-
℃ 11 تركيا
-
16 يونيو 2025
هل تجرؤ "إسرائيل" على مهاجمة إيران؟ قراءة عسكرية في حدود القوة والقرار
ما هو موقف واشنطن الحقيقي من هذا السيناريو؟
هل تجرؤ "إسرائيل" على مهاجمة إيران؟ قراءة عسكرية في حدود القوة والقرار
-
22 مايو 2025, 5:29:51 م
-
425
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تعبيرية
بقلم: رامي أبو زبيدة – باحث في الشأن العسكري والأمني
مع تصاعد التصريحات الإسرائيلية حول اقتراب إيران من العتبة النووية، يتجدد الحديث عن خيار "الضربة العسكرية الوقائية" ضد المنشآت النووية الإيرانية. فهل هذا الخيار واقعي؟ وهل تملك "إسرائيل" القدرة على تنفيذه؟ وما هو موقف واشنطن الحقيقي من هذا السيناريو؟
الكيان الصهيوني يرى في المشروع النووي الإيراني تهديدًا وجوديًا، وقد تابع عن كثب تسارع تخصيب اليورانيوم ووصول إيران لمستوى تخصيب فوق 60%، وهو ما يعني أنها باتت على مسافة قصيرة من امتلاك القدرة على إنتاج سلاح نووي إذا اتخذت القرار السياسي بذلك.
تقديرات أجهزة الاستخبارات الصهيونية تقول إن إيران تمتلك المعرفة الكاملة، والبنية التحتية الصناعية، والتكنولوجيا اللازمة، ما يجعلها "دولة نووية عند العتبة" بامتياز.
القيادة العسكرية في تل أبيب، وعلى رأسها هيئة الأركان ووزارة الأمن، تضع على الطاولة سيناريوهات متعددة لعمل عسكري ضد إيران. وقد كثّف سلاح الجو تدريباته على ضرب أهداف بعيدة، واستعرض في أكثر من مناورة القدرة على تنفيذ عمليات طويلة المدى تشمل ضرب منشآت محصنة.
لكن التحدي الحقيقي يكمن في أن البرنامج النووي الإيراني موزّع على عدة مواقع، بعضها مدفون تحت الأرض بعمق يصعب اختراقه، مثل منشأة "فوردو". بالإضافة إلى ذلك، تحتاج أي عملية ناجحة إلى حملة جوية معقدة، تتطلب قدرات استخبارية ولوجستية لا تملكها "إسرائيل" بمفردها.
رغم التماهي الاستراتيجي بين واشنطن وتل أبيب، إلا أن الولايات المتحدة لا تُبدي حماسًا كبيرًا لمغامرة عسكرية في هذا التوقيت. الإدارة الأميركية، وخصوصًا في ظل اقتراب الانتخابات، تسعى إلى تجنب الانزلاق في مواجهة واسعة قد تهدد استقرار المنطقة ومصالحها فيها.
واشنطن تقدم دعمًا استخباريًا وتقنيًا لتل أبيب، لكنها لم تمنحها حتى الآن أسلحة نوعية مثل القنابل الخارقة للتحصينات من طراز (GBU-57)، كما لم تعطِ ضوءًا أخضر علنيًا لأي عمل عسكري مباشر.
هذا يعني أن "إسرائيل"، رغم تهديداتها، تجد نفسها أمام معادلة صعبة: إما تنفيذ عملية محدودة وغير حاسمة، قد تعجل بتوجه إيران نحو السلاح النووي بدل أن تعرقلها، أو الانتظار على أمل تغيير المعادلات السياسية أو تصاعد الضغوط الدولية على طهران.
على الصعيد العملياتي، يعاني الجيش الإسرائيلي من إرهاق مزمن بعد أشهر من الحرب المستمرة في قطاع غزة، ونشر قواته على عدة جبهات داخلية وخارجية. كما أن أي عمل ضد إيران سيحتاج إلى موجات متتالية من الضربات، وإعادة تذخير سريعة، وتفوق جوي واستخباري طوال العملية.
الجيش يدرك أن الرد الإيراني لن يكون مجرد "بيان إدانة"، بل قد يشمل هجمات صاروخية وطائرات مسيرة تستهدف عمق "إسرائيل"، وهذا ما يضع القادة في حالة تردد واضحة، رغم التصعيد في الخطاب السياسي.
في ظل هذه المعطيات، يبدو أن خيار العمل العسكري ضد إيران لا يزال مؤجلاً، ومعلّقًا بين الإرادة والعجز. "إسرائيل" تُصعّد لهجتها لردع طهران أو لابتزاز واشنطن سياسيًا وتسليحيًا، لكنها لم تحسم قرارها بعد، لأنها تدرك أن الحرب مع إيران ليست نزهة، بل مغامرة كبرى قد تعيد رسم التوازنات في المنطقة.
إيران، من جانبها، تواصل تطوير برنامجها النووي وتُبقي على معادلة الردع، مع التزامها بعدم السعي إلى سلاح نووي رسميًا، لكنها تحرص في الوقت ذاته على تأكيد جاهزيتها لأي سيناريو، بما في ذلك العدوان العسكري.
وفي النهاية، فإن السيناريو المرجّح هو استمرار المواجهة الباردة، مع تصعيد في التصريحات، واستعداد ميداني متبادل، لكن دون اندلاع حرب مفتوحة في المدى المنظور... على الأقل حتى إشعار آخر.






