-
℃ 11 تركيا
-
4 أغسطس 2025
وفاة خوسيه موخيكا: "أفقر رئيس في العالم" يترجل عن 89 عامًا ويترك إرثًا إنسانيًا فريدًا (بروفايل)
إرثه السياسي والإنساني
وفاة خوسيه موخيكا: "أفقر رئيس في العالم" يترجل عن 89 عامًا ويترك إرثًا إنسانيًا فريدًا (بروفايل)
-
14 مايو 2025, 6:17:28 م
-
421
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
خوسيه موخيكا
أعلنت الأوساط السياسية في أوروجواي والعالم، وفاة الرئيس الأسبق خوسيه موخيكا، عن عمر ناهز 89 عامًا، بعد معاناة طويلة مع مرض السرطان. وقد ودّع العالم واحدًا من أكثر الزعماء تواضعًا وبساطة، والذي لقّب بـ"أفقر رئيس في العالم"، ليس لفقره المادي، بل لأسلوب حياته الزاهد ومواقفه السياسية التي ألهمت ملايين البشر.
من هو خوسيه موخيكا؟
ولد موخيكا عام 1935، ونشأ في بيئة متواضعة قبل أن يتحول إلى ناشط يساري في ستينيات القرن الماضي، حيث انضم إلى حركة "توباماروس" الثورية المسلحة، وقضى نحو 13 عامًا في السجن خلال حكم العسكر، معظمها في الحبس الانفرادي. لكنّه خرج من تلك التجربة أكثر قوة وإيمانًا بالحوار والديمقراطية، فدخل معترك السياسة السلمية عبر حزب "الجبهة الواسعة" اليساري.
رئيس بزهده... لا بمراسمه
تولى موخيكا رئاسة أوروجواي من 2010 حتى 2015، ورفض خلال ولايته كل مظاهر الترف، فاختار العيش في مزرعة ريفية بسيطة بدل القصر الرئاسي، وقاد سيارة فولكس فاجن قديمة، وتبرع بمعظم راتبه لدعم الفقراء والمنظمات الخيرية. هذا الأسلوب جعله رمزًا عالميًا لزهد الساسة ورفض الامتيازات، في وقت كان فيه كثير من القادة يغرقون في الفساد والاستعراض.
رحلة أخيرة مع المرض
أُعلن عن إصابة موخيكا بمرض سرطان المريء في ربيع عام 2024، وخضع للعلاج رغم ضعف جسده. ورغم معاناته الصحية، عاد في خريف 2024 إلى المشهد السياسي ليُساند مرشحه وتلميذه ياماندو أورسي الذي أصبح لاحقًا رئيس أوروجواي.
وبعد استقرار حالته لفترة، عاد المرض في يناير 2025 وانتشر إلى الكبد، فقرر موخيكا عدم مواصلة العلاج بسبب معاناته أيضًا من مرض مناعي ذاتي ومشكلات صحية أخرى. وقال في آخر مقابلة له:"بصراحة، أنا أحتضر... المحارب له الحق في الراحة".
وداع رسمي وشعبي
نعى الرئيس الحالي ياماندو أورسي موخيكا في منشور مؤثر على منصة "إكس"، ووصفه بأنه:"رئيس وناشط ومرشد وقائد".
لم يكن موخيكا رئيسًا اعتياديًا، بل رمزًا إنسانيًا عالميًا. خطبه في الأمم المتحدة، وانتقاداته الجريئة للرأسمالية المتوحشة، ودعوته إلى القناعة وتقليل الاستهلاك، جعلت منه صوتًا فريدًا في السياسة الدولية، حيث قال ذات مرة:"من لا يعيش كما يفكر، ينتهي بأن يفكر كما يعيش".
إرثه السياسي والإنساني
موخيكا مثّل حالة سياسية وأخلاقية نادرة. جمع بين النضال الثوري والسلم السياسي، وبين الواقعية والتواضع، وترك خلفه إرثًا من القيم والمبادئ التي يصعب أن تتكرر في عالم السياسة المعاصر.
بوفاته، لا تفقد أوروجواي رئيسًا سابقًا فحسب، بل يخسر العالم أحد أنبل الأصوات الأخلاقية في السياسة الحديثة... رجل عاش كمزارع ومات كرمز.









