محاولة يائسة لتبرئة ساحتها من دماء الشهداء

هاريس تهاجم بايدن في مذكراتها: كان صهيونيا متفاخرا وعجز عن التضامن مع غزة

profile
  • clock 24 سبتمبر 2025, 11:11:50 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

متابعة: عمرو المصري

كشفت نسخة حصل عليها موقع Axios من كتاب نائبة الرئيس الأمريكية السابقة كامالا هاريس بعنوان "107 Days"، أن هاريس حمّلت جو بايدن مسؤولية موقف "غير كافٍ" تجاه المدنيين الفلسطينيين الذين قتلوا في العدوان الإسرائيلي على غزة بعد عملية السابع من أكتوبر. 

غير أن قراءة الكتاب لا يمكن أن تُفهم إلا في سياق محاولة هاريس تبرئة نفسها من سجل مشترك دامٍ، إذ لم يكن بايدن وحده من غطى الإبادة ودعمها بلا حدود، بل كانت إدارته بأكملها – وهي الإدارة التي افتخر رئيسها دومًا بأنه "صهيوني" – قائمة على أشخاص لا يقلون عنه صهيونية وعداءً للشعب الفلسطيني.

تبييض متأخر للصفحة السوداء

هاريس كتبت أنها توسلت إلى بايدن ليُظهر تجاه الفلسطينيين الأبرياء في غزة نفس التعاطف الذي أبداه تجاه الأوكرانيين، لكنه – كما قالت – لم يستطع. وأضافت: "كان قادرًا أن يعلن بحماس: أنا صهيوني. لكن تعليقاته عن الفلسطينيين الأبرياء بدت غير كافية ومفتعلة". 

وبذلك حاولت أن توحي أن المشكلة كانت في بايدن وحده، بينما كانت هي طوال تلك الفترة جزءًا من الإدارة التي منحت شيكًا على بياض لنتنياهو لقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين، وهي الإدارة التي لم يخرج منها صوت واحد – بما فيهم هاريس – يوقف شلال الدم.

الانتخابات كذريعة للتبرير

من بين ما اعترفت به هاريس أن ارتباطها ببايدن كان سببًا مباشرًا في خسارتها انتخابات 2024 أمام دونالد ترامب، مشيرة إلى أن صورة "الشيك على بياض" الذي قدّمه بايدن لنتنياهو أضرّت بها بشدة. وكتبت أن نتنياهو لم يهتم بولاء بايدن، بل كان يفضّل ترامب في المقعد المقابل له. 

هذه اللغة في الكتاب تكشف أن هاريس لم تكتب بدافع إنساني أو اعتراف بالذنب، وإنما بدافع انتخابي بحت، محاولة تبرير سقوطها المدوي أمام ترامب وإقناع القاعدة الديمقراطية الغاضبة أن يأسها لم يكن ذنبها الشخصي.

إنكار الخلافات ثم كشفها

المفارقة أن هاريس وفريقها الإعلامي كانوا قد نفوا مرارًا وجود أي خلاف مع بايدن خلال العدوان، بل صرّحت المتحدثة باسمها كيرستن آلن في ديسمبر 2023 أنه "لا توجد أي مسافة بين الرئيس ونائبته". 

اليوم فقط، وبعد الخسارة، تكشف هاريس عن تلك "الاختلافات"، وهو ما يفضح انتهازية سياسية واضحة، فلو كانت جادة في معارضتها للإبادة، لكان موقفها العلني مختلفًا أثناء وجودها في السلطة، وليس بعد أن خرجت من المشهد.

تناقضات فاضحة

هاريس حاولت أيضًا الإيحاء بأنها تأثرت بالاحتجاجات الشعبية ضد الحرب على غزة، حتى إنها ناقشت الأمر مع حكام ديمقراطيين عند التفكير في اختيار نائبها في الانتخابات. لكنها عادت لتكتب أنها شعرت بالاستياء من تهديد المحتجين بعدم التصويت لها، ووصفت ذلك بالسلوك "المتهور"، متسائلة: "لماذا لا يحتجون في تجمعات ترامب؟". 

هذا السؤال يكشف بجلاء أن غضبها لم يكن على المجازر، بل على تأثير الاحتجاجات على شعبيتها.

دعم معلن لإسرائيل وانتقاد شكلي لنتنياهو

في كتابها، تكرر هاريس أنها تؤمن بـ"حق إسرائيل في الرد" على السابع من أكتوبر، لكنها تنتقد "شراسة" رد نتنياهو وعدد النساء والأطفال الفلسطينيين الذين قتلوا، معتبرة أن ذلك أضعف "الموقف الأخلاقي" لإسرائيل عالميًا. 

بكلمات أخرى، لم يكن اعتراضها على المبدأ الوحشي في قتل المدنيين، بل على الطريقة التي أحرجت بها إسرائيل أمام الرأي العام الدولي.

حقيقة الصورة الكاملة

ما تحاول هاريس أن تمحوه من الذاكرة هو أن إدارة بايدن–هاريس كانت صهيونية بالكامل، من رأسها إلى قاعدتها، وأنها قدمت الغطاء السياسي والدعم العسكري والمالي لمجازر إبادة في غزة استمرت لأشهر وأوقعت عشرات الآلاف من الشهداء. 

هاريس التي تدّعي اليوم أنها "كانت تطالب بالمزيد من التعاطف"، كانت شريكة في الصمت الرسمي، وشريكة في التوقيع على القرارات، وشريكة في تبرير جرائم الاحتلال. كتابها الجديد ليس سوى محاولة لتبييض صورتها أمام التاريخ، والتبرير لفشلها في الوصول إلى البيت الأبيض.

التعليقات (0)