-
℃ 11 تركيا
-
14 يونيو 2025
لماذا حظر الأردن جماعة الإخوان المسلمين؟
رغم دفاعها الدائم عن النظام
لماذا حظر الأردن جماعة الإخوان المسلمين؟
-
28 أبريل 2025, 10:12:39 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
قد تكون الضغوط الإقليمية المنسقة من السعودية والإمارات العربية المتحدة وإسرائيل قد لعبت دورًا في قرار الأردن بحظر أنشطة جماعة الإخوان المسلمين، أكبر جماعة معارضة وأكثرها صخبًا في البلاد.
في وقت سابق من هذا الأسبوع، اتهمت الأردن جماعة الإخوان المسلمين بالتخطيط لتنفيذ هجمات داخل المملكة، وهو الإعلان الذي جاء بعد أسبوع واحد فقط من إعلان الأجهزة الأمنية عن اعتقال 16 شخصًا بحوزتهم أسلحة ومتفجرات.
وفي الأسابيع التي سبقت إعلان الأربعاء، اجتاحت موجة من التحريض ضد الإخوان المسلمين المملكة الهاشمية، قادتها وسائل إعلام موالية للحكومة وحسابات على وسائل التواصل الاجتماعي مرتبطة بالأجهزة الأمنية القوية في البلاد.
وعندما أعلنت السلطات الأردنية في نهاية المطاف عن اعتقال الخلية، رأى المراقبون والمحللون أن نبرة الإعلان وتوقيته يمثلان تتويجًا لحملة سياسية مكثفة ضد الإخوان المسلمين.
ونقلت وسائل الإعلام الرسمية عن متحدث باسم الحكومة قوله إن المشتبه بهم أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين وكانوا يخططون لـ"زرع الفوضى".
في وقت لاحق، بثت وسائل الإعلام الرسمية ما قالت إنها اعترافات لثمانية من المشتبه بهم، أقر ستة منهم بأنهم أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين.
وبعد أسبوع واحد فقط، وقبل إحالة أي من المعتقلين إلى القضاء، أعلنت وزارة الداخلية عن حظر شامل لجماعة الإخوان المسلمين، متهمة إياها بتصنيع الأسلحة وتخزينها والتخطيط لزعزعة استقرار المملكة.
وأضافت الوزارة أنها فتحت تحقيقًا في المؤسسات التابعة للجماعة.
مداهمة مقرات الجبهة والعمل على إلغاء الترخيص
في الوقت نفسه، اقتحمت قوات الأمن مقر جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية للإخوان المسلمين. ورأى العديد من المراقبين أن هذه الخطوة قد تكون مقدمة لإلغاء ترخيص الجبهة بالكامل.
وتُعد جبهة العمل الإسلامي أكبر حزب معارض في الأردن، ولديها 31 نائبًا في البرلمان. وقد حصلت الجبهة على نحو ثلث الأصوات في الانتخابات التي جرت العام الماضي، محققة أكبر انتصار انتخابي لها منذ تأسيسها عام 1992.
وقد نفت جماعة الإخوان المسلمين أي صلة لها بالخلية أو بالمخطط المزعوم، غير أن رد فعلها بدا وكأنه عمّق من أزمتها.
فبدلًا من التعبير عن التضامن مع المعتقلين - الذين أنكروا كذلك التهم الموجهة إليهم وزعموا أن نشاطهم كان يهدف فقط لدعم غزة -، اختارت الجماعة أن تنأى بنفسها عنهم بالكامل.
وقد أدى هذا الموقف إلى نفور الرأي العام وإضعاف قدرة الإخوان المسلمين على مقاومة الحملة الحكومية التي تهدف إلى تفكيك إحدى أقوى القوى السياسية في البلاد.
زيارة مفاجئة للسعودية وعلاقتها بالتصعيد
في 23 أبريل، وبينما كان وزير الداخلية مازن الفراية يؤكد علنًا حظر الإخوان المسلمين ويحذر وسائل الإعلام من نشر بياناتهم أو إجراء مقابلات مع أعضائهم، غادر الملك عبد الله في زيارة غير معلنة إلى السعودية للقاء ولي العهد محمد بن سلمان.
وقد غذّى توقيت الزيارة التكهنات بأن الرياض هي التي تقود الحملة، وأنها قد تمتد قريبًا لتطال جبهة العمل الإسلامي، وربما تصل إلى حظرها بشكل كامل.
وبهذا، بدا أن الدولة الأردنية تدشن لمرحلة جديدة في علاقتها مع جماعة الإخوان المسلمين.
تمهيدًا لزيارة ترامب
لطالما قادت السعودية والإمارات جهود تقويض جماعة الإخوان المسلمين في المنطقة.
وقد دعمتا معًا انقلاب الجيش المصري عام 2013 على حكومة الإخوان، واستمرتا في دعم حملة القمع التي أعقبت ذلك، والتي أدت إلى سجن آلاف من أعضاء الجماعة.
ويعتقد بعض المحللين أن الحملة الأردنية تأتي تحت ضغط منسق من السعودية والإمارات وإسرائيل.
ويأتي التصعيد في ظل أكثر من 18 شهرًا من الاحتجاجات شبه اليومية في الأردن دعمًا لحركة حماس وتنديدًا بالحرب الإسرائيلية على غزة.
