فرقة أوريا: المستوطنون الذين يهدمون غزة بأموال طائلة تحت أعين الجيش

profile
  • clock 3 سبتمبر 2025, 10:51:56 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

متابعة: عمرو المصري

كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية، اليوم الأربعاء، عن وجود فرقة غير نظامية تسمى "أوريا"، تضم مستوطنين إسرائيليين من الضفة الغربية، تعمل منذ عام داخل قطاع غزة بمهام تدمير ممنهجة لمنازل الفلسطينيين وبنيتهم التحتية. الصحيفة أوضحت أن هذه القوة تعمل تحت إشراف شكلي من الجيش الإسرائيلي، لكنها في الواقع تتحرك بشكل مستقل، ما يعرّض حياة الجنود الإسرائيليين والفلسطينيين العُزّل لخطر كبير.

وبحسب التقرير، فإن هذه الفرق تُدخل الجنود إلى مبانٍ وأنفاق قد تكون مفخخة أو يتواجد فيها مقاومون، كما تُستخدم الفلسطينيين كدروع بشرية، بينما يظل مستوى الرقابة العسكرية عليها غير واضح، ما يثير أسئلة جدية حول طبيعة نشاطها وحدود سلطة الجيش عليها.

خلفيات ودوافع

الصحيفة أشارت إلى أن "قوة أوريا" ترتبط باسم بتسلئيل زيني، شقيق رئيس جهاز "الشاباك" الجديد ديفيد زيني، وتُعتبر إحدى أبرز فرق التدمير في غزة. أفرادها، وغالبيتهم مستوطنون متطرفون من الضفة، يظهرون في مختلف المناطق مستخدمين جرافات وآليات هندسية ثقيلة لهدف واحد هو تدمير المباني والأنفاق.

المثير أن هذه القوة ليست إطارًا عسكريًا منظمًا، بل نشأت بمبادرات خاصة، حيث يُجند المدنيون عبر شركات مقاولات ويُلحقون بالاحتياط، في نموذج يدمج بين الأيديولوجيا الاستيطانية والربح المالي. فبحسب الصحيفة، يحصل كل عنصر من هذه الفرق على نحو 6 آلاف شيكل يوميًا (1775 دولارًا)، وهو ما يجعل التدمير تجارة مربحة إلى جانب كونه مشروعًا سياسياً.

تهديد للفلسطينيين والجنود

الخطورة لا تتعلق بالفلسطينيين وحدهم، بل تمتد إلى الجنود الإسرائيليين أنفسهم. قادة ميدانيون في غزة أكدوا للصحيفة أن عناصر "أوريا" لا يلتزمون بإجراءات السلامة ولا يبلغون الوحدات العسكرية بتحركاتهم، الأمر الذي أدى إلى مقتل جنود في أكثر من واقعة.

ومن بين الأمثلة التي ذكرتها "هآرتس"، مقتل أبراهام أزولاي (25 عامًا)، وهو مستوطن من مستوطنة يتسهار، بعد إصابته برصاصة أثناء قيادته جرافة بخان يونس قبل نحو شهرين، بينما كان يشارك في عمليات هدم. قادة عسكريون شددوا على أن تجاهل الجيش لهذا الوضع والفشل في التحقيق فيه سيؤدي إلى "المزيد من الوفيات"، معتبرين أن السماح لسائقي الجرافات بإبداء الرأي حول دخول المباني أو التعامل مع الأنفاق هو خطأ فادح.

غطاء عسكري وإنكار رسمي

ورغم الشهادات الميدانية، حاول الجيش الإسرائيلي نفي الاتهامات، قائلاً للصحيفة إن "قوة أوريا" مجرد وحدة من جنود الاحتياط تشغّل معدات هندسية جنوب القطاع، وإن الادعاءات حول كونها قوة غير نظامية تعرض الجنود للخطر "باطلة". لكن إفادات الضباط والجنود الاحتياط تؤكد العكس: هذه المجموعات تعمل بلا إشراف حقيقي، خارج أي إطار منظم، وبوسائل فوضوية تجعلها مصدر تهديد مزدوج على الفلسطينيين والجيش نفسه.

الصحيفة لفتت أيضًا إلى أن أعضاء "أوريا" يتم تجنيدهم عبر مجموعات على وسائل التواصل الاجتماعي، معظمهم من المستوطنات، وكثير منهم ناشطون بارزون في أوساط اليمين المتطرف. وهو ما يعكس أن المشروع ليس مجرد استجابة لحاجة عسكرية، بل امتداد لنهج استيطاني يرى في غزة أرضًا مباحة للتدمير والتهجير.

إبادة مستمرة بدعم أمريكي

هذا الكشف يأتي في سياق الإبادة الجماعية المستمرة التي ترتكبها إسرائيل في غزة بدعم مباشر من أمريكا منذ 7 أكتوبر 2023، وتشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري. وبحسب الإحصاءات الأخيرة، أسفرت المجازر عن أكثر من 63,633 شهيدًا و160,914 جريحًا، معظمهم من النساء والأطفال، فضلًا عن آلاف المفقودين ومجاعة أودت بحياة مئات الفلسطينيين، بينهم 131 طفلًا.

وجود مثل هذه الفرق غير النظامية، التي تجمع بين الاستيطان والتدمير والربح المالي، يكشف أن حرب غزة ليست مجرد مواجهة عسكرية، بل مشروع استيطاني ممتد، يُدار بمزيج من التطرف الأيديولوجي والفوضى الأمنية، وبمباركة رسمية وصمت دولي.

التعليقات (0)