غزة بين الإبادة والحلول السياسية

أنطونيو كوستا: كارثة غزة تتطلب وقفًا فوريًا لإطلاق النار وحل الدولتين

profile
  • clock 1 سبتمبر 2025, 2:26:50 م
  • eye 429
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
أنطونيو كوستا

محمد خميس

في ظل تصاعد المأساة الإنسانية في قطاع غزة، خرج رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا بتصريحات مؤثرة، عبّر فيها عن صدمته من حجم الكارثة التي يعيشها المدنيون، وخاصة الأطفال، نتيجة الحرب المستمرة منذ أشهر. وأكد كوستا أن ما يجري في غزة يشكل تهديدًا للسلم والأمن الدوليين، ويستدعي تحركًا عاجلاً من المجتمع الدولي لوقف نزيف الدم وفتح الطريق أمام حل سياسي عادل ودائم.

صدمة أوروبية من حجم الكارثة الإنسانية

قال رئيس المجلس الأوروبي إنه يشعر بصدمة بالغة إزاء معاناة المدنيين في غزة، مضيفًا أن الصور القادمة من القطاع تكشف عن أزمة غير مسبوقة، حيث يواجه الأطفال والمستضعفون الجوع، المرض، وانعدام الأمان. وأضاف أن القانون الإنساني الدولي يجب أن يظل هو المرجع الأساسي لجميع الأطراف، وأنه لا يجوز بأي حال من الأحوال استخدام التجويع كسلاح حرب، في إشارة إلى الحصار المفروض على غزة وتقييد دخول المساعدات الإنسانية.

دعوة إلى وقف فوري ومستدام لإطلاق النار

كوستا شدّد في تصريحاته على ضرورة التوصل إلى وقف فوري ومستدام لإطلاق النار، باعتباره المدخل الوحيد لإنقاذ الأرواح وتهيئة الأجواء لأي تسوية سياسية. وأوضح أن الهدنة المؤقتة لم تعد كافية أمام حجم الكارثة، وأن المطلوب اليوم هو التزام دولي كامل لفرض التهدئة الشاملة، بما يضمن وقف القصف، وحماية المدنيين، وإتاحة المجال أمام وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق.

المساعدات الإنسانية أولوية عاجلة

في هذا السياق، دعا رئيس المجلس الأوروبي إلى وصول إنساني دون قيود، مشيرًا إلى أن سكان غزة بحاجة ماسة إلى الغذاء، الدواء، المياه، والمأوى. وأكد أن استمرار منع دخول المساعدات أو عرقلتها سيؤدي إلى انفجار إنساني كارثي قد يتجاوز حدود القطاع، وينعكس على المنطقة بأكملها. وأعرب عن استعداد الاتحاد الأوروبي لتقديم كل أشكال الدعم اللوجستي والمالي للمساهمة في إنقاذ أرواح المدنيين، بالتعاون مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.

إطلاق سراح الرهائن وإنهاء معاناة الأسر

إلى جانب ذلك، شدّد كوستا على ضرورة إطلاق سراح جميع الرهائن المحتجزين، معتبرًا أن استمرار هذه القضية يزيد من تعقيد المشهد ويضاعف الألم الإنساني. وأشار إلى أن الحل السياسي لا يمكن أن يتحقق إلا إذا تم التعاطي مع كل الملفات العالقة بشكل متوازن، بما يضمن حقوق جميع الأطراف ويحقق الأمن للجميع.

الاستيطان غير القانوني عقبة أمام السلام

في رسالة واضحة إلى الجانب الإسرائيلي، دعا رئيس المجلس الأوروبي إلى وقف النشاط الاستيطاني غير القانوني في الضفة الغربية والقدس الشرقية، مؤكداً أن الاستيطان يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي ويقوّض بشكل كامل فرص حل الدولتين. وأوضح أن استمرار التوسع الاستيطاني يفاقم حالة الاحتقان، ويدفع المنطقة نحو المزيد من العنف والاضطراب.

تجديد الالتزام بحل الدولتين

كوستا لم يكتفِ بتوصيف الأزمة الراهنة، بل جدّد الدعوة إلى ضرورة التمسك بـ حل الدولتين باعتباره الإطار الوحيد القابل للحياة لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وقال إن إقامة دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب دولة إسرائيل، تعيشان في أمن وسلام، هو الطريق الوحيد لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط. وأضاف أن الاتحاد الأوروبي مستعد للعب دور أكبر في رعاية هذا الحل، شريطة توفر إرادة سياسية حقيقية من جميع الأطراف.

صمت المجتمع الدولي تحت الاختبار

تصريحات كوستا تعكس حالة من القلق الأوروبي المتزايد حيال الحرب في غزة، خاصة في ظل الانتقادات الموجهة إلى المجتمع الدولي بسبب صمته وتردده في اتخاذ خطوات عملية لوقف المأساة. ويرى مراقبون أن الموقف الأوروبي الجديد، وإن كان متأخراً، يشكل ضغطًا إضافيًا على الأطراف الفاعلة، خصوصًا الولايات المتحدة، التي ما تزال تقدم دعمًا سياسيًا وعسكريًا واسعًا لإسرائيل رغم فداحة الخسائر البشرية بين المدنيين الفلسطينيين.

موقف متقدم لكنه يحتاج ترجمة عملية

رغم قوة التصريحات، إلا أن الشارع العربي والفلسطيني يترقب ما إذا كانت هذه المواقف الأوروبية ستترجم إلى خطوات عملية، مثل فرض عقوبات على الاستيطان، أو الضغط الجاد لفتح المعابر، أو تبني قرارات ملزمة في مجلس الأمن. ويؤكد محللون أن الأزمة الإنسانية في غزة وصلت إلى مستوى لم يعد يحتمل المزيد من التصريحات، بل يحتاج إلى قرارات وإجراءات ملموسة.

غزة بين الإبادة والحلول السياسية

في النهاية، يبرز تصريح رئيس المجلس الأوروبي كجزء من التحولات التدريجية في الخطاب الغربي تجاه العدوان الإسرائيلي على غزة. وبينما يستمر المدنيون في دفع الثمن الباهظ من دمائهم وأحلامهم، فإن الرسالة الأهم التي حملتها كلمات كوستا هي أن السكوت لم يعد خيارًا، وأن الوقت قد حان لتحرك دولي جاد يعيد الاعتبار للإنسانية والقانون الدولي.

التعليقات (0)