منسق أممي: كل يوم إضافي دون تدخل عاجل يحول معاناة غزة من كارثة محلية إلى إقليمية

profile
  • clock 22 أغسطس 2025, 1:25:28 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

متابعة: عمرو المصري

قال منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، رامز الأكبروف، اليوم الجمعة، إن الإعلان عن وجود مجاعة في قطاع غزة لا يُعد مجرد نداء آخر للاستيقاظ، بل يمثل جرس إنذار مدوٍّ بعد أشهر من التحذيرات المتواصلة، ويشير إلى احتمالية امتداد الأزمة إلى مناطق أخرى من القطاع قريبًا.

وأكد الأكبروف أن الوضع في غزة كارثة من صنع الإنسان بالكامل، مشيرًا إلى أن التحذيرات والجهود الدولية المتكررة لتفادي الكارثة باءت بالفشل بسبب غياب الإرادة السياسية اللازمة لضمان تمكين الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية من تنفيذ عملياتها الإنسانية دون عوائق، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية بشكل مأساوي.

تصعيد الحرب يفاقم الأزمة

وحذر الأكبروف من أن استمرار التصعيد العسكري في غزة سيؤدي إلى زيادة التهجير القسري والعنف والدمار الواسع النطاق، مشيرًا إلى أن هذه الحرب المدمرة ستستهدف بشكل مباشر ما تبقى من أنظمة الصحة والمياه والصرف الصحي والنظافة العامة، مما سيزيد من تفشي الأمراض ويفاقم سوء التغذية الحاد بين السكان، خاصة الأطفال والنساء والفئات الأكثر ضعفًا.

وأشار إلى أن تفاقم هذه الظروف لن يقتصر على المعاناة الإنسانية المباشرة، بل سيكون له تأثير طويل المدى على الصحة العامة والبنية التحتية الأساسية، مؤكدًا أن كل يوم إضافي دون تدخل عاجل يعرض آلاف الأرواح للخطر ويحول الأزمة من كارثة محلية إلى كارثة إقليمية محتملة.

نداء عاجل للتدخل الفوري

ودعا الأكبروف المجتمع الدولي والسلطات الإسرائيلية إلى تسهيل وصول المساعدات الإنسانية والإمدادات التجارية على الفور، عبر جميع المعابر والطرق البرية، بما يشمل الشمال ومدينة غزة مباشرةً، دون أي عراقيل أو قيود.

كما شدد على ضرورة وقف إطلاق النار فورًا ودائمًا، والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن والمعتقلين على أساس تعسفي، مع ضمان معاملتهم الإنسانية الكاملة. وأضاف الأكبروف أن إنهاء المجاعة أصبح سباقًا مع الزمن، مؤكدًا أن أي تأخير إضافي في الوصول إلى الغذاء والدواء والخدمات الأساسية سيضاعف الخسائر البشرية ويجعل الأزمة أكثر تعقيدًا وخطورة.

أرقام صادمة للمجاعة

كانت الأمم المتحدة، قد أعلنت، اليوم الجمعة 22 أغسطس 2025، رسميًا عن تفشي المجاعة في قطاع غزة، لتصبح المرة الأولى في تاريخ الشرق الأوسط التي يتم فيها تصنيف منطقة بأكملها على هذا الأساس. وأشار تقرير "التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي"، الصادر عن المنظمة ومقره روما، إلى أن محافظة غزة، التي تشكل 20% من مساحة القطاع، دخلت فعليًا مرحلة المجاعة، متوقعًا امتداد الأزمة خلال أسابيع لتشمل دير البلح وخان يونس.

وأكد التقرير أن نحو 514 ألف شخص – أي ما يقارب ربع سكان القطاع – يعانون من الجوع الكارثي، وقد يرتفع العدد إلى 641 ألفًا بحلول نهاية سبتمبر، بينهم نحو 280 ألفًا في مدينة غزة وحدها. وأوضح المرصد العالمي للجوع أن آلاف الأطفال يعانون من سوء تغذية حاد، ما سيترتب عليه "عواقب بعيدة المدى" على صحتهم ونموهم.

مسؤولية إسرائيل المباشرة

وفي مؤتمر صحفي بجنيف، قال منسق الأمم المتحدة للإغاثة في حالات الطوارئ، توم فليتشر، إن المجاعة كان يمكن تفاديها لو لم تكن هناك عرقلة ممنهجة لإدخال المساعدات من قبل إسرائيل. وأوضح أن المواد الغذائية تتكدس على الحدود بسبب القيود المفروضة، داعيًا إسرائيل للسماح بدخول المساعدات بشكل واسع وفوري، محذرًا من أن "الوفيات الناجمة عن الجوع قد تصل إلى مستوى جريمة حرب تمثل القتل العمد".

وأضاف التقرير أن الإجراءات الإسرائيلية شملت تدمير البنية التحتية والزراعة ومصائد الأسماك، وهو ما جعل المجاعة نتيجة مباشرة لسياسات الاحتلال، بحسب مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان. واعتبر هذا الوضع استمرارًا للإبادة الممنهجة التي بدأت منذ 7 أكتوبر 2023، والتي أسفرت عن استشهاد أكثر من 62 ألف فلسطيني، وإصابة نحو 157 ألفًا، فضلًا عن مئات الآلاف من النازحين والمفقودين.

التبريرات الإسرائيلية والجدل الدولي

من جهتها، نفت وزارة الخارجية الإسرائيلية ما ورد في تقرير الأمم المتحدة، مؤكدة أن "قطاع غزة لا يشهد مجاعة"، وأن "أكثر من 100 ألف شاحنة محملة بالمساعدات دخلت منذ بداية الحرب، مع تراجع كبير في أسعار المواد الغذائية في الأسابيع الأخيرة". وألقت الوزارة بالمسؤولية جزئيًا على حركة حماس، بزعم استيلائها على بعض الإمدادات، وانتقدت الأمم المتحدة لفشلها في توزيع المساعدات بكفاءة.

لكن هذه التبريرات تصطدم بالتقارير الدولية والأممية، التي تؤكد أن أكثر من نصف سكان القطاع الآن يواجهون نقصًا حادًا في الغذاء والماء، في وقت يواصل فيه الاحتلال الإسرائيلي حصار القطاع وتهجير السكان من مناطقهم، مع استمرار القصف والاعتداءات العسكرية. وفي ظل هذه المعطيات، تبدو مجاعة غزة كارثة إنسانية من صنع الاحتلال، تهدد حياة الأطفال والنساء والفئات الضعيفة بشكل مباشر، وتضع المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي لمحاسبة المسؤولين عن هذا الوضع الكارثي.

التعليقات (0)