موسم حج ذكي.. الذكاء الاصطناعي في خدمة ضيوف الرحمن

profile
  • clock 2 يونيو 2025, 1:49:06 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

متابعة: شيماء مصطفى

تعمل الحكومة السعودية بمختلف إداراتها على قدم وساق استعدادًا لموسم الحج لعام 1446هـ، مستثمرة التحول الرقمي كعنصر محوري في رؤية المملكة 2030. وفي طليعة هذا التحول، يأتي توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل غير مسبوق، بهدف تعزيز كفاءة التنظيم وتيسير الخدمات اللوجستية المقدمة للحجاج، الذين يُتوقّع أن يتجاوز عددهم هذا العام مليوني حاج.

الحشود والتحدي اللوجستي الأكبر

إن إدارة ملايين الحجاج في بقعة محددة ووقت زمني ضيق يمثل تحديًا عالميًا فريدًا في مجاله. من هنا، يُنظر إلى موسم الحج كساحة اختبار حيّ للتكنولوجيا الحديثة، حيث تُسهم الأدوات الذكية في تخفيف العبء عن الكوادر البشرية، وتحقيق أقصى درجات السلامة والتنظيم. وقد أصبحت هذه المنظومة الرقمية أحد الأركان الأساسية في التجربة الحجاجية الحديثة.

منصة "نُسُك" والهوية الذكية

في مقدمة هذه الجهود تبرز منصة "نُسُك" التي تتيح لحجاج الداخل والخارج حجز المواعيد إلكترونيًا، مثل زيارة الروضة الشريفة، في حين تُكملها بطاقة "نُسُك" الذكية التي تعمل كهوية رقمية متكاملة. وتشمل البطاقة معلومات الحاج الشخصية والطبية، ومواقع إقامته، وشركة الخدمة المسؤولة عنه، مما يسهّل التنسيق بين الجهات المختصة ويعزز الاستجابة السريعة للحالات الطارئة.

الأمن الذكي: بين التعرف على الوجه والنظارات الذكية

في جانب الأمن، تعتمد المملكة على منظومة مراقبة متقدمة تشمل الكاميرات الذكية وتقنيات التعرف على الوجه في مداخل ومخارج المناطق المقدسة، بهدف تسريع الدخول والتعامل مع الحشود بكفاءة. كما تستخدم قوات الأمن نظارات ذكية لفحص المركبات، ما يختصر الزمن المطلوب للإجراءات الأمنية دون التأثير على الدقة أو الحذر.

طائرات الدرون: أعين في السماء

ولم تغفل المملكة الجانب الجوي في منظومة المراقبة، حيث نشرت الدفاع المدني طائرات مسيرة متطورة مثل "فالكون"، المجهزة بكاميرات حرارية وتقنيات بث مباشر. وتؤدي هذه الطائرات أدوارًا متعددة منها الاستجابة الفورية للحرائق، والإنقاذ في التضاريس الصعبة، بالإضافة إلى مراقبة الأوضاع الميدانية لحظة بلحظة، ما يعزز سرعة اتخاذ القرار في حالات الطوارئ.

الروبوتات متعددة اللغات: إرشاد ديني على مدار الساعة

تجربة الحاج هذا العام تتضمن تفاعلاً غير تقليدي مع "الروبوتات الإرشادية" المنتشرة في المسجد الحرام، وعلى رأسها "منارة 2"، وهو روبوت ذكي قادر على التحدث بـ11 لغة، مزوّد بشاشات لمس تفاعلية وكاميرات دقيقة، ويمكنه إيصال المستخدمين بعلماء شريعة للفتوى عبر مكالمات فيديو فورية.

تطبيقات ذكية تعزّز التجربة الروحية

تُعد التطبيقات الرقمية مثل "توكلنا"، و"مساعد الإثراء الذكي"، أدوات رئيسية في تحسين رحلة الحاج. توفر هذه التطبيقات خدمات متكاملة تشمل مواعيد الصلاة، أماكن الدروس الدينية، جداول الأئمة، والخدمات الطبية الطارئة، بعدة لغات، ما يعزز شعور الحاج بالطمأنينة وسهولة الوصول للمعلومات الضرورية.

التكيّف مع الحرارة: أنظمة تبريد ذكية واستباقية

وفي مواجهة حرارة الصيف القاسية، طوّرت الجهات المختصة نظام تبريد ذكي يشمل أجهزة رذاذ مياه في مسارات المشي ومناطق التجمع، إلى جانب مناطق مظللة مجهزة بمراقبة حرارية للطقس، تتيح تعديل درجة التبريد تلقائيًا بناءً على الظروف المناخية. هذه التدابير تسعى لضمان سلامة الحجاج الجسدية، وتوفر بيئة مناسبة لأداء المناسك بيسر وطمأنينة.

نحو حج أكثر إنسانية وابتكارًا

يؤكد هذا النموذج السعودي المتقدم على أن التكنولوجيا لا تقف على الجانب الإداري فحسب، بل تتقاطع مع البُعد الروحي والإنساني لتجربة الحج. فالتحول الرقمي الذي تتبناه المملكة ليس هدفًا تقنيًا بحتًا، بل وسيلة لتكريم ضيوف الرحمن، وتحقيق أعلى معايير الكرامة الإنسانية في أقدس مناسك العبادة.

التعليقات (0)