-
℃ 11 تركيا
-
12 يونيو 2025
ما سر استقرار أسعار النفط رغم التوتر في الشرق الأوسط؟
تحليل اقتصادي يكشف الأسباب
ما سر استقرار أسعار النفط رغم التوتر في الشرق الأوسط؟
-
27 مايو 2025, 2:39:17 م
-
420
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تعبيرية
متابعة: محمد خميس
تساؤلات في الأفق: لماذا لم تقفز أسعار النفط رغم الحروب؟
يثير استقرار أسعار النفط العالمية علامات استفهام لدى المراقبين، خاصة في ظل استمرار العدوان على غزة، وتصاعد التوترات في منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك الهجمات في البحر الأحمر، التي تمر عبره نحو 12% من كميات النفط الخام المنقولة بحراً على مستوى العالم. وبرغم كل ذلك، لا تزال أسعار النفط ضمن نطاق ثابت نسبياً، الأمر الذي يدعو إلى تحليل دقيق لفهم العوامل التي تكبح جماح الارتفاعات الحادة.
ثلاثة أسباب رئيسية خلف استقرار الأسعار بحسب "إيكونوميست"
وفقًا لتقرير نشرته مجلة "إيكونوميست"، فإن هناك ثلاثة عوامل رئيسية تفسّر استقرار أسعار النفط، على الرغم من الأزمات الجيوسياسية المتصاعدة، أبرزها في الشرق الأوسط. وتشير المجلة إلى أن هذه العوامل ستظل مؤثرة خلال عام 2024، مما يعزز من استقرار السوق، على عكس ما يُتوقع عادة في ظل الظروف السياسية المتوترة.
أولاً: تغيّر مراكز الإنتاج عالمياً يقلل من الاعتماد على الشرق الأوسط
السبب الأول يرتبط بمسألة العرض النفطي العالمي. فخلال العقود الماضية، كان الشرق الأوسط يحتكر حصة ضخمة من إنتاج النفط، حيث شكّل 37% من الإنتاج العالمي عام 1974. اليوم، انخفضت هذه النسبة إلى 29%. ويرجع هذا التراجع جزئيًا إلى طفرة النفط الصخري في الولايات المتحدة، والتي جعلت أمريكا مصدّراً رئيسياً للطاقة لأول مرة منذ أكثر من سبعة عقود.
وبالإضافة إلى أمريكا، تسهم كندا ومصادر جديدة أخرى في تغطية معظم الطلب العالمي المتوقع خلال 2024، بحسب وكالة الطاقة الدولية، مما يقلل من تأثير التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط على السوق العالمية.
ثانياً: وفرة الطاقة الفائضة لدى "أوبك" تهدئ المخاوف
العامل الثاني هو القدرة الإنتاجية الفائضة لدى منظمة أوبك. ففي حال حدوث انقطاعات مفاجئة في الإمدادات، يمكن لأوبك التدخل بسرعة لتعويض النقص، ما يحول دون حدوث صدمة في السوق.
تقدّر إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن لدى الدول الأعضاء في أوبك حوالي 4.5 مليون برميل يومياً من الطاقة الفائضة، أي أكثر من إجمالي إنتاج العراق، وهذا ما يطمئن الأسواق ويمنع حدوث ارتفاعات حادة.
ثالثاً: نمو الطلب مستقر ولكن ليس مفرطاً
أما السبب الثالث فيتعلق بمستوى الطلب العالمي على النفط. فعلى الرغم من أن الطلب سجل رقماً قياسياً في عام 2023 ومن المتوقع أن يستمر في الارتفاع عام 2024، خصوصاً بفضل النمو الاقتصادي في الهند، إلا أن هذا النمو لا يُقارن بما شهدته الأسواق في أوائل الألفية.
في المقابل، تشهد الصين، التي تُعد أكبر مستورد للنفط، تباطؤًا اقتصاديًا وهيكلياً يُقلّل من استهلاكها للنفط. ومن المتوقع أن تكون نصف السيارات الجديدة المباعة في الصين كهربائية خلال العام المقبل، كما أن السياسات المناخية في بلدان عديدة بدأت تحدّ تدريجياً من الاعتماد على الوقود الأحفوري.
استقرارٌ مشروط ودروس للسوق
في ظل هذه المعطيات، يبدو أن استقرار أسعار النفط لم يكن وليد الصدفة، بل نتاج عوامل بنيوية وتحولات استراتيجية في خريطة الطاقة العالمية. ومع ذلك، يبقى هذا الاستقرار مشروطًا باستمرار تدفق الإمدادات وعدم خروج التوترات الإقليمية عن السيطرة.
ويبقى السؤال مفتوحًا: إلى أي مدى يمكن لهذه العوامل أن تصمد في وجه أي تصعيد مفاجئ؟ الإجابة مرهونة بالتوازن الدقيق بين الإنتاج والطلب، وبين السياسة والجغرافيا.









