وسط مجازر وتجويع وتواطؤ أمريكي

مقترح قطري جديد وتحذيرات مصرية متواصلة.. إليكم أحدث تطورات مفاوضات غزة

profile
  • clock 11 يونيو 2025, 11:04:35 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

متابعة: عمرو المصري

دخلت الوساطة القطرية مرحلة حساسة في مفاوضات وقف إطلاق النار بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس، مع مناقشة مقترح جديد ينص على تهدئة تمتد 60 يوماً، يجري خلالها إطلاق سراح أسرى فلسطينيين وجثامين شهداء، إلى جانب بدء مفاوضات لبحث مستقبل الحرب. 

ووفق ما كشفته مصادر إسرائيلية ووسائل إعلام عبرية، يقضي المقترح بإطلاق 8 أسرى أحياء في اليوم الأول واثنين في اليوم الأخير، إلى جانب إطلاق جثامين القتلى على ثلاث دفعات. كما يتضمن المقترح وعودًا بوقف إطلاق النار، على أن يرافقه ضمانات شخصية من المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف والرئيس الأمريكي دونالد ترامب لضمان الالتزام بالتهدئة. 

ورغم أن حماس لم تقدم ردّها الرسمي بعد، فإن مصادر إسرائيلية أشارت إلى أن الحركة أبدت مرونة مفاجئة في ملف الضمانات الخاصة بإنهاء الحرب، وهو تطور لافت قد يشكل مدخلاً لاتفاق مرحلي في ظل الظروف الكارثية التي يعيشها القطاع.

مواقف متباينة وغياب للضمانات

على الرغم من أن المقترح القطري المعدّل يحاول أن يبدو وكأنه يتجاوب مع بعض مطالب حماس، إلا أن مصادر مصرية حذرت من هشاشته وفقره للضمانات الحقيقية. ووفقًا لما نقلته صحيفة "الأخبار" اللبنانية، فإن القاهرة ترى أن المقترح يفتقر إلى أي آلية ملزمة تُجبر الاحتلال على وقف إطلاق النار فعليًا، ولو مؤقتًا، ما يجعله أقرب إلى "مناورة سياسية" منه إلى اتفاق جاد. 

وفيما تُتابع الدوحة التفاصيل عن كثب، تتعرض قطر لضغوط سياسية متزايدة شبيهة بتلك التي واجهتها القاهرة سابقًا، في إطار إدارة المفاوضات بطريقة تضغط على الوسطاء أكثر من الضغط على الطرف المعرقل وهو الاحتلال. ومع ذلك، فإن الطرفين الوسيطين، مصر وقطر، يريان في المقترح فرصة أولية لوقف النار قد تؤسس لاحقًا لمسار تفاوضي أوسع، حتى لو لم يحمل المقترح ضمانات حقيقية حتى اللحظة.

خرق الاتفاق السابق وتفكك الثقة

ولا يمكن قراءة هذه التطورات الجديدة بعيدًا عن فشل الاتفاق السابق الذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير 2025، لكنه لم يصمد أمام تعنت الاحتلال الذي نقضه بشكل سافر في 18 مارس، مستأنفًا عدوانه العسكري على القطاع. لم يكتف الاحتلال بذلك، بل فرض حصارًا خانقًا على غزة، بلغ حدّ منع دخول أي مواد غذائية أو مساعدات إنسانية على مدار 11 أسبوعًا متواصلة. هذا الخرق الفاضح أفقد الثقة بأي تعهدات إسرائيلية، حتى لو جاءت بضمانات أمريكية، وأعاد التذكير بأن الاحتلال يستخدم المفاوضات وسيلة لتخفيف الضغط الدولي، لا لإنهاء الحرب أو التوصل إلى حل حقيقي.

تواطؤ أمريكي ومجازر ممنهجة

أمام هذا الواقع، يتزايد الشعور العام داخل غزة وفي أوساط المراقبين بأن الإدارة الأمريكية لم تعد فقط منحازة للاحتلال، بل أصبحت شريكًا مباشرًا في جريمته. ففي الوقت الذي يتم الحديث فيه عن إدخال مساعدات عبر آلية أمريكية، تحوّلت هذه الآلية إلى فخّ قاتل. كل من يحاول الوصول إلى نقاط توزيع المساعدات يتعرض لإطلاق نار مباشر من قبل قوات الاحتلال، وهو ما تكرّر بشكل مأساوي في مجزرة جديدة صباح اليوم الأربعاء، حيث استشهد 30 فلسطينيًا وأصيب العشرات قرب محور نتساريم جنوبي غزة أثناء انتظارهم للحصول على مساعدات غذائية. المجزرة جاءت بعد مجزرة مماثلة وقعت يوم الثلاثاء وأوقعت 36 شهيدًا على الأقل في الموقع نفسه. وقد ارتفع إجمالي عدد ضحايا هذه المراكز التي تُدار تحت ما يُسمى "الآلية الإسرائيلية الأمريكية" إلى 180 شهيدًا ونحو 1500 جريح، في ظل صمت دولي مطبق وتواطؤ فاضح من واشنطن، التي لم تحرك ساكنًا لوقف هذه المجازر أو لمساءلة الاحتلال.

غزة تختنق والعالم يتواطأ

في المحصلة، تُدار المفاوضات على وقع المجازر، وتُطرح المبادرات في ظل خنق شامل لغزة وسكانها، الذين يُتركون وحدهم في مواجهة آلة القتل الإسرائيلية والتواطؤ الأمريكي الكامل. أي حديث عن تهدئة أو اتفاق مؤقت، في ظل غياب الضمانات الفعلية وإصرار الاحتلال على التنصل من التزاماته، يبقى أقرب إلى وهم مؤقت. والمقترح القطري الجديد، رغم ما يحمله من نوايا حسنة من الوسطاء، يبدو حتى اللحظة غير كافٍ لإحداث تحول حقيقي، طالما أن الدم الفلسطيني يستباح كل يوم بلا محاسبة، وطالما أن الاحتلال يستمر في تحويل "المساعدات الإنسانية" إلى أدوات قتل جماعي مدعومة بختم أمريكي.

التعليقات (0)