"لا خيار أمامنا إلا بتر أعضاء المرضى والمصابين".. جرائم الهولوكوست الإسرائيلي في غزة

profile
  • clock 14 سبتمبر 2025, 12:05:53 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

متابعة: عمرو المصري

بعبارات موجعة ومثقلة بالمرارة، لخّص مدير وزارة الصحة في غزة الدكتور منير البرش حجم الكارثة الطبية التي يعيشها القطاع تحت الحصار الإسرائيلي الخانق، قائلاً: "لا خيار أمامنا إلا بتر أعضاء المرضى والمصابين". هذا التصريح لم يكن مجرد وصف لحالة عابرة، بل شهادة قاطعة على أن المنظومة الصحية في غزة وصلت إلى مرحلة الانهيار الكامل، بعد منع الاحتلال إدخال المضادات الحيوية والأدوية الأساسية، ما جعل آلاف المرضى أمام مصير غامض بين الموت أو البتر.

وأكد البرش أن الجرحى لا يقتلون برصاص الاحتلال وحده، بل تفتك بهم الميكروبات المقاومة للمضادات الحيوية، إذ لم يعد أمام الأطباء سوى اللجوء إلى بتر الأطراف لإنقاذ حياة الجرحى. وأوضح أن هذه المرحلة تعني بلوغ الأزمة الصحية في غزة نقطة "اللا عودة"، حيث يجد الطبيب نفسه مضطراً إلى اتخاذ أقسى الخيارات: إما البتر أو الموت. وسأل بمرارة: "هل أصبح الطب هو البتر؟"، مشيراً إلى أن الأطباء يواجهون يومياً مشاهد قاسية لإنقاذ طفل أو شاب أو امرأة بلا أي خيار سوى بتر ساق أو يد، في ظل حرمان الاحتلال للمرضى من العلاج.

إبادة صحية مكتملة

البرش شدد على أن الاحتلال لم يكتف بالقصف المتواصل على المساكن والمستشفيات والمدارس وحتى الخيام، بل تعمد كذلك حرمان المرضى من الدواء، ليواجهوا أجساداً لا تستجيب للعلاج. وأشار إلى أن الساعات الماضية شهدت أشد القصف الذي استهدف مقومات الحياة في غزة، وقتل الأطفال والنساء، وحرم السكان من الماء والدواء والغذاء، لتتشكل بذلك أمام العالم ملامح جريمة إبادة صحية مكتملة الأركان.

وأضاف أن عملية عربات جدعون الثانية التي أطلقها الاحتلال في 13 أغسطس/آب الماضي أسفرت عن سقوط 1891 شهيداً بينهم 482 طفلاً و174 امرأة و75 من كبار السن، ما يعني أن 38% من الضحايا كانوا من النساء والأطفال والشيوخ، وهو ما يعكس بوضوح طبيعة العدوان الاستئصالي الذي يستهدف المدنيين أولاً.

صمت دولي مدوٍّ

تصريحات البرش أثارت موجة واسعة من الغضب على منصات التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر مغردون أن الصمت الدولي يزيد من حجم المأساة، بينما تتدفق من غزة مشاهد يومية لا تترك مجالاً للشك بأنها جريمة إبادة جماعية موثقة بالصوت والصورة. ووصف ناشطون ما يجري بأنه "خبر مبكٍ" يشاهده العالم في بث حي دون أن يتحرك، وكأن الأرواح تزهق في فراغ بلا صدى.

ورأى مدونون أن الكارثة الصحية في غزة ليست أزمة إنسانية محصورة جغرافياً، بل فضيحة أخلاقية كبرى تضع ضمير البشرية على المحك. فحين يُحاصر الدواء وتُمنع المضادات الحيوية، يتحول المرضى إلى ضحايا بلا خيار، ويغدو البتر هو العلاج الوحيد. أحد النشطاء كتب قائلاً: "هذا تفصيل بسيط يغرق في بحر الكوارث اليومية في قطاع غزة، لكنه فاجعة كبرى بحد ذاته"، فيما علّق آخر: "الإبادة الصحية في غزة… حتى الدواء يحاصر".

 

مختبر مفتوح للموت

مغردون آخرون حذروا من أن ما يحدث في غزة لا يقتصر على كونه أزمة محلية، بل يمثل تهديداً عالمياً. فانتشار مقاومة المضادات الحيوية يعني ولادة بكتيريا فتاكة لا توقفها أي أدوية متاحة، ما يحوّل غزة إلى "مختبر مفتوح للموت". هذا التحذير يكشف أن الحصار الطبي على غزة لن تكون تداعياته محصورة على أهلها وحدهم، بل قد يمتد أثره إلى العالم كله، ليصبح صمت المجتمع الدولي ليس فقط تواطؤاً على جريمة، بل مجازفة خطيرة بأمن الصحة العالمية.

التعليقات (0)