وقد توجهت المظاهرات مرارًا نحو الحدود الإسرائيلية واستهدفت السفارة الإسرائيلية في عمان.
وقال صحفي أردني تحدث لموقع "ميدل إيست آي" بشرط عدم الكشف عن هويته، إن توقيت الحظر قد يكون مرتبطًا أيضًا بالتحركات الدبلوماسية الإقليمية.
وأضاف: "تأتي هذه الحملة قبيل زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المرتقبة إلى المنطقة. ربما تكون خطوة استباقية من الأردن لإقناع ترامب باستئناف المساعدات الأمريكية المعلقة".
وتابع الصحفي: "السعودية والإمارات ليستا بعيدتين عما يحدث في الأردن، واجتماع الملك عبد الله مع الأمير محمد بن سلمان يؤكد ذلك".
واختتم بالقول: "قد يسعى الأردن لإرضاء السعوديين على أمل تأمين دعم مالي يعوضه عن فقدان المساعدات الأمريكية التي علقها ترامب".
الإخوان المسلمون ودورهم في دعم النظام الملكي
يقول العديد من المراقبين في الأردن إن جماعة الإخوان المسلمين كانت ركيزة للاستقرار في المملكة منذ تأسيس الدولة الأردنية عام 1946.
وقد يؤدي القضاء على الجماعة من الحياة السياسية إلى إرضاء الدول المجاورة، لكنه يشكل أيضًا تهديدًا للاستقرار الداخلي، باعتبار أن الجماعة كانت جزءًا أساسيًا من النظام السياسي طوال ثمانية عقود.
تأسست جماعة الإخوان المسلمين في الأردن عام 1945، وحضر الملك عبد الله الأول حفل افتتاح أول مقر لها.
وقد تواصل موقع "ميدل إيست آي" مع عدة شخصيات داخل الجماعة، بالإضافة إلى محللين وصحفيين مستقلين، إلا أن الجميع رفضوا التعليق بسبب المرسوم الأخير الذي يحظر مناقشة الجماعة أو الدفاع عنها أو الترويج لأفكارها أو المشاركة في أنشطتها أو تداول بياناتها ومواقفها على وسائل التواصل الاجتماعي.
طوال هذه الفترة، كانت الجماعة مرخصة وتعمل بشكل قانوني. وعندما أصدرت الحكومة الأردنية مرسومًا بحل الأحزاب السياسية عام 1957، تم استثناء جماعة الإخوان المسلمين، لتبقى فاعلة سياسيًا واجتماعيًا.
مواقف الإخوان الداعمة للنظام خلال الأزمات
دعمت جماعة الإخوان المسلمين النظام السياسي ووقفت بجانب الملك خلال عدة أزمات خطيرة هددت بإسقاط الملكية.
ففي عام 1957، وقفت الجماعة مع الملك حسين ضد محاولة انقلاب قادها رئيس الوزراء سليمان النابلسي وحركة "الضباط الأحرار" بقيادة علي أبو نوار.
وقد حصل هؤلاء الضباط على دعم من الرئيس المصري آنذاك جمال عبد الناصر، لكن المحاولة أخفقت في الأردن، في حين نجح انقلاب مماثل في العراق عام 1958 وأطاح بالملكية الهاشمية هناك.
وفي عام 1970، وقعت أكبر مواجهة عسكرية بين الجيش الأردني وقوات منظمة التحرير الفلسطينية، فيما عُرف بحرب أيلول، وشكلت تهديدًا خطيرًا للملكية الأردنية.
رغم امتلاك جماعة الإخوان المسلمين كتيبة شاركت مع قوات المقاومة الفلسطينية، إلا أنها ألقت السلاح ورفضت خوض مواجهة مسلحة مع الجيش الأردني، بحسب ما ذكره النائب والمحامي صالح العرموطي في كلمة له بالبرلمان مؤخرًا.
كما وقفت الجماعة إلى جانب النظام خلال "هبة نيسان" عام 1989 التي كادت تطيح بالحكم.
جاءت هذه الهبة عقب انهيار سعر صرف الدينار الأردني وارتفاع حاد في أسعار السلع الأساسية، ما أثار موجة غضب واسعة.
وانتهت الأزمة بإعلان "التحول الديمقراطي" وإجراء انتخابات برلمانية ذلك العام، حيث فازت جماعة الإخوان بثلث مقاعد البرلمان.
وفي عام 1996، دعمت الجماعة النظام مرة أخرى خلال "هبة الخبز"، التي اندلعت بعد قرار حكومي برفع أسعار الخبز، وأدت إلى سقوط حكومة عبد الكريم الكباريتي.
وخلال الاحتجاجات، أشاد الملك حسين بجبهة العمل الإسلامي وأشار إلى أنها لم تشارك في الاحتجاجات ولم توافق عليها، مما ساعد على تهدئة الأوضاع.
تحولات جذرية في المشهد السياسي الأردني
يمر الأردن بتحول سياسي كبير، حيث بات واضحًا أن المؤسسة السياسية باتت تنظر إلى جماعة الإخوان المسلمين كعبء، وتعتقد أن القضاء على الجماعة قد يفتح المجال لعلاقات أفضل مع السعودية والإمارات وإسرائيل.
كما تأمل الحكومة الأردنية أن تسهم هذه الخطوة في إقناع إدارة ترامب باستئناف المساعدات المالية إلى المملكة.










