-
℃ 11 تركيا
-
17 يونيو 2025
مصطفى خضري يكتب: غزة: بين فحولة المقاومة وعجز الأغوات الجدد
مصطفى خضري يكتب: غزة: بين فحولة المقاومة وعجز الأغوات الجدد
-
17 يونيو 2025, 1:26:06 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
هنا غزة، الحصينة الصامدة، لا تزال تُلهم وتُقاوم. هنا، تُطحن آلة الحرب الصهيونية بصواريخ الحق، بصلابة الإيمان، وبإرادة الدم التي لا تلين. في غزة، يُكتب تاريخ جديد من الصمود الأسطوري، بينما تتكشف في المقابل، وجوه أولئك الذين يلوذون بقصورهم الفارهة وقنواتهم المأجورة ومن يتبعهم من الأرازل الذين يعيشون على بواقي موائدهم، ينفثون سمومهم في وجه من يرفعون راية الجهاد بدمائهم وأرواحهم.
إنهم "الأغوات الجدد"، ورثة عار القصور والحانات التي لطخت جبين الأمة في العصور الغابرة. الخصيان الذين كانوا يُستخدمون في القصور والحانات، يرقصون على أنغام الذل ويُطربون أسيادهم على حساب كرامتهم التي لم يشعروا بها من قبل. اليوم، يحملون أقلامًا وبيانات بدل الدفوف والصاجات، لكنهم ما زالوا يحفرون نفس الخندق الخائن ضد الأمة، ويطعنونها في خاصرتها. لنترك التردد جانبًا، ولنكشف وجوه هذه الفئات الخائنة بكل وضوح ويقين، مرتبة حسب خطورتها وتأثيرها المدمر:
1. علماء السلاطين (أغوات البلاط): مُشرّعو الخيانة وفتاوى التضليل
هذه الفئة هي الأخطر على الإطلاق، لأنهم يُشرعنون الخيانة بفتاوى مزيفة، ويستغلون النصوص الدينية لتحريف الحقائق. يستخدمون الدين لتحريم الجهاد المشروع، وتحريم "الفتنة" – وهي في قاموسهم أي صوت يزعج سادة القصور! مهمتهم الحقيقية: تطييب خواطر الحكام الخائنين، وتبرير التطبيع المذل، وتجفيف منابع التشجيع للمقاومة الباسلة. هم ليسوا علماء دين، بل حراس لأيديولوجية الأنظمة العميلة، يبيعون آخرتهم بدنيا غيرهم. خطرهم يكمن في قدرتهم على تلويث الوعي الديني وزعزعة الإيمان بالجهاد في سبيل الله.
2. خطاب السلاطين وأبواقهم الإعلامية (أغوات التشريفة): مرتزقة الكلمة ودعاة "الاستقرار" الزائف
هؤلاء ليسوا سوى مرتزقة الكلمة، ألسنتهم مربوطة بأوامر السفارات وأجندات القوى الأجنبية. خطابهم المهزوز، المشبع بذل التطبيع وعبودية "الاستقرار" الزائف، هو خنجر مسموم في ظهر المقاومة الشريفة. يتذرعون بـ"المصلحة الوطنية" كذبًا وبهتانًا، بينما هي في حقيقتها مصلحة عرشهم الهش، ومجرد ستار لسياساتهم العرجاء. يتجرأون على اتهام المقاومة بالدمار و"جر الويلات" للأمة، بينما الاحتلال الصهيوني هو الجلاد بامتياز، ومصدر كل الخراب والفساد في الأرض! لقد شحذت اتفاقيات الخزي (أبراهام) ألسنتهم القذرة لتمجيد العدو وتبرير جرائمه، وتشويه وجه المقاومة المشرف، التي هي خط الدفاع الأول عن كرامة الأمة. خطرهم يكمن في امتلاكهم لمنابر التأثير الرسمي، مما يمنحهم قدرة على تضليل أعداد كبيرة من الناس.
3. رافعي راية التطبيع (أغوات الحانات): سماسرة القدس وباعة الضمائر
وجوههم معروفة وأصواتهم النشاز لا تعرف الخجل. يبيعون القدس والشهداء ودماء الأبرياء بثمن بخس في سوق التطبيع الآسن، بل هم أنفسهم سلعة رخيصة في هذا السوق القذر. هم طليعة الغزو الثقافي والصوت الناطق بالسردية الصهيونية داخل جسد الأمة المريض. يتاجرون بالسلام الزائف ليبرروا خيانة العروبة والإسلام، ويحولون أنفسهم إلى حرس حدود للكيان الغاصب ضد إرادة شعوبهم. شعارهم البائس: "التطبيع طريق الازدهار!"، أما حقيقته السافرة: "الركوع طريق البقاء في السلطة والذل!" خطرهم يكمن في تجريد الأمة من هويتها وقضيتها المركزية، وتقديم الخيانة كمسار مشروع.
4. أصحاب الأموال القذرة (الأغوات المرتزقون): تجار الدم والدولار
لا يهمهم سوى رصيدهم البنكي المتضخم، ولا يرون في دم الفلسطيني ولا في القدس الشريف سوى عقبة أمام صفقاتهم المشبوهة. استقرارهم المزعوم هو استقرار على جماجم أطفال غزة ودماء شهدائها. هم مستعدون لبيع كل المقدسات، وكل شبر من أرض فلسطين، لقاء فرصة استثمارية مع العدو الصهيوني. براغماتيو الخيانة هؤلاء لا يعرفون للقيم معنى، فهم يقدسون الدولار الأمريكي ويدنسون كل شبر من أرض فلسطين الطاهرة. إنهم تجار حرب بكل ما للكلمة من معنى. خطرهم يكمن في تمويلهم لمشاريع التطبيع والتطويع، وتحويل القضية إلى مجرد فرصة اقتصادية.
