فراس الحمداني يكتب: مشروع نيابي ام دكان انتخابي؟

profile
فراس الحمداني كاتب واعلامي عراقي
  • clock 27 يوليو 2025, 11:37:48 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

في البداية لابد لي ان التمس العذر من الجمهور العربي الكريم المتحمس للانتخابات قبل ان اشرع بكتابة هذا المقال الذي لا يعرف المجاملة ولا يحترف التزويق فالحديث اليوم موجع لكنه ضروري والعتب كل العتب على من يرى الواقع كما هو ثم يصمت أو يبرر أو يتأقلم مع الواقع بأخطائه وكأنها قدر مكتوب .

حين نفتح أعيننا على ما حولنا وتحديدا في مدينة مثل كركوك نرى بأم أعيننا كيف استطاعت القوى السياسية الكردية والتركمانية أن تبني أحزابا راسخة الجذور مترامية الأذرع تمتلك مقرات كبيرة و دائمة واتحادات شبابية فاعلة وملتقيات ثقافية نابضة بالحياة وأندية رياضية مكللة بالحيوية وجمعيات نسوية تعبر عن طموحات المرأة وتدافع عن حقوقها و نراها تملك قنوات فضائية وإذاعات محلية وصحف ومجلات لا تنقطع عن خطابها ولا تتوقف عن بث رسائلها إلى جمهورها على مدار الساعة لتلبي كل احتياجاته على مختلف الاصعدة .


وبالمقابل تقف الاحزاب العربية بلا مشروع واضح وبلا رؤية بعيدة المدى وبلا تنظيم حزبي متكامل فنحن نفتقر إلى قيادة موحدة تجمع ولا تفرق تبني ولا تهدم تقرأ التحولات وتواكب المتغيرات وتنهض بالواقع العربي الذي أنهكته الانقسامات وأضاعته العشوائية .. لا يوجد مشروع سياسي عربي متكامل يليق بتطلعات الناس لا توجد مؤسسات حقيقية ولا تنظيمات راسخة ولا فروع شبابية ولا أنشطة ثقافية ولا خطاب موحد يلامس هموم المواطن العربي أو يطرح حلولا واقعية لمشكلاته .. وفي كل دورة انتخابية نرى المشهد يتكرر مجموعات صغيرة تظهر فجأة وتختفي فجأة مقرات حزبية مؤقتة تفتح في بيوت مؤجرة تستقبل الضيوف بالأعلام والصور والشعارات ثم تغلق أبوابها بعد أشهر معدودة وكأنها لم تكن موجودة وخاصة ان خسرت للمعركة الانتخابية .. 


نحن لا نرى مشاريع سياسية اسوة بقريناتها بالمحافظة بل نرى دكاكين انتخابية تفتح كل أربع سنوات وتغلق بعد أن تؤدي الغرض وهو الفوز بمقعد نيابي أو ضمان صفقة سياسية أو كسب نفوذ شخصي او حتى مبلغ مالي .. وهذا كل شيء لا أكثر ولا أقل.


والفرق بين الحزب والمشروع من جهة وبين الدكان والمصلحة من جهة أخرى هو أن الأول يعيش بين الناس طوال الوقت ويخدمهم في السراء والضراء أما الثاني فهو ضيف موسمي لا يظهر إلا عند الحاجة ثم يتبخر مع أول غروب .. وانا على يقين ان هناك نخبة واعية من الجمهور لم تعد تنخدع بالشعارات ولم تعد تؤمن بالوجوه المكررة ولا بالوعود الفضفاضة بل تبحث عن مشروع حقيقي يبني مؤسسات ويربي كوادر ويوحد الكلمة ويرسم طريقا واضحا للأمل .


والسؤال الذي يجب أن نطرحه على أنفسنا بكل صدق وبدون مكابرة هو : 
هل نحن فعلا أمام مشروع نيابي عربي يحمل ملامح الدولة ويحاكي تطلعات المواطن أم أننا أمام دكاكين انتخابية تفتح وتغلق في وقت محدد ثم تختفي كأن شيئا لم يكن ؟؟؟
والجواب عندكم و بحسب رؤيتكم .


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)