انهيار النظام الصحي في غزة

أطباء بلا حدود: مراكز توزيع المساعدات في غزة تحولت إلى مناطق قتل

profile
  • clock 17 أغسطس 2025, 7:58:57 م
  • eye 417
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
تعبيرية

محمد خميس

قالت منظمة أطباء بلا حدود، الأحد، إن أعداد المصابين الفلسطينيين في قطاع غزة تضاعفت ثلاث مرات يوميًا منذ بدء العمل في مراكز توزيع المساعدات التابعة لما يسمى "مؤسسة غزة للإغاثة الإنسانية" والمدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة. هذه المراكز، التي يفترض أن تخفف من معاناة السكان، تحولت بحسب المنظمة إلى مصدر جديد للرعب والمجازر، في ظل انهيار شبه كامل للنظام الصحي.

انهيار النظام الصحي في غزة

ذكر محمد أبو مغيصب، نائب المنسق الطبي للمنظمة في غزة، أن النظام الصحي في القطاع كان هشًا حتى قبل اندلاع الحرب، ومع مرور الوقت لم يتبقَ منه سوى هيكل بالكاد يعمل. وأكد أن الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين حولت المستشفيات إلى أهداف للقصف المباشر، بينما تواجه الطواقم الطبية تحديات هائلة في إنقاذ الجرحى والمصابين الذين يتدفقون بأعداد متزايدة يومًا بعد يوم.

وأوضح أن المرافق الصحية في غزة لم تعد قادرة على التعامل مع حجم الكارثة، وأن ما يحدث اليوم يفوق الوصف، إذ لم يعد الحديث عن نقص في الأدوية أو المعدات، بل عن انهيار كامل لمقومات العمل الطبي.

مراكز المساعدات تتحول إلى ساحات للمجازر

أشار أبو مغيصب إلى أن ما يسمى مراكز توزيع المساعدات التي تدعمها إسرائيل تحولت إلى نقاط قتل جماعي، بدلًا من أن تكون ملاذًا للنازحين الباحثين عن الغذاء. وأضاف أن هذه المواقع ساهمت في مضاعفة عدد المصابين ثلاث مرات يوميًا مقارنة بما كان عليه الوضع قبل افتتاحها.

ويعني ذلك أن كل محاولة للحصول على كيس طحين أو مساعدات غذائية أصبحت رحلة محفوفة بالموت، إذ يتعرض المدنيون لإطلاق النار أو القصف أثناء تواجدهم في هذه المراكز.

إصابات مروعة وافتقار للرعاية الطبية

وصف أبو مغيصب المشاهد التي تراها الطواقم الطبية يوميًا بأنها مروعة إلى حد لا يُصدق. وقال: "نرى أطرافًا مبتورة، التهابات شديدة، عظامًا مهشمة، وشرايين ممزقة بحاجة إلى جراحة عاجلة وعناية مركزة".

لكن الخدمات الجراحية ووحدات العناية المركزة في مستشفيات غزة المتبقية شبه منهارة، ما يجعل فرص نجاة هؤلاء المصابين ضئيلة جدًا. وفي كثير من الحالات، يفقد الجرحى حياتهم قبل وصولهم إلى المستشفيات، نظرًا لغياب سيارات الإسعاف الكافية، أو نتيجة الحصار الذي يعيق حركة الطواقم الطبية.

الأرقام الصادمة: آلاف الجرحى بلا علاج

منذ بداية الحرب في السابع من أكتوبر 2023، سقط في غزة أكثر من 217 ألف شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء. ومع انعدام القدرة على توفير العلاج المناسب، تحولت الإصابات البسيطة إلى حالات معقدة تهدد حياة أصحابها.

وأشارت تقارير حقوقية إلى أن نحو 70% من المستشفيات خرجت عن الخدمة بفعل القصف المباشر أو نفاد الوقود، في حين تعاني المستشفيات القليلة المتبقية من ضغط هائل يفوق طاقتها.

انهيار الخدمات الجراحية والعناية المركزة

أكدت منظمة أطباء بلا حدود أن الخدمات الطبية المتخصصة، مثل الجراحة الدقيقة والعناية المركزة، على وشك الانهيار التام. وقال أبو مغيصب: "من دون تحقيق وقف إطلاق النار وإدخال مساعدات طبية عاجلة، لن يتبقى شيء لإنقاذه؛ لا المستشفيات، ولا المرضى، ولا حتى المستقبل".

هذا التحذير يعكس صورة مأساوية لمستقبل غزة، حيث يترافق الحصار الغذائي مع الحصار الطبي، في ظل إصرار قوات الاحتلال على منع دخول المعدات الطبية والأدوية الضرورية لإنقاذ الأرواح.

دعوات لإنقاذ ما تبقى من النظام الصحي

تؤكد المنظمات الحقوقية والإنسانية أن ما يجري في غزة يمثل جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان، حيث يستهدف الاحتلال الإنسان الفلسطيني في حياته وصحته وغذائه. وتطالب أطباء بلا حدود والمجتمع الدولي بضرورة:

وقف الحرب فورًا لتمكين الجرحى من الحصول على العلاج.

إدخال مساعدات طبية عاجلة تشمل الأدوية والمعدات الجراحية.

تأمين الحماية للطواقم الطبية التي تعمل في ظروف قاسية وتحت تهديد دائم.

تحولت مراكز المساعدات الإنسانية في غزة إلى مصيدة موت بدلًا من أن تكون مصدرًا للحياة، ما أدى إلى تضاعف أعداد المصابين يوميًا بشكل غير مسبوق. ومع انهيار المستشفيات والخدمات الصحية، يواجه آلاف الجرحى مصيرًا مأساويًا وسط صمت دولي مريب. وتبقى الحقيقة المؤلمة أن غزة تنزف، وأن إنقاذها يتطلب تحركًا عاجلًا لوقف الإبادة ورفع الحصار وإعادة بناء ما دمرته الحرب.

التعليقات (0)