-
℃ 11 تركيا
-
8 أغسطس 2025
مصطفى إبراهيم يكتب: احتلال غزة.. خطة عسكرية طويلة الأمد بواجهة إنسانية وهدفها التهجير
مصطفى إبراهيم يكتب: احتلال غزة.. خطة عسكرية طويلة الأمد بواجهة إنسانية وهدفها التهجير
-
7 أغسطس 2025, 2:35:21 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
بينما تواصل إسرائيل ترويج خططها لاحتلال قطاع غزة، لا تبدو العملية مجرّد خيار عسكري ميداني، بل حلقة جديدة ضمن استراتيجية أطول أمداً تهدف لتفكيك القطاع جغرافياً وبشرياً. فالتقارير الإسرائيلية الأخيرة، التي تناقلتها وسائل الإعلام العبرية، تكشف عن خطط ذات أبعاد تتجاوز “تحرير الرهائن” أو “تفكيك حماس”، لتدخل في عمق مشروع التهجير المنظم، وتكريس واقع احتلالي جديد في جنوب القطاع ومحيطه.
خطة الاحتلال المطروحة أمام الكابينيت الإسرائيلي ليست مجرد استعراض قوة، بل تنفيذ مدروس لعملية تمتد لشهور، تبدأ من احتلال مدينة غزة والمخيّمات الوسطى، بمشاركة ست فرق عسكرية وبتجنيد واسع لجنود الاحتياط. وتحت شعار “أقصى قوة في أقصر وقت”، تسعى حكومة نتنياهو لإحداث ضغط ميداني هائل يدفع باتجاه تهجير واسع للسكان نحو منطقة “المواصي” جنوب القطاع.
هذا الطرح لا يأتي في فراغ. فالخطة ترتكز على خلق بيئة إنسانية خانقة، تترافق مع تجويع جماعي، ومنع المساعدات، ثم الدفع بـ”خيار الهجرة الطوعية”، الذي لا يعني سوى التهجير القسري على مراحل.
وفي حال تعذّر تنفيذ الاجتياح الكامل، تبحث القيادة الأمنية الإسرائيلية خطة بديلة تقوم على فرض حصار شامل على غزة ووسط القطاع، ومنع دخول المساعدات وتنفيذ غارات محددة. هذه الخطة “الأقل كلفة” ميدانيًا قد تكون تمهيداً للاجتياح الكامل لاحقاً، لكنها تعكس القناعة بأن المعركة لن تُحسم بسرعة.
التقارير الأمنية الإسرائيلية تؤكد أن أحد الأهداف المركزية هو إعادة فتح محور “نتساريم” لعزل مدينة غزة عن محيطها، وتقطيع أوصال القطاع. وهو سيناريو يشي برغبة في فرض وقائع جيوسياسية جديدة، ضمن منطق “إدارة السكان” أكثر من “إدارة المعركة”.
اللافت أن الخطة تأتي مغلّفة بواجهة إنسانية: مليار دولار لإنشاء مراكز توزيع للمساعدات في وسط القطاع، بتمويل أميركي وخليجي جزئي، بهدف “منع حماس من السيطرة على المساعدات”. لكن الواقع على الأرض يقول إن هذه المراكز تحوّلت إلى مصائد موت حقيقية، يقضي فيها المدنيون، وبينهم أطفال ونساء، برصاص جيش الاحتلال.
في موازاة التحضير العسكري، تُطرح على طاولة الكابينيت مقترحات لضمّ المناطق المحاذية لغزة، التي تسيطر عليها إسرائيل منذ بدء الحرب، وترسيخ وجود احتلالي دائم هناك، وهو ما يعكس تواطؤاً سياسياً وأمنياً لتكريس تقسيم القطاع واقعياً.
في السياق السياسي، يسعى نتنياهو إلى الحصول على تفويض حكومي كامل لتنفيذ الاحتلال، وهو يعلم أن مثل هذا القرار لن يُواجَه برفض داخل الكابينيت. في المقابل، يواصل استخدام ملف الرهائن كورقة ضغط لتبرير الخطط العسكرية، رغم إخفاق العمليات السابقة في تحقيق أي إنجاز يُذكر في هذا الملف.
باختصار، ما يبدو كخطة “عسكرية” لتحرير أسرى، أو لإضعاف حماس، يخفي في طيّاته مشروعاً استراتيجياً لتفريغ القطاع، وفرض واقع جغرافي وسكاني جديد، تحت سطوة الجوع والنار. بينما تمارس حماس الصمت من دون أي ردود فعل باستثناء توجيه الاتهامات بتحميل إسرائيل المسوؤلية عن افشال المفاوضات، وهي تعلم خطورة الاوضاع وتنفيذ اسرائيل أهدافها بابادة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
والخطر الأكبر أن هذه الخطط تُطرح علناً، وتُناقش بلا أي ردع دولي، ما يمنح إسرائيل مساحة مفتوحة للمضيّ في سياسة الإبادة، تحت أعين العالم.








