من نيويورك.. السعودية تطلق تحالف دولي لدعم السلطة الفلسطينية

profile
  • clock 26 سبتمبر 2025, 9:21:47 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

متابعة: عمرو المصري

في خطوة لافتة، أعلن وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، مساء الخميس، عن إطلاق تحالف دولي طارئ يهدف إلى تمويل السلطة الفلسطينية بشكل مباشر، وذلك خلال مؤتمر صحفي عُقد في نيويورك على هامش أعمال الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة. 

وأوضح الوزير السعودي أن المملكة بادرت بتقديم 90 مليون دولار كدفعة أولى لدعم السلطة، مؤكداً أن هذا الجهد يتم بالتعاون مع عدد من الشركاء الدوليين البارزين. ويأتي الإعلان في توقيت بالغ الحساسية، مع استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة للعام الثاني على التوالي، وما تثيره من مخاطر إنسانية وسياسية متصاعدة.

توافق عربي على وحدة المصير

وخلال المؤتمر نفسه، أشار بن فرحان إلى وجود توافق عربي على أن مصير قطاع غزة لا ينفصل عن الضفة الغربية، وأن كلاهما ينبغي أن يكون تحت إدارة السلطة الفلسطينية. 

هذا التصريح يعكس محاولة عربية لإعادة التأكيد على مرجعية السلطة باعتبارها الكيان المخوّل بتمثيل الفلسطينيين وإدارة شؤونهم في مواجهة محاولات إسرائيل فرض واقع جديد في غزة عبر استمرار العدوان والحصار.

خطة ترامب ذات الـ21 بنداً

الإعلان السعودي جاء بعد يومين من كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن خطة من 21 بنداً خلال اجتماع جمعه بعدد من قادة الدول العربية والإسلامية في نيويورك، تهدف – بحسب ما أُعلن – إلى إنهاء الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة منذ أكتوبر 2023. 

المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، أكد وجود هذه الخطة خلال مؤتمر “كونكورديا 25” في نيويورك، لكنه تجنّب الكشف عن تفاصيلها، مكتفياً بالإشارة إلى أنها تتضمن خطوات متعددة لمعالجة الوضع في القطاع.

دور بلير والقوات الدولية

صحيفة هآرتس العبرية كشفت بعض ما تضمنته الخطة الأمريكية، مشيرة إلى أنها تشمل تعيين رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير للإشراف على عملية إعادة إعمار غزة وإدارتها، على أن تُشارك قوات دولية في مهمة مراقبة وحماية حدود القطاع. 

وأضافت الصحيفة أن الخطة تُمهّد في مرحلة لاحقة لنقل إدارة غزة إلى السلطة الفلسطينية، لكنها لم تحدد إطاراً زمنياً واضحاً لذلك الانتقال.

إسرائيل بين القبول والمماطلة

هيئة البث الإسرائيلية الرسمية نقلت عن مقربين من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قولهم إن حكومته ستجد نفسها مضطرة في نهاية المطاف إلى السماح للسلطة الفلسطينية بتولي إدارة قطاع غزة، باعتبار أن هذا الطرح يمثل جزءاً أساسياً من خطة بلورتها واشنطن. 

ووفقاً للمصدر نفسه، فإن الخطة تتضمن في مرحلتها الأولى تمكين السلطة من إدارة أجزاء من القطاع بموجب تفاهمات يقودها بلير وصهر ترامب جاريد كوشنر، وبدعم من دول غربية بينها بريطانيا وفرنسا.

تفاؤل حذر عربي

في المقابل، نقلت الهيئة عن دبلوماسيين عرب قولهم إن مصر وعدداً من الدول العربية والإسلامية تنظر إلى الخطة الأمريكية بتفاؤل حذر، معتبرة أنها قد تفتح نافذة للحل لكنها قد تُستغل من جانب إسرائيل لإطالة أمد الحرب أو إفشال أي ترتيبات سياسية جادة. 

هذه المخاوف تعكس خبرة تاريخية طويلة مع محاولات إسرائيلية متكررة للالتفاف على المبادرات الدولية واستغلال الثغرات لتحقيق مكاسب ميدانية وسياسية على حساب الفلسطينيين.

موقف السلطة الفلسطينية

الرئيس الفلسطيني محمود عباس استغل خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في اليوم نفسه لدعوة المجتمع الدولي إلى تمكين السلطة من استعادة سيطرتها الكاملة على قطاع غزة، مؤكداً أن السلطة على استعداد لتحمل المسؤولية الأمنية والإدارية، بما في ذلك نزع سلاح الفصائل. 

هذا الموقف يتقاطع مع ما تطرحه الخطة الأمريكية المزعومة، لكنه يثير أيضاً جدلاً داخلياً فلسطينياً حول مستقبل المقاومة ومصير السلاح في ظل استمرار الاحتلال.

غموض أمريكي وإبادة مستمرة

حتى مساء الخميس، لم تصدر أي بيانات رسمية من واشنطن أو تل أبيب أو رام الله بشأن تفاصيل الخطة التي أُثيرت، ما يجعلها حتى الآن في إطار التسريبات الصحفية والتصريحات المقتضبة. لكن المؤكد أن إسرائيل، بدعم مباشر من الولايات المتحدة، تواصل منذ السابع من أكتوبر 2023 ارتكاب إبادة جماعية في غزة، خلّفت حتى الآن 65 ألفاً و502 شهيداً، و167 ألفاً و376 مصاباً معظمهم من النساء والأطفال، إلى جانب مجاعة كارثية أزهقت أرواح 442 فلسطينياً بينهم 147 طفلاً. هذه الأرقام الدامية تُلقي بظلال ثقيلة على أي حديث عن خطط سياسية أو إعادة إعمار، وتكشف حجم المأساة الإنسانية التي يحاول المجتمع الدولي احتواؤها دون نجاح حتى الآن.

التعليقات (0)