5. نخب التغريب (الأغوات المنبطحون): حملة لواء الاستسلام وعبيد "الحداثة" الزائفة
يتنفسون هواء الغرب المسموم ويعيشون أوهامًا عن "سلمية" هي في جوهرها استسلام مذل وتنازل عن الحقوق. خلافهم مع المقاومة الإسلامية ليس تكتيكيًا أو اختلافًا في وجهات النظر، بل هو حقد دفين على كل ما يمثل هوية الأمة وقيمها وإرادتها الحرة. يرفعون شعارات "الحداثة" و"الديمقراطية" ليغطوا على عار موالاتهم للقوى الاستعمارية القديمة والحديثة، وإصرارهم على نزع الشرعية عن الجهاد، سلاح الضعفاء الوحيد في مواجهة آلة الإبادة الصهيونية. أدعياء التنوير هؤلاء هم ظلاميون في خدمة المشروع الصهيوني الاستعماري، يُسوّقون لثقافة الهزيمة والخنوع. خطرهم في تدمير الوعي الثوري وإغراق الأمة في مستنقع الاستسلام الثقافي.
6. مرضى الحدود المصطنعة (الأغوات الدولجية): أنانية الحدود وعمى القضية
يصرخون بأنانية مفرطة: "نحن أولًا!" وكأن القضية الفلسطينية ليست قضيتهم الجوهرية، وكأن دم غزة لا يخصهم! أنانيون حتى النخاع، يتنصلون من مسؤولية الأمة التاريخية، ويعتبرون دعم المقاومة "تبذيرًا" للموارد أو "تدخلًا في شؤون الغير". هم مرضى القطرية المتطرفة، يتجاهلون أن غزة هي خط الدفاع الأول عنهم ضد العدو الصهيوني، ويريدون حبس الأمة في سجون الحدود المصطنعة ونسيان القضية التي تجمع الدم والدمع، وتوحّد قلوب الأحرار. خطرهم في تفتيت وحدة الأمة وتكريس الانقسام الجغرافي والسياسي.
7. أصحاب الأجندات (الأغوات الافتراضيون): جيوش الظلام الإلكترونية
جيوش إلكترونية مأجورة، أدوات تشويه وتضليل في يد أسيادهم. مهمتهم: نشر الأكاذيب المضللة، بث اليأس في نفوس الشعوب، تشويه رموز المقاومة الباسلة، وخلق ضجيج إلكتروني يغرق صوت الحق. بعضهم يسعى للشهرة الرخيصة بالانبطاح والتهجم على الثوابت الوطنية والقومية. هم الذباب الإلكتروني الذي ينقل أمراض الخيانة عبر الشاشات، ويهبط بمستوى الوعي العام. خطرهم يكمن في تسميم الفضاء الرقمي وتضليل الرأي العام، وإن كان تأثيرهم محدودًا في غالب الأحيان بفضل وعي الشعوب.
الخيانة بأرقام والواقع بصرخة: الشعوب جدار دعم صامد.
رغم زيف خطاب الأغوات الجدد وصخبهم المدعوم، تظل الحقائق ناطقة كالشمس في وضح النهار. استطلاعات الرأي الموثوقة (كالمؤشر العربي ومؤشر المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام "تكامل مصر") تؤكد أن الشعوب العربية تشكل جدار دعم متين لفلسطين والمقاومة، رافضة للتطبيع والاحتلال الصهيوني بكل أشكاله. هذا التناقض الصارخ بين شعوب واعية ومستنيرة، وبعض الحكام والنخب المنبطحة، ليس فجوة بسيطة بل هو هوة سحيقة من الخيانة والتبعية. يسألون بوقاحة: هل تمثل هذه الأصوات الخائنة الشعوب؟ الجواب الصارخ: لا تمثل إلا عارها وثمنها المدفوع من كرامة الأمة!
المقاومة هي شمس الحقيقة... والأغوات الجدد سراب الوهم
غزة، بفحولة مقاومتها وبطولتها الأسطورية، تكشف المستور وتُعرّي الخونة. هي شمس تضيء درب التحرير وتكشف ظلمة الاحتلال، بينما الأغوات الجدد مجرد سراب خادع، ظل لذل تاريخي يكرر نفسه. نقاشنا ليس معهم – فهم خارج دائرة الأمة والخارجون عن صفها – بل هو كشف لخيانتهم وتعرية لدورهم المشبوه. الوحدة الحقيقية هي وحدة الشعوب مع مقاومتها، ووحدة الدم مع الأرض. كل صوت خائن هو جمرة خزي في جبين صاحبه، وكل شهيد في غزة هو شمس عز لا يطمسها ظلام الخائنين. الطريق طويل، لكنه يبدأ بإسقاط أقنعة الأغوات الجدد وفضحهم على الملأ، لأن الخيانة، مهما تزينت وتجملت، تبقى عارًا لا يغسله إلا النصر المبين.









