبة الحديدية"، تشير التقارير والتحليلات المتراكمة إلى أن هذه الحصون بدأت تتآكل تحت وطأة وابل الصواريخ الباليستية الإيرانية.

أزمة في صواريخ "آرو"

كشف مسؤول أميركي لصحيفة وول ستريت جورنال أن إسرائيل تواجه نقصًا في صواريخ "آرو" الاعتراضية المصممة لاعتراض الصواريخ الباليستية بعيدة المدى، وهي إحدى ركائز دفاعها ضد هجمات من هذا النوع. وبحسب المسؤول، فإن القلق الأميركي والإسرائيلي يتزايد من تراجع قدرة منظومة "حيتس" (Arrow) على توفير الحماية الكافية إذا استمر الصراع الحالي دون حل سريع.

اللافت أن وزارة الدفاع الأميركية، التي كانت على دراية بالمشكلة منذ أشهر، كثفت مؤخرًا من إرسال أنظمة دفاع إضافية إلى المنطقة برًا وبحرًا وجوًا، لكنها تدرك أن استمرار وتيرة الاستنزاف الحالي قد يؤثر أيضًا على مخزونها الخاص من صواريخ الاعتراض.

وفي السياق نفسه، حذّر توم كاراكو، مدير مشروع الدفاع الصاروخي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، من استنزاف الموارد الدفاعية قائلًا: "لا يمكن للولايات المتحدة ولا لإسرائيل الاستمرار في اعتراض الصواريخ طوال اليوم"، مؤكدًا أن الوضع يتطلب قرارات استراتيجية عاجلة لا يمكن تأجيلها.

تكلفة الدفاع: مليار شيكل كل ليلة

وفي مؤشر آخر على الاستنزاف المتسارع، كشفت صحيفة ماركر الإسرائيلية – ونقلتها واشنطن بوست – أن تكلفة الدفاع الصاروخي لإسرائيل وصلت إلى مليار شيكل (نحو 285 مليون دولار) يوميًا، أي ما يعادل ميزانية صغيرة لدولة كاملة تُهدر يوميًا فقط للحماية من صواريخ إيران ووكلائها.

مصدر مطّلع على التقييمات الاستخباراتية الأميركية والإسرائيلية صرّح لـواشنطن بوست أن إسرائيل قد تتمكن من الصمود من 10 إلى 12 يومًا فقط بمفردها، في حال واصلت إيران نفس وتيرة الهجمات، ودون تدخل مباشر أو تعزيزات كبيرة من الولايات المتحدة.

ومع تضاؤل المخزون الدفاعي، بدأت أنظمة الاعتراض الإسرائيلية تواجه معضلة الاختيار بين الأهداف، حيث قال المصدر نفسه: "سيتعيّن عليهم اختيار ما يريدون اعتراضه... النظام مُثقل بالفعل".

انهيار المنظومة الدفاعية.. واختراقات مقلقة

لكن ما يثير الذعر في الشارع الإسرائيلي – بحسب تقرير موسّع لصحيفة ذا تلغراف البريطانية – هو اختراق الصواريخ الإيرانية لما كان يُعتقد أنها طبقات حماية منيعة فوق إسرائيل. الصحيفة نقلت عن مسؤولين ومراقبين أن مشاهد الدمار في "تل أبيب" بعد موجات القصف الأخيرة أظهرت حدود فعالية "القبة الحديدية" وغيرها من الأنظمة، ما دفع الجيش الإسرائيلي نفسه إلى الإقرار علنًا بأن دفاعاته "ليست محكمة"، محذرًا السكان من الإفراط في الاعتماد عليها.

وأشارت الصحيفة إلى أن الصواريخ الباليستية الإيرانية، التي قد تتجاوز سرعتها ماخ 5 (أي أسرع من الصوت بخمس مرات)، تُصعّب مهمة الأنظمة الاعتراضية، خصوصًا في حالة القصف الكثيف. وأضافت أن إيران قد تستخدم في البداية وابلًا من الصواريخ التقليدية لتشتيت وإغراق المنظومات الدفاعية، تمهيدًا لإطلاق صواريخ أكثر دقة وخطورة مثل "شاهد حاج قاسم".

"شاهد حاج قاسم".. سلاح المفاجآت الإيرانية

يشكل صاروخ "شاهد حاج قاسم" تطورًا نوعيًا في ترسانة إيران، فهو صاروخ باليستي يعمل بالوقود الصلب، ويبلغ مداه 1600 كيلومتر، ما يتيح تخزينه لفترات طويلة في منشآت تحت الأرض، ثم استخدامه فجأة دون تحضيرات مرئية. وهو ما يعزز قدرة إيران على مفاجأة أنظمة الرصد الإسرائيلية والأميركية.

وبحسب تقرير التلغراف، فإن الاستخدام الأول لهذا الصاروخ خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي كان بمثابة اختبار ناجح لاختراق الدفاعات الإسرائيلية، مشيرة إلى أن نجاح صاروخ واحد في بلوغ هدفه قد يكون كفيلاً بترجيح كفة المعركة.

أسطورة الدفاع تنهار أمام الواقع

تجمع التحليلات والتقارير على أن منظومة الدفاع الإسرائيلية باتت في مرحلة حرجة، وأن تصدّيها لصواريخ إيران في الأسابيع المقبلة يعتمد بدرجة كبيرة على الدعم الأميركي، الذي هو بدوره أمام اختبار استنزاف مماثل.

المعضلة لا تتعلق فقط بنقص الذخائر، بل بفعالية الأنظمة نفسها أمام التطورات التكنولوجية في الترسانة الإيرانية، وقدرتها على التعامل مع سيناريو "حرب استنزاف" طويلة الأمد. وبينما يسابق الجيش الإسرائيلي الزمن لتعزيز قدراته، تتزايد التساؤلات داخل المؤسسة العسكرية والأمنية حول مستقبل الأمن الإسرائيلي، في حال استمرت المعركة بنفس الوتيرة أو تصاعدت.

التعليقات (0)