-
℃ 11 تركيا
-
15 يونيو 2025
هل يتغيّر وعي الشعوب العربية بالحرب؟ تأثير أكثر من عام ونصف من صور غزة
مواقع التواصل الاجتماعي: المنصة الأقوى لبناء الرأي العام
هل يتغيّر وعي الشعوب العربية بالحرب؟ تأثير أكثر من عام ونصف من صور غزة
-
27 مايو 2025, 2:17:02 م
-
444
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تعبيرية
متابعة: محمد خميس
صور غزة.. من التكرار إلى التغيير العميق في الوعي
منذ أكثر من عام ونصف، لم تتوقف الصور القادمة من غزة عن التدفق إلى شاشات الشعوب العربية، حاملةً مشاهد الدماء، والدمار، والمقاومة، والبطولة، في مشهد إنساني وسياسي مركّب. ومع استمرار العدوان الإسرائيلي على القطاع، بدأت هذه الصور تتجاوز كونها مجرد "أخبار" أو "لقطات"، لتتحول إلى محفزٍ قوي لإعادة تشكيل وعي الشعوب العربية بالحرب، وبتعقيدات الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي، وبحدود المواقف الرسمية من جهة، والدور الشعبي من جهة أخرى.
مواقع التواصل الاجتماعي: المنصة الأقوى لبناء الرأي العام
بفضل الانتشار الواسع لمنصات التواصل الاجتماعي، أصبحت هذه الوسائل لاعبًا رئيسيًا في نقل الحقيقة وتشكيل الرأي العام العربي. فلم تعد الحكومات تحتكر المعلومة أو تحدد الرواية الرسمية. بل إن مقاطع الفيديو الحيّة، وشهادات الناجين، وصور الأطفال تحت الأنقاض، شكّلت خطابًا وجدانيًا تجاوز الحواجز الجغرافية واللغة واللهجة.
وساهمت هذه المنصات في كسر حالة الصمت أو التردد، ودفعت الملايين إلى التفاعل، سواء عبر التنديد، أو التضامن، أو التظاهر، أو حتى حملات المقاطعة الاقتصادية. وكل ذلك منح الشعوب شعورًا أكبر بالمشاركة والتأثير، ولو بشكل رمزي، في مجرى الأحداث.
من التعاطف إلى الفعل: تحولات نوعية في المواقف الشعبية
من الملاحظ أن التعاطف العاطفي التقليدي مع القضية الفلسطينية بدأ يتطور إلى مواقف سياسية وميدانية أكثر وضوحًا وتنظيمًا، خاصة لدى فئة الشباب. وقد ظهرت أنماط جديدة من المقاومة الرقمية، مثل الحملات التضامنية، والمقاطعة الموجهة، وتوجيه الضغط على الشركات الداعمة للاحتلال، بل وحتى المطالبة بمحاسبة بعض الأنظمة الدولية على تواطؤها أو صمتها.
ومن خلال المتابعة الدقيقة لحملات المحتوى العربي على "إنستغرام" و"تيك توك" و"إكس"، يمكن ملاحظة أن السردية الشعبية أصبحت أكثر وعيًا وجرأة، ولم تعد تنساق بسهولة خلف الخطاب الإعلامي المهيمن، خاصة ذلك القادم من المؤسسات الغربية أو الإسرائيلية.
هل نحن أمام وعي عربي جديد بالحرب؟
في ظل استمرار المجازر في غزة، يبدو أن الشعوب العربية تمر بتحول جذري في وعيها الجمعي تجاه مفهوم الحرب. فلم تعد الحرب مجرد معركة سياسية أو عسكرية بين طرفين، بل باتت مرآة لكشف طبيعة الأنظمة، والمصالح الدولية، ونفاق بعض القوى الكبرى.
ويمكن القول إن التجربة القاسية التي يعيشها الفلسطينيون تحوّلت، عبر وسائل الإعلام الجديد، إلى تجربة عابرة للحدود، تؤثر في الوعي والضمير الجمعي، وتشكّل حافزًا قويًا لمراجعة المواقف، وتكريس حالة من الرفض الشعبي العميق للاحتلال والازدواجية الدولية.
من غزة إلى كل بيت عربي.. حرب تصنع وعياً جديداً
ليس من المبالغة القول إن أكثر من عام ونصف من صور غزة غيّر شيئًا عميقًا في النفوس العربية. فالحرب لم تعد هناك فقط، بل باتت تُخاض داخل العقول والقلوب، على الشاشات وفي ساحات التواصل. ووسط هذا التحول، لا يبدو أن الشعوب ستعود إلى ما كانت عليه من قبل، بل تتقدم بخطى ثابتة نحو وعي جديد، يرفض الاستسلام، ويعيد رسم معالم الموقف العربي تجاه القضايا العادلة.








