الموقف الدولي المتصاعد

مسؤول "إسرائيلي" سابق يطالبون ترامب بإنهاء الحرب على غزة

profile
  • clock 1 سبتمبر 2025, 2:06:33 م
  • eye 426
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
ترامب

محمد خميس

في تطور لافت يعكس حجم الانقسام داخل الأوساط السياسية والأمنية في "إسرائيل"، خرج نحو 600 مسؤول إسرائيلي سابق من المؤسسة الأمنية والعسكرية والدبلوماسية، بمطالبة واضحة للرئيس الأمريكي السابق والمرشح الرئاسي المحتمل دونالد ترامب بضرورة التحرك الفوري لإنهاء الحرب على غزة. هؤلاء المسؤولون حذروا من أن استمرار العمليات العسكرية سيؤدي إلى نتائج عكسية على أمن "إسرائيل"، وعلى استقرار المنطقة بأسرها، مشيرين في رسالتهم أن حركة حماس لم تعد تشكل تهديدًا إستراتيجيًا يستدعي هذا الحجم من التدمير والمعاناة.

مضمون الرسالة إلى ترامب

المسؤولون السابقون أوضحوا في رسالتهم أن الحرب المستمرة منذ أشهر لم تحقق الأهداف التي أعلنتها الحكومة الإسرائيلية، بل زادت من عزلة "إسرائيل" على الساحة الدولية، ووسعت دائرة الانتقادات الحقوقية والإنسانية. كما شددوا على أن الضرر السياسي والدبلوماسي الناتج عن استمرار الحرب بات أكبر من أي مكاسب عسكرية محتملة.

وأشاروا إلى أن حركة حماس، رغم امتلاكها القدرة على القتال وإدارة المعارك، إلا أنها لم تعد تمثل الخطر الوجودي الذي تروج له القيادة الحالية. بل إن استمرار الحرب يجعلها تكسب تعاطفًا أكبر بين الشعوب العربية والإسلامية، ويضع "إسرائيل" في صورة المعتدي أمام المجتمع الدولي.

تداعيات الحرب على الداخل الإسرائيلي

أقر الموقعون على الرسالة بأن الحرب أضعفت الجبهة الداخلية، إذ يعيش المجتمع الإسرائيلي حالة من الانقسام الحاد بين مؤيد لاستمرار العمليات العسكرية حتى النهاية، ومعارض يطالب بالتهدئة ووقف إطلاق النار. وأكدوا أن طول أمد الصراع يؤدي إلى استنزاف اقتصادي وعسكري، بالإضافة إلى تأثيره المباشر على صورة الجيش الإسرائيلي الذي فشل في حسم المعركة حتى الآن.

كما لفتوا إلى أن آلاف العائلات الإسرائيلية باتت تحت ضغط نفسي متزايد بسبب استمرار الصواريخ من غزة، والخوف من جبهات أخرى قد تشتعل مثل لبنان واليمن، وهو ما يهدد باندلاع حرب إقليمية شاملة.

الموقف الدولي المتصاعد

الرسالة حملت انتقادًا مباشرًا للسياسات الإسرائيلية في غزة، معتبرة أن استمرار قصف المدنيين والبنية التحتية يشكل جريمة إنسانية ويعطي المبرر للمجتمع الدولي لملاحقة "إسرائيل" قانونيًا. وأكد المسؤولون السابقون أن دعم الولايات المتحدة لإسرائيل أصبح محل تشكيك داخل الأوساط الأمريكية نفسها، خاصة مع تنامي الأصوات في الكونغرس والإعلام الأمريكي المطالبة بوقف المساعدات العسكرية.

ورأوا أن ترامب، الذي يطمح للعودة إلى البيت الأبيض، عليه أن يلعب دور الوسيط الفاعل لوقف الحرب، حفاظًا على مصالح واشنطن في المنطقة، وتجنبًا لانزلاق الوضع نحو تهديد السلم والأمن الدوليين.

لماذا اختاروا ترامب؟

اللافت أن الرسالة وُجهت إلى الرئيس الأمريكي السابق دون غيره، وهو ما يعكس قناعة هؤلاء المسؤولين بأن ترامب قد يكون أكثر تأثيرًا على الحكومة الإسرائيلية من الإدارة الحالية بقيادة جو بايدن. فترامب يحتفظ بعلاقات قوية مع بعض التيارات اليمينية في إسرائيل، كما أن فترة رئاسته السابقة شهدت قرارات تاريخية مثل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان.

ويعتقد هؤلاء المسؤولون أن الضغط الذي قد يمارسه ترامب، حتى من خارج السلطة التنفيذية، يمكن أن يدفع نتنياهو إلى إعادة حساباته أو على الأقل فتح باب التفاوض.

حماس لم تعد تهديدًا إستراتيجيًا

من أبرز النقاط التي وردت في الرسالة تأكيد المسؤولين السابقين أن حركة حماس لم تعد تمثل خطرًا إستراتيجيًا على إسرائيل. فبينما تملك الحركة قدرة على المقاومة، فإنها ليست دولة ذات جيش نظامي، ولا تمتلك أسلحة تقليدية قادرة على تهديد وجود "إسرائيل". وبالتالي فإن استمرار استنزاف الموارد والطاقات لمواجهة حماس يعتبر خيارًا غير عقلاني.

كما شددوا على أن الخطر الأكبر الذي يهدد إسرائيل اليوم هو العزلة الدولية وتصاعد الكراهية ضدها، وهو ما يهدد مكانتها الإستراتيجية على المدى البعيد أكثر من أي تهديد عسكري مباشر من غزة.

دعوة إلى التهدئة والحوار

المسؤولون الـ 600 دعوا إلى فتح مسار سياسي جديد يقود إلى تهدئة شاملة، معتبرين أن الحل العسكري أثبت فشله على مدار عقود. وأكدوا أن أي استقرار في المنطقة لن يتحقق إلا عبر التفاوض مع الفلسطينيين، وإيجاد حل سياسي يضمن لهم حقوقهم المشروعة، بما في ذلك إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

كما اقترحوا الاستعانة بوساطات دولية وإقليمية، مثل مصر وقطر والأمم المتحدة، لإطلاق عملية تفاوضية جديدة تضع حدًا للحرب وتفتح الباب أمام مرحلة من التعايش.

الرسالة وصدى الداخل الفلسطيني

في المقابل، رحبت بعض الأوساط الفلسطينية بهذه الرسالة، معتبرة أنها دليل على وجود أصوات عاقلة داخل إسرائيل تدرك خطورة استمرار الحرب. ورأوا أن اعتراف هؤلاء المسؤولين بأن حماس لم تعد تهديدًا إستراتيجيًا يشكل انتصارًا سياسيًا ومعنويًا للمقاومة، ويكشف فشل الدعاية الرسمية الإسرائيلية.

إن خروج 600 مسؤول إسرائيلي سابق للمطالبة بإنهاء الحرب على غزة يعكس حجم الأزمة التي تواجهها إسرائيل في تبرير استمرار العمليات العسكرية. فالخسائر السياسية والدبلوماسية باتت تفوق أي مكاسب على الأرض، وحماس رغم الضربات التي تتعرض لها ما زالت موجودة، بل وتزداد حضورًا على الساحة الإقليمية والدولية.

التعليقات (